علي عية يحرمه مطلقا بعد نفخ الروح في الجنين أثارت قضية الإجهاض التي جاء بها مشروع قانون الصحة الجديد، جدلا واسعا في المجتمع بمختلف أطيافه، خاصة بعد الفتوى التي أطلقها الشيخ علي عية، بحرمة الإجهاض مطلقا بعض نفخ الروح. كما اختلفت الرؤى على مستوى لجنة الصحة بالمجلس الشعبي الوطني، حيث يرافع بعض النواب لإسقاط الإجهاض بالنسبة للجنين المشوه، في حين يدافع البعض الآخر عن الإبقاء عليه. ووجه الشيخ علي عية، إمام أستاذ رئيسي بالمسجد الكبير وشيخ الزاوية العلمية لتحفيظ القرآن وعضو المجلس العلمي وأمين مجلس اقرأ بورڤلة، رسالة إلى لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتكوين المهني بالمجلس الشعبي الوطني، بمناسبة مناقشة المادة التي يتضمنها مشروع قانون الصحة الجديد والتي تنص على الإجهاض، واعتبر عية أنه بعد نفخ الروح في الجنين بعد الشهر الرابع "لا يجوز إسقاطه أبداً عند أكثرية العلماء بأي حال من الأحوال"، مضيفا أما إذا كان الجنين "سببا في موتها فلا بأس بتعاطي أسباب إخراجه حذراً من موتها لأن حياتها ألزم عند الضرورة القصوى"، على أن يكون ذلك ب«تقرير طبيبين فأكثر ثقات أن بقاءه يضرها وأن عليها خطراً بالموت". وذكر عية فتوى ذهب إليها المالكية ، مفادها "عدم الجواز مطلقا"، مضيفا أنه قول لبعض الحنفية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة "لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوما وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعا انتهى"، مشددا على أنه "لا يجوز إسقاطه خشية المشقّة في تربية الأولاد أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد" ونحو ذلك من المبررات "غير الشرعية". أما حكم الإجهاض للمغتصبة بعد نفخ الروح في الجنين، قال عية أنه "أجمع الفقهاء على حرمة قتل الجنين بعد نفخ الروح فيه"، أي بعد مرور مائة وعشرين يوماً منذ بداية الحمل "فلا يجوز قتله إلا إذا كان استمرار الحمل يؤدي إلى وفاة الأم"، مشددا على أنه "إذا نفخ فيه الروح فإنه قتل نفس إجماعاً". وفي السياق ذاته، أعلن محمد بوعبد الله، رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتكوين المهني، في تصريح له ل«قناة البلاد" أنه شخصيا يعارض تقنين الإجهاض في حال تشوه الجنين، فيما اعتبر أنه إذا كان الجنين يشكل خطرا بينا على صحة الأمة فلا اعتراض حينها على مسألة الإجهاض، وهو الأمر الذي يتماشى مع الفتوى التي جاءت في الرسالة الموجهة إليه من طرف الشيح علي عية. من جهة أخرى، سبق وأن استنكر محمد بقاط بركاني، رئيس عمادة الأطباء، طرح مشروع قانون الصحة الجديد على لجنة الصحة في المجلس الشعبي الوطني، دون أن تأخذ الوصاية بعين الاعتبار المسودة التي رفعت لها في وقت سابق من قبل مختلف الهيئات والتنظيمات النقابية الفاعلة في ميدان الصحة، وقال بركاني في تصريح سابق ل«البلاد" إن العديد من الأطباء والهيئات الفاعلة في هذا المجال تتبرأ من مضمون هذا القانون الذي تضمن أكثر من 40 مادة تجرم الطبيب والطاقم الطبي، معتبرا أنه جاء كخطوة "متسرعة" من قبل الحكومة وفي ظرف غير ملائم تماما. كما تضمن مشروع القانون تقنين عملية الإجهاض وتوسيع الحالات التي تسمح به في مقدمتها الحالة الصحية للجنين ووجود تشوه خلقي فيه، أو تأثيره المباشر على حياة الأم وتعرضها لخطر الموت في حال استمرار الحمل، وبهذا الخصوص اعتبر بقاط بركاني أن الإجهاض "خاضع لتقدير الطبيب والظروف الصحية للأم والجنين، وطبعا مع موافقة الوالدين، ونحن نرفض أن يتم إدخال أحكام فلسفية أو غيرها في هذا الخصوص". وأعلن وزير الصحة وإصلاح المستشفيات، البروفيسور مختار حسبلاوي، خلال عرضه مشروع قانون الصحة على اللجنة المختصة في المجلس الشعبي الوطني، أن قضية الإجهاض تبقى مجرد اقتراح ضمن مشروع قانون الصحة "وسيتم الأخذ برأي الدين في هذا الشأن". فيما تنص المادة 80 "أنه عندما تكون حياة الأم أو صحتها معرضة للخطر بسبب الحمل، يجب على الطبيب المعالج إعلام الزوجين واتخاذ بموافقتهما، التدابير العلاجية التي يراها ضرورية". في حين تضيف الفقرة 2 من المادة 81 "غير أنه، إذا كانت حياة الأم في خطر، يمكن للأطباء المتخصصين المعنيين اتخاذ قرار إيقاف الحمل"، وتؤكد المادة 83 من مشروع القانون أنه "لا يمكن إجراء الإيقاف العلاجي للحمل إلا في المؤسسات العمومية الاستشفائية".