تداول مؤخرا العديد من شباب الفايسبوك صورا لمنتجات جزائرية تباع في الأسواق القطرية، خاصة بعد الأزمة السياسية التي مرت بها هذه الدولة، غير أنه لا أحد تأكد من صدق الصورة وحقيقة غزو منتجاتنا للأسواق القطرية، غير أن مراد ملاح، رئيس اللجنة الاقتصادية في رابطة الجالية الجزائريةبقطر، أكد لنا تصدير ما لا يقل عن 15 طنا يوميا من المنتجات الغذائية، بما تفوق قيمة الصادرات الجزائرية 10 ملايين دولار.
سأله : عبد الله ندور
- أولا كيف تعرف نفسك لقراء جريدة البلاد؟ السلام عليكم وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، تحية لكم ولجريدة البلاد، إحدى قلاع الصحافة الوطنية، ذات البعد الرسالي ومن خلالكم تحية للقراء في وطننا الحبيب.. أنا مراد ملاح مهندس دولة في البيوتكنولوجيا خريج جامعة الشلف، مدير شركة طبية بدولة قطر حيث أقيم، رئيس اللجنة الاقتصادية برابطة الجالية، كاتب ومدون عبر جرائد في الجزائر وفي قطر، كما أكتب أيضا عبر مدونات الجزيرة وهلفنغتون بوست عربي، لم أختر الغربة بل هي اختارتني ولا أزال أتنفس حب الجزائر في كل دقيقة وثانية.
تداول مؤخرا بعض النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورا لبعض المنتجات الجزائرية في الأسواق القطرية، ما حقيقة ما تم تداوله؟ بلا شك فقد عرف السوق القطري دخول المنتجات الجزائرية تباعا، وقمنا كرابطة جالية مقيمة بقطر بإطلاق مبادرة لتعزيز حضورها وتواجدها بالسوق القطري خدمة لجاليتنا من جهة بتوفير منتجات لا نزال نرتبط بها وجدانيا، أو كما نقول في الجزائر "ريحة البلاد"، ومن جهة ثانية خدمة للاقتصاد الوطني فإيجاد أسواق خارجية يسمح بنمو وتطور شركاتنا الوطنية، ويوفر العملة الصعبة للخزينة العمومية، ناهيك عن أنه يعزز التنمية من خلال تطوير رقم أعمال هذه الشركات عساها توظف أكثر لاستيعاب الطلبات في أسواق خارجية.
ما هو دور الرابطة في دخول المنتجات الجزائرية للأسواق القطرية؟ كما أسلفت نحن في رابطة الجالية الجزائرية أنهينا فراغا في التمثيل الرسمي للجالية دام أكثر من سبع سنوات، وحاولنا منذ البداية العمل في كل الاتجاهات سواء كانت اجتماعية، رياضية، ثقافية، علمية واقتصادية بما يخدم مصلحة الجالية أولا، وبما يخدم مصالح وطننا الجزائر، حيث نحس بمسؤولية تمثيله ودعم مصالحه، ومن هنا جاءت مبادرتنا لتذليل أي عقبات قد تواجه الشركات الجزائرية الراغبة في التصدير نحو السوق القطري. دخلنا في تواصل مباشر مع العديد منها كما قمنا بربطها مع نظيراتها القطرية، وضعنا تحت تصرف الشركات الجزائرية كل ما أمكننا جمعه من بيانات وإحصاءات عن السوق القطري، وطبيعة السلع الموجودة مصدرها أسعارها حتى نسمح لشركاتنا الجزائرية بالتخطيط الجيد لدخول السوق القطري. وتفاوضنا لصالح تخصيص جناح كامل للشركات الجزائرية بمعرض قطر الدولي للأغذية، بل حصلنا على أسعار تفضيلية لشركاتنا، ورافقناها منذ وطئت أرض قطر إلى غاية مغادرة آخر مشارك.
ما هي نتيجة مشاركة المؤسسات الجزائرية في هذا المعرض؟ لقد تكلل هذا الحضور بتوقيع عديد الاتفاقيات، واليوم يتم تصدير يوميا ما لا يقل عن 15 طنا من البيض، ومنتجات الحليب ومشتقاته، بل توسطنا أيضا لدى شركة الخطوط الجوية القطرية لرفع طاقة الشحن، وهذا ما تم عبر تخصيص على الأقل رحلة واحدة أسبوعيا لطائرة شحن كبيرة حتى نسمح بتصدير أكبر كمية من الجزائر إلى قطر، خاصة وأن الحمولة الحالية قليلة جدا مقارنة بالطلبات الموجودة، حيث يتم شحن عبر رحلة المسافرين العادية واليومية.
هل وجدتم دعما من السفارة الجزائرية في دولة قطر؟ إلى حد ما نعم، ولو أن ثقافة وجود متطوعين شغوفين بخدمة بلدهم تبدو دوما محل استغراب، لكن عموما سفارتنا ترعى عمل الرابطة، وكل جهودنا في تعزيز هذه المساعي يمر عبر التواصل والتشاور معهم، على أمل أن نضع حدا لانزعاج أبدته السفارة من عملنا التطوعي ووجود اعتقاد أننا نزاحم العمل الدبلوماسي، وهو ما أود نفيه، حيث إننا نحفظ للهيئات الرسمية مكانتها ودورها ولا نجد حرجا في أن نمارس رسالتنا كجزائريين بالمهجر والمتمثلة في خدمة وطننا. وعموما هناك تعاون وتنسيق نرجو أن يصاحبه صفاء الاعتقاد بأننا لا نزاحم أحدا ولا نزايد على أحد، كما نتمنى أن ينظر إلى جهودنا التطوعية بحسن نية بعيدا عن تفاسير الهدف منها تكريس قطيعة بين الجزائر وأبنائها ممن يحملون هم الوطن والمساهمة في تنميته بكل ما هو متاح. وأؤكد أننا لا نرجو من ذلك لا جزاء ولا شكورا، وأؤكد أن القول إن الجزائريين في المهجر آخر همهم الجزائر ادعاء كاذب الهدف منه التقليل من وطنيتهم، وسيشهد التاريخ ويسجل أن حبنا لوطنا وحرصنا على مصالحه يسري في دمائنا وسيبقى نهجنا في الحياة ببساطة لأن الجزائر في قلوبنا.
هل المستثمرين وأرباب العمل الجزائريين مهتمين بالسوق القطرية؟ نعم، والكثير منهم زارنا في الدوحة وعقد لقاءات مستفيضة مع جهات قطرية، بل حتى الطلبات التي تردنا بالمساعدة وتسهيل التواصل تفوق أحيانا كثيرة قدرتنا على التوفيق بينها، لكننا لا ندخر جهدا بتاتا في تقديم كل ما يخدم هذا التوجه والاهتمام الجزائري بالسوق القطرية.
هل يمكن للمنتج الجزائري أن ينافس المنتجات الأخرى المعروضة في الأسواق القطرية وحتى الخليجية منها؟ يمكنه أن ينافس ويتفوق أيضا، لأن منتجاتنا ليست أقل من نظيراتها، حيث نتمنى أن يتدارك المنتجون الجزائريون أهمية الكتابة بالانجليزية والعربية على منتجاتهم بدل الفرنسية، والرجاء موصول لوزارتي الفلاحة والصحة بتسريع وتيرة استخراج شهادات التحاليل، حيث تفقد منتجات الحليب واليوغرت والألبان والأجبان ما لا يقل عن ثمانية أيام من عمرها المقدر بشهر، وهو ما يؤثر على دورتها في السوق القطري.
من يتكفل بنقل المنتجات الجزائرية للأسواق القطرية؟ عبر الخطوط الجوية القطرية كما أسلفت الذكر، وهذا ما يتعلق بالمنتجات التي تقل صلاحيتها عن شهر، بينما تصل الخضر وبعض العصائر عبر البحر، إذ يتطلب وصول الحاوية من الجزائر إلى الدوحة 45 يوما، حيث تمر الحاويات عبر ميناء طنجة المغربي، ثم صلالة العماني وصولا إلى الدوحة.
نود من خلالكم أن نتعرف على المنتجات الجزائرية التي تسوق حاليا في دولة قطر؟ المنتجات الجزائرية في قطر تتركز أساسا في منتجات الحليب ومشتقاته، مثل البيض الخضر والفواكه، التمور بصفة خاصة، المعجنات، الحلويات، زيوت المائدة، السكر وغيرها. وهناك اهتمام سجلناه ببعض المنتجات الكهرومنزلية قد يتمخض عنه قريبا شراكة في التوزيع والتصنيع.
ما هي المنتجات التي يطلبها المستهلك القطري؟ المستهلك في قطر ذكي وواعي ومتطلب، ويشترط الجودة ولا ينتبه كثيرا إلى الأسعار بقدر ما تهمه الجودة وهناك صناعات محلية قطرية صارت أقوى بعد الحصار على قطر، ولا يزال المجال متاحا لمنتجات يكثر عليها الطلب، خاصة في مجال الأغذية ومجال الأدوية وكذا مواد البناء.
هل يمكن الخروج من الظرفية في تصدير المنتجات الجزائرية إلى قطر (بالنظر للظروف السياسية) إلى الشراكة والاستثمار والمستدام؟ وكيف ذلك؟ يمكن الخروج من الظرفية إذا قمنا كطرف جزائري بعمل منهجي عميق يبدأ بالتخطيط الجيد والتواصل الفعال والتنفيذ المحترف، والعمل على تقريب المتعاملين الاقتصاديين من بعض وتذليل العقبات التي لا تزال تواجه شركاتنا الوطنية وحل مشكلة الشحن وبطء الإجراءات الإدارية، وكذا تحسين أدائنا في التسويق والترويج وتعزيز قدراتنا في التخزين المبرد والتعبئة والتغليف بأشكال عصرية وتصاميم جميلة، بالإضافة لمساهمة وزارة الخارجية مباشرة أو عبر السفارة وتمكين الشركات الوطنية من عقود طويلة الأمد مع موردين أو شركات كاترينغ، كلها في اعتقادي عوامل مهمة للانتقال من حالة رد الفعل إلى الفعل المستمر عبر الزمن بما يخدم اقتصادنا الوطني ومصلحة بلادنا.
ما هو حجم التبادلات التجارية بين البلدين في تقديركم، خاصة ما يتم تصديره من الجزائر نحو دولة قطر؟ التبادل التجاري لا يزال دون تطلعاتنا كشعبين شقيقين ودولتين تربطهما عديد الأواصر والوشائج. الواردات الجزائرية إلى قطر ارتفعت هذه السنة بشكل كبير جدا، وانتقلت من أقل من عشرة ملايين دولار سنة 2016 إلى أكثر من الضعف تماما هذه السنة، على أمل أن ترتفع هذه الأرقام بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.