تميزت سنة 2017 المنقضية، بولاية المدية، بوضع حيز الخدمة العديد من أقسام مشروع ازدواجية طريق الشفة-البرواقية، الطريق الوطني رقم واحد، العمود الفقري لشبكة الطرق الوطنية. وساهمت عملية فتح أمام حركة المرور، اعتبارا من السداسي الثاني لسنة 2017، عدد من المحاور الطرقية التي تم إنجازها ضمن هذا المشروع المهيكل، سيما منها تلك التي تؤدي إلى بلديتي المدية وبن شيكاو والجهة الشمالية للبرواقية، في التخفيف قليلا من الضغط المروري المسجل على مستوى هذه المحاور. وساعد أمر وضع حيز الخدمة الطريق الاجتنابي لشمال مدينة المدية، الممتد على مسافة 5 كم، شهر جوان الفارط في تخفيف الضغط على الجزء الشمالي للمدينة، ما أدى إلى الحد من تدفق المركبات التي كانت تعبر الطريق القديم الذي يؤدي إلى بن شيكاو والبرواقية، سيما ما تعلق بمركبات الوزن الثقيل التي غالبا ما تكون سبب الاختناقات المرورية الضخمة المسجلة على هذا المحور. وقد سجلت سيولة أفضل في حركة المرور عند مدخل وخروج مدينة المدية منذ فتح هذا الطريق الاجتنابي، حسبما لوحظ بعين المكان. و كان سائقو السيارات والشاحنات قد عانوا على مدار أشهر طويلة من المرور عبر المدخل الشمالي للمدية للوصول إلى الحمدانية، حيث كان هؤلاء يستغرقون الكثير من الوقت في الاختناقات المرورية التي لا نهاية لها، غير أنه وبعد وضع هذا المحور حيز الخدمة لم يعدوا يعانون من هذه المضايقات، وما يترتب عليها من تداعيات مالية. وأوضح السيد جلول، وهو تاجر من عين بوسيف، والذي يقطع بانتظام هذا الطريق، أنه منذ فتح الطريق الاجتنابي يقضي وقتا أقل على الطريق ويقوم بالعديد من الجولات لفائدة زبائنه، في حين كان في السابق يقضي نصف وقته في حركة المرور. "الحمد لله، اليوم يمكنني تسليم السلع لزبائني بالبليدة والجزائر العاصمة في يوم واحد من دون الحاجة إلى تأجيل توصيل الطلبات إلى وقت لاحق"، يقول هذا التاجر، الذي اعترف أنه حقق ربحا ليس فقط في مدة السفر، ولكن من ناحية القلق الذي كان يشعر به على الطريق بسبب الصعوبات التي كان يواجهها قبل وضع هذا المحور حيز الخدمة. من جهته، اعتبر بلقاسم، مربي دواجن في منطقة سيدي نعمان الذي يزود العديد من القصابات بعاصمة الولاية باللحوم البيضاء، أن فتح هذا الطريق الاجتنابي من شأنه أن يشجعه على مضاعفة رحلاته التناوبية، وذلك بعدما كان يضطر للقيام برحلة واحدة في اليوم، الأمر الذي كان وراء خفض مداخيله. كما تميزت سنة 2017 باستغلال شهر سبتمبر شطر وزرة - بن شيكاو، الأمر الذي استقبله الآلاف من رواد هذا الطريق بارتياح كبير بعدما كانوا يعيشون في كل مرة يقطعون هذا الطريق "كابوسا حقيقيا". وكان أول من استفاد من هذه المنجزات هم التجار ومتعاملو النقل الذين لم يعدوا مضطرين لتكييف وتيرة نشاطهم مع حالة المرور المزدحمة على طول هذا الطريق. ويقول تجار وموردو البضائع الذين استجوبتهم "وأج"، أنهم لم يعدوا يخشون قطعهم لهذا المحور أوأن يضطروا إلى تغيير ساعات عملهم كما كانوا يفعلون من قبل لتجنب الاختناقات المرورية الضخمة على الطريق. "والآن وبعد أن أصبح محور وزرة-بن شيكاو مفتوحا، يمكنني القيام بعدة رحلات إلى البرواقية وأماكن أخرى لتسليم بضائعي من دون قضاء ساعات طويلة على الطريق"، يقول سمير، وهو شاب يسلم منتجات الألبان تحسن نشاطه كثيرا منذ ذلك الحين. وعرف مشروع ازدواجية محور الشفة-البرواقية منذ بداية بعث أشغاله صعوبات، ويرجع ذلك أساسا إلى التضاريس غير متكافئة جدا، والعدد الكبير من المنشآت التي يتعين إنجازها على طول هذا الطريق الجديد، الممتد على مسافة 51 كم. وتم في سنة 2013 القيام بأعمال حفر في وسط غابات الشفة والحمدانية، لإنجاز الطريق السريع الجديد الذي يطل على الطريق الحالي الذي يستعمله سائقو السيارات، المار على الطريق الوطني رقم 1، تم خلالها رفع الملايين من الأطنان من الردم بواسطة أسطول من الشاحنات والعتاد التي تم تجنيده ليلا ونهارا من قبل مجمع الشركات الجزائرية الصينية المكلف بإنجاز هذا المشروع، وذلك للسماح لفرق الهندسة المدنية باتخاذ الإجراءات والإسراع في المشروع خاصة على مستوى الأجزاء التي لم يكن مبرمج بها إنجاز منشأة فنية، وتم بعدها فتح جبهات أخرى أكثر تعقيدا بالتوازي مع أعمال الحفر هذه، اعتبارا من نهاية عام 2013، مع بداية حفر الأنفاق، حيث يقع واحد بالقرب من ولاية البليدة، بطول يقدر ب4.717 متر، وآخر على تراب ولاية المدية الذي يؤدي إلى المدخل الشمالي لمدينة الحمدانية، فضلا عن بداية بناء سلسلة من المنشآت بما فيها ثلاثة جسور، الأول يطل على وادي الشفة، والثاني في بن شيكاو، بارتفاع يزيد عن 70 مترا عن الأرض، وثالث يقع في منطقة شراتة بالضواحي الغربية لبلدة البرواقية. وبعد قرابة الثلاث سنوات من بعث أشغال حفر أنابيب الأنفاق، تنتهي أخيرا أشغال التقاطع بين الأنفاق التي تربط الشفة بالحمدانية. وكانت آخر ضربة للحفارة لتقاطع بين طرفي الأنفاق منتصف ديسمبر 2016 من قبل وزير الأشغال العمومية والنقل في ذلك الوقت، بوجمعة طلعي، بحضور سفير جمهورية الصين الشعبية بالجزائر. ويعتزم مجمع المؤسسات الجزائرية الصينية تسليم محاور جديدة خلال الثلاثي الأول من عام 2018، ويتعلق الأمر -وفقا لتوقعات هذا المجمع- بفرع بن شيكاو-جنوب إلى غاية منطقة البرواقية -جنوب، على امتداد 4ر13 كم، ومحور بن شيكاو-جنوب وبن شيكاو-شمال، على مسافة 3 كم، وكذلك محور سيدي المدني "البليدة"، والمدية-شمال، على طول 6ر18 كم. أما الجزء الحساس من المشروع، وهو إنجاز نحو عشرين منشأة فنية على طول هذا الطريق الممتد على مسافة 51 كلم، بما في ذلك جسور بن شيكاو بطول 1135 متر، علقت على ارتفاع 42 مترا، و وضع جسر الحمدانية في شكل أعوج، حيث يتدلى على مسافة كيلومترين تقريبا عن وادي الشفة. وتتقدم أشغال إنجاز هذه الهياكل بوتيرة متسارعة، لا سيما ما تعلق بجسري بن شيكاو وشراتة، اللذين من المقرر أن يدخلا حيز التشغيل مطلع العام المقبل، مما سيسمح بالتقليص من وقت السفر لآلاف مستعملي هذا الطريق موفران لهم فرصة التمتع بروعة الجبال المشجرة وحقول العنب المترامية على هذه الطريق.