من مفارقات و''مرفقعات'' الثورة التي ولدت من رحم ''الميدان''، وأي ميدان للتحرير، أن من كانوا بأمس حسني مبارك القريب يتمنون من ''البرنس''، كلب الرئيس المصري المدلل، أن ''ينابحهم'' و يعضاضهم ولمَ لا يقضي ''حاجته الرئاسية'' فوق رؤوسهم حتى ينالوا أجر إسعاد سيدهم وسيد الكلب قد تكالبوا ''نبحة'' واحدة على مبارك وعلى زين العابدين وعلى معتوه ليبيا في انتظار بقية طابور الثيران المنحورة على مشعل الثورات العفوية، بعدما انخرط جميعهم، وأقصد بهم عبدة وحسدة ''البرنس''، في رقصة ترقيع لغشاء بكارة نؤمن جميعا بأنه لا يمكن أن ينتهكه لعشرين أو ثلاثين عاما متوالية شخص واحد مهما كانت قدرته، فإنه سيظل فردا ألّهه ذووه من حاشية وحشاشين فأبدع لهم، بالإضافة إلى التسبيح له، الصلاة ل ''برنس'' واشق، كرامته من كرامة الرئيس، وفقا لقاعدة أنه كما الرئيس رئيس، فإن كلب الرئيس رئيس على الكلاب وعلى من يحسد ذيل ''البرنس'' على الهز وعلى الرعاية و''الطائرة'' الرئاسية السامية··في مدة لا تتجاوز الشهر ونصف الشهر من دوي سقوطهم الثلاثي المجسم لمبدأ و''مخدع'' أن الشعوب العربية أصبحت تمتلك مصيرها و''فايس بوكها'' الفعال والفاعل والمتفاعل معه شعبيا وأمميا، تسارعت آلة النبح والذبح الإعلامي الممنهج لتحييد أي تنظير ذهني ومنطقي لما بعد الثورة، فمن انتفاضتي تونس ومصر ووصولا إلى حرب وليس إلى انتفاضة ليبيا، تقاطعت غنيمة النصر الكبير في التنظير لما بعد زين العابدين ولما بعد مبارك ولما بعد القذافي· فيما قفز الثوار والثائرون على نص جوهري مفاده ما بعد الثورة وليس ما بعد ثلاثة ورابعم ''زمنهم'' التليد والمطوي الذي ترفض أطراف محترفة ومتذاكية وقمة في ''الإلهاء'' والدهاء وضعه على الهامش كنص ثانوي لا علاقة بجوهر ''الثورة'' التي من المفروض أنها جاءت لتعيد صياغة الأوطان والقضايا الكبرى وليس لإنتاج كوميديا عبيطة وغبية عن ''البرنس'' كلب الرئيسي الذي أنتج لثورة مصر العظيمة سؤالا ساذجا: هل نحاسب ''جرو'' مبارك أم نحاسب الرئيس أولا؟ أكبر إهانة واستخفاف بالكبيرة مصر أن تختزل ثورتها التي جرف نيلها ''كومبارس'' رئاسيا كنا مخدوعين في تفرعنه وحسنه المبارك أمريكيا في ركوب قضية كلب يدعى ''برنس'' كان جرو الريس المقرب· فيما مصر ما بعد الثورة تغرق في الفتن وفي إعادة تحنيط رئيس جديد على مقاس المتأمرك المخلوع، لأن الثورة التي كان من المفروض أن تؤرخ لمصر ما بعد الثورة، حيث حجم إرث القضايا العميقة بحجم ''نكسة'' الثلاثين عاما من المسخ الذي طال أمهات القضايا العربية والدولية انشغلت، أي الثورة، بحكايات ''البرنس'' وحكاوى إيمان الطوخي وإعاقة شريهان، وغيرها من قضايا هي في الأصل هوامش فنية في ثورة ''فايس بوكية'' أطاحت بمبارك لتقتات الآن من على سقوطه يوميات ضاحكة عن ثورة عظيمة، أبهرت العالم لكنها في النهاية لم تهب شهداءها غير فوازير شريهان وقصة كلب مدلل تحول إلى قضية ثورة فيما الذئاب تحوم حول كرسي الباشا الكبير، هذا عن مصر· أما عن تونس، فالتوابل أعمق والأمر لا يتعلق بكلب واحد ولكن بحظيرة حيوانات يقتات منها من كانوا مقص الحلاقة ''ليلى'' حرم زين العابدين الهارب، فالكلام عن أطنان الذهب وعن ملايير القصور، فيه من الخدع البصرية ما فيه من استغباء شعب ''بوعزيري'' طيب استغفلوه حينما تحول موضوع تونس ما بعد الثورة إلى تونس ما بعد ''ليلى''، فماذا تغير في مصر وتونس وهل هناك تحييد ومخادعة وتخدير للعقل أكبر من أن ''ثورتين'' أطاحتا برئيسين من أعتى البشر شغلا الأوطان حينما كانا هما الوطن وها هما يشغلان الآن نفس الأوطان بعد أفولهما وذلك عن طريق ''نباح'' استهدف عقل الثورات حينما تم اختزال مرحلة ما بعد الثورة في مرحلة التعرف على مأكل ومشرب ''البرنس'' كلب الرئيس أو البحث عن ''مقص'' ليلى لبيعه في المزاد العلني على طريقة سيارة أحمدي نجاد القديمة بهدف مساعدة عائلات شهداء الثورة وذلك في تجاهل لأمهات القضايا بداية من معبر ''رفح'' الذي لايزال مغلقا وانتهاء بكامب ديفيد وموقع ''السفارة في العمارة'' من تداعيات ثورة اكتشفت أنه كان للرئيس كلب مدلل يطير ويسير ويتعالج معه· فيما تغاضت عن أنه لاتزال بمصر سفارة وسفير فوق العادة ''الإسرائيلية'' يمارس مهامه ودوره كاملا دون أن ينبح في طلعته كلب ولا حتى هرّ ·· وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كيلنتون، تستبق صدور قرار مجلس الأمن بفرض الحظر الجوي على ليبيا بساعات، وتنزل ضيفة على المشير الطنطناوي، لتطلب منه فتح ''المعابر'' الليبية، وليس معبر رفح، أمام قوات الناتو والقوات الأمريكية لمحاصرة القذافي على كافة الجبهات، والطلب قيد الدراسة أو فلنقل قيد التنفيذ، من طرف سلطة المفروض أنها انتقالية ولا تمتلك سلطة اتخاذ قرار بهذا الحجم كون دورها كما هو مصرح به هو الإشراف على انتقال سلس للسلطة، لكن ولأن الأمور تسير بالمقلوب و''الملعوب'' وعلى المكشوف، فإن أقصى ما حققته ثورة ميدان التحرير وثورة تونس أنهما طردتا البرنس، جرو الرئيس، وليلى الطرابلسي حلاقة قرطاج، لتحل محلهما هيلاري كلينتون لم تتردد في التعامل مع مخلفات الوضع الثائر من منطلق الثعلب الذي استفرد بعش فراخ فتحكم في تسيير الخم والهم العربي وفق ما يمليه عامل النفط و''العبط'' العربي العام··مجنون ليبيا انتهى ومعه ''ناقته'' وخيمته اللتان صنعتا حدث التهريج، ومجلس الأمن أقر بعد استعصام جامعة عمرو موسى به المصادقة على قرار فرض الحظر الجوي على عقل أمة ورطها كبار العالم في لعبة نتف أصابع اليد، لتكون النتيجة انقلابا في المفاهيم وفي القيم وفي الثوابت التي أرّخت أن الثورة لا تسمى ملحمة إذا لم تكن أمريكا طرفا فيها، يؤطرها ويعطرها ولا يتردد في الذود عن ثوارها عسكريا، حماية لحق القطيع العربي في ديمقراطية ثوار الأنابيب الإلكترونية، الملحقين ''فايس بوكيا'' والذين تخصصوا في عزل وخلع ''خدام'' أمريكا فيما فرشوا البساط لأمريكا ذاتها لتصحو الأمة العربية على واقع أن الثورة لم تكن إلا ثورة أمريكا· ترى ما أخبار ''البرنس'' كلب الرئيس أيها السادة وكيف حال ناقة مجنون ليبيا؟ هل لاتزال معه أم أنها فرّت مع الساحرة الأوكرانية التي لم يخبرنا أيا كان كم حملت من أطنان الذهب، عكس ليلى الطرابلسي وسوزان مبارك وصفية فركاس زوجة القذافي اللواتي تحولن إلى بضاعة تسوق في دكاكين الثورة··؟