قاعدة امعيتيقة الجوية - هويلس wheelus سابقا في صبيحة الثالث عشر من شهر ماي من سنة 2009 وبشارع "الجرابة" بوسط العاصمة الليبية وقف كهل أبيض الشعر والبشرة وسط حشد من الوفود المتدافعة لأخذ صورة تذكارية أمام أطوار ومراحل ودقائق حدث عظيم ومتفرد ومدروس بدقة"؟؟" أشرف على صياغة فصوله ولحظاته كهل ظل رأسه معلقا بالأفق وهو يتابع، مغتبطا ومنتشيا بفوزه الكبير، راية بلده ترتفع عقدة فوق عقدة لترفرف مستقرة عاليا فوق مبنى السفارة الأمريكيةالجديدة التي تم تدشينها بوسط مدينة طرابلس بعد ستة و ثلاثون سنة من الغياب ومن القطيعة الليبية الأمريكية، لتكون ردة الفعل نشوة نصر عميق وكبير لخصته عبارة غامضة "الوضوح" صدرت من طرف الدبلوماسي المتمرس " جين كريتز" حيث وجه كلامه للمحتفين بميلاد "سفارة " في قلب خيمة ليبية مرددا بما يشبه الهمس البعيد: عندما يتفكر الأمريكيون صور العلم..يتفكرون "نيل آرمسترونغ" على سطح القمر ويتفكرون صورة "جو روزنتال" للعلم في أعلى "ايو وجيما"... !! ورغم أنه لا علاقة ظاهرة للقمر و لمعركة "ايو جيما" اليابانية، التي يستمد منها الأمريكيون أمجاد انتصاراتهم في الحرب العالمية الثانية، بحدث رفع العلم الأمريكي فوق السفارة الأمريكيةالجديدةبطرابلس ،ورغم أن "أيو جيما" لا تعدو أن تكون إلا جزيرة يابانية رفع عليها علم أمريكي مضرج بدماء ألاف القتلي الأمريكيين الذين اصطدموا بمقاومة ضارية من القوات اليابانية قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية، إلا أن السفير الأمريكي " جين كريتز" استحضر تلك اللحظة التاريخية ليذكر الحاضرين ببطولة وبسالة ستة جنود أمريكيين تمكنوا من رفع علم دولتهم فوق جزيرة " أيو جيما" ليأخذ لهم المصور الشهير "جو روزنتال" صورة أصبحت هي "التاريخ" الأمريكي، لكن الغريب في مشهد السفير الأمريكي وهو يستلهم تاريخ رايته من على أرض ليبيا أنه لا القذافي سأل ولا اللجان الشعبية استفهمت ولا سيف الإسلام ضيف الشرف أراد أن يستعلم المغزى من حادثة وحديث دبلوماسي متمرس عاد لتوه من "تل أبيب" حيث كان نائبا للسفير الأمريكي بإسرائيل ليعتلي عرش السفارة في "العمارة" الليبية ويستغل أول ظهور إعلامي له بأن يقارن في عنجهية وبكل ثقة ورزانة بين حدثي الصعود إلى القمر و الانتصار على اليابان وبين عودة أمريكا لليبيا من خلال فتح "سفارة" لم تكن لتصنع حدثا وحديثا لولا أن الأحداث المتوالية فسرت ما كان يرمز له السفير المتمرس من مقارنة بين صعود للقمر و فتح لجزيرة "أيو جيما" وبين واقعة رفع العلم الأمريكي فوق مبنى السفارة الجديدة.. فليبيا من البداية كانت رهانا أمريكيا لا تختلف أهميته عن رهان الصعود إلى القمر و كل ما قيل عن "مذابح" ومجازر وحقوق إنسان منتهكة من طرف "مجنون"الجماهيرية العظمى في الساعات الأولى لاندلاع انتفاضة السابع عشر فيفري الشعبية لم تكن إلا "تغطية" ذكية ومتقنة من مخابر متخصصة في "هلوسة" الرأي العام العربي والدولي لتمرير ما كان له ليمر لولا ظهور أعراض "الجنون" الشامل في الشارع العربي ..فماذا تريد أمريكا من ليبيا وما علاقة ما حدث في تونس ومصر من عواصف شعبية يقال أنها "عفوية" بالتوسونامي الأمريكي الذي زحف باتجاه الشمال الأفريقي ليعيد صياغة أنظمته و رسم خرائطه وحدوده وآباره النفطية ؟ أحجار على رقعة الشطرنج: الفرق بيننا وبين بقية الأمم إننا لا نقرأ التاريخ قريبه وبعيده ،فباستثناء العنتريات التي نقتات منها وجودنا و"بطولاتنا" العربية الناعمة ،فإن تفسيرنا للأحداث ولما هو فوق الأرض من معطيات وشواهد لم يعتمد يوما إلا على ما هو "معلب" ومستفرغ وصادر عن الأخر وخاصة إذا ما كان ذلك الآخر طرفا أمريكيا أو أوربيا، فحتى على مستوى استهلاكنا الغذائي البسيط فإنه يكفي مثلا أن نجد على واجهة علبة "سردين" مستوردة كلمة "حلال" حتى نُسلم بأن أمريكا توصلت إلى ذبح السمك بدلا من صرعه أو اصطياده "؟؟" في احترام منها للأديان ، وذلك بعدما تعودنا في أكثر من واقعة استهلاك عام لكل ما هو قادم من الضفة الأخرى أن نستنشق أنفلونزا الخنازير، مستسلمين، لأن المخابر الأجنبية عثرت على "مصل" العلاج، قبل أن تصنع وتطبخ فيروس الأنفلونزا الذي كان حدث و"رعب" العالم في العام الفارط، لكن شبحه تبدد هذه السنة ولم تسأل لا أمريكا ولا أوربا ولا الخنازير ولا إسرائيل، وبالطبع و لا حتى نحن، كيف لأكثر من ثلاثة ملايين مصري، ناموا على سرير "ميدان تحرير" واحد لأكثر من ثلاثة أسابيع من "الصراخ" الذي ينتج عنه تنفسا فتراصا فعلاقات تناسل وتزاوج واحتكاك وصل لمرحلة دخول حتى الحمير و"الجمال" والبغال في اللعبة المفتوحة ،أن لا تتفشى بينهم ولا حالة أنفلونزا واحدة، رغم أنهم بالأمس القريب نشروا فينا حتى رعب المصافحة العابرة،لكن للأسف فإنه كما للأنفلونزا عام وموسم محدد فإن ثورات الشعوب العظيمة تمكنت من خلال تجمعات العشرات الآلاف من مواطني تونس التي اعتصمت ونامت في الشارع و من خلال "ملايين" ميدان التحرير بالقاهرة من هزيمة الأنفلونزا والخنازير والحمير والأبقار، فلا شيء فوق إرادة الشعوب"؟؟".. الكاتب الأمريكي "كار وليام" الذي كان جنديا في البحرية الأمريكية وتوفي في ظروف غامضة سنة 1959 ، اختزل تسيير العالم في غرفة خلفية بعيدة عن الأضواء تسير و وتهندس كل شيء ففي كتابه "أحجار على رقعة الشطرنج" أنهى أي مجال للصدفة في تسيير شؤون العالم فاللعبة كبيرة وكبيرها فاعل دولي وحيد ومتمكن يدعى "إسرائيل" التي تعتبر العقل المفكر والمؤسس لأمريكا الأمس ولأمريكا الآن والمنخرطة هذه الأيام في الثورة لحقوق الإنسان التونسي والإنسان المصري والإنسان الليبي، رغم أنها منذ أشهر فقط وقفت صامتة أمام المذبحة اليهودية التي ارتكبت في عرض و"وضح" البحر بحق أسطول الحرية أو الإغاثة الإنسانية المتجهة لأطفال غزة، لينتقل موقفها من الصمت الجميل إلى "فيتو" أممي ضد أي إدانة أو محاكمة دولية مفترضة لدولة القراصنة، فأين الاختلاف بين مذبحة إسرائيل البحرية والمعروضة على "المباشر" وبين مذابح القذافي "الفضائية" و التي لازال البحث جاريا عن الآلاف من جثثها المفترضة بعدما اكتفت القنوات الفضائية المحاصرة لأي قراءة مغايرة ومناهضة "لما يجب أن يكون" بتصوير شهود يتكلمون عن "شواهد" لمقابر وجثث بالآلاف لم نرها إلا من خلال عبارة: معنا على المباشر شاهد "عيان".. أليس احتقارا وحجرا على العقل أن تتم "هلوسة" الأحداث بهذا الشكل المريب الذي دفع من اليوم الأول رجلا ،يتفق العالم على خبله وجنونه ،بأن يرتكب "مجازرا" ومذابحا افتراضية "؟؟" ما كان لها أن تكون لولا ان الآلة الأمريكية و قنواتها الفضائية "المرسلكة" على رأسها العربية والجزيرة بالإضافة إلى "سفراء" القذافي المكلفين بمهمة الاستقالة الجماعية والانقلاب الدبلوماسي الهادئ ،حفروا مقابرا قبل وجود الجثث ليعلن عن تعداد المئات والآلاف من القتلى في إثارة وإرعاب للشارع الليبي من مجنون مفترض انطلت عليه الحيلة فتورط في لعبة الإثارة والضغط ليعلق ب "المصيدة" ويصبح بين ليلة وضحاها مجرم حرب مطلوب الحجر عليه و تحييده بإجماع دولي؟؟..لقد علبوا لنا الصورة قبل تحميضها وظهورها ووضعوا فوق واجهة علبة السردين..سمك مذبوح على الطريقة الشعبية أو الإسلامية..ولقد صنعوا مشاهد المذابح قبل أن يعثروا أصلا على الجثث ولا على السكاكين التي ذبحتها، ولقد دفعوا القذافي كما القط المصاب بالكلب في زاوية مغلقة لم تترك سوى خيار إشهار مخالب الجنون في رحلة بحث عن جثث صدق المسكين نفسه أنه ذبحها ثم أذابها؟ كل طرق "تونس ومصر" أدت .....إلى ليبيا؟ ما يجري الآن في ليبيا من قصف أممي جامع و مركز بالذات على الحالة العقلية لقذافي كان سيد المهرجين على مستوى المحافل الدولية والأممية ولم يعترض أو يتعارض مع "خبله" أحد، لم يكن وليد "بوعزيري" تونس ولا نتاج "فوازير" ساحة ميدان القاهرة التي تزاوج فيها الجد الشعبي مع العبث الأمريكي بالعقل العربي، وإنما القضية برمتها مسرح مفتوح على "هوى" شعوب صدقت أن اعتصام أيام مدعوم بدعاء يوم أو أسبوع من الشيخ القرضاوي والشيخ القرني وغيرهم من منشطي قنوات "أنت تسعل و المفتي يجيب" يمكنه أن ينصر تونس في رمشة عين كما يمكنه أن يغرق فرعون في لحظة سهو،رغم أن نفس الدعاء ومن نفس الشيوخ وعلى ذات السجاجيد والمنابر وعلى مدار سنوات من "اللهم بدد شملهم وأحرق نسلهم" ظل خواء في الفراغ لأن "أمريكا" تعرف كيف تغربل الأدعية مع إستراتجيتها البعيدة الأمد، وبالمنطق و العقل لو كان الله ناصرا أحد، فإن "فلسطين" وغزة كانتا أولى بالفتح والنصر القريب من مصر ومن تونس ومن ليبيا، لكن ولأن الأمر والمسرح برمته يتعلق باللعب وبالسياسة التي تعني "الشيطان"، فإنه حتى شيوخ الإسلام خدعهم "الخب" فتورطوا كما تورطت الشعوب في إسقاط حسني مبارك نكاد نجزم بأنه لو ظل رئيسا لما رست البوارج الحربية الأمريكية ببساطة على الشواطئ ليبيا كما هو حال ابتذالنا وبلادتنا الآن،، فحسني مبارك و"بن علي" وحتى القدافي "المعتوه" ومهما كان رأينا في سعيرهم و"سعارهم" إلا أنهم وصلوا إلى مرحلة "التخمة" من التنازل والركوع والانقياد وما كان لهم أن يكونوا جزء من مؤامرة بهذا الحجم البليد والكبير والذي تمكنت عبره أمريكا وبمباركة من الشعوب العربية المستغفلة من استعادة قاعدة "هويّلِس" التاريخية بأرض عمر المختار دون أن تسكب ولا قطرة دم واحدة من زمرة جنودها؟؟ فمن لا يعرف قاعدة "هويلس"، بل ماذا نعرف عن قاعدة "هويلس"..وما علاقة القاعدة إياها بالعلم الليبي القديم الذي تم رفعه من قبل من تسميهم أمريكا وقنواتها العربية "الثوار"؟ الإجابة عن تلك الأسئلة يجب أن تمر عبر حقيقة بأن كل الطرق كانت تؤدي ليبيا ، فتونس ومصر لم تكونا إلا محطتين ضروريتين للوصول إلى خيمة "المجنون" ، فلو أن الانتفاضة الشعبية الليبية "؟؟" التي أحرقت النسل والنفط منذ أيام بدأت من ليبيا عوضا عن تونس ومصر لما ابتلع أي كائن سيناريو "أن الشعب يريد تغيير النظام" ولتجلت أبعاد المؤامرة والمطامع الخارجية، فالمجتمع الليبي بشكل عام مجتمع ميسور و"القذافي" استطاع أن يحصن عرشه وخيمته بملء بطون مواطنيه وتوفير سبل الأمن الغذائي و آخر دولة وآخر شعب يمكنه أن يتكلم عن "الظلم" الاجتماعي هو شعب ليبيا، لذلك فإن محطة تونس كانت ضرورة لإزاحة "فرعون" مصر الذي استهلكت المخابر الأمريكية والإسرائيلية كل ما لديه وما كان ليقدم أكثر مما أعطى ، فليبيا بالنسبة لرجل بشخصية حسني مبارك "خط أحمر" ومبارك كان حجرة عثر في مشروع كبير يحاصر مصر بين قاعدتين، قاعدة إسرائيلية في فلسطين وقاعدة أمريكية ظلت رهانا دائما للمتعاقبين على البيت الأبيض في حلم لاستعادة ما كانت تسمى بقاعدة " هويّلِس" الإستراتجية و والتي فقدتها أمريكا بعد سقوط الملك إدريس مباشرة بعد انقلاب القذافي في سبتمبر 1969 حيث سقط الملك وسقط معه " العلم" الأمريكي الذي كان يسيطر على أهم قاعدة عسكرية جوية تطل على البحر الأبيض.. *قاعدة " هويّلِس" بين رغبة "الثأر" التاريخي وضرورة " النفط" المستقبلي؟ منذ الشرارة الأولى لانتفاضتي تونس ومصر وقف أمريكا اوباما قلبا و"مخالبا" مع إرادة الشارع العربي ورغبته في التغيير وفي قلب صفحات حكام لا يختلف أمريكيان أنهم كانوا نعم "البيادق" ونعم "التابعين" ورغم الفراغات والاستفهامات التي خلفها الموقف الأمريكي المراهن على حق الشعوب في إسقاط حكام لم يكونوا إلا أيادي تضرب وتضارب وتحارب بالنيابة والوكالة عن المصالح الأمريكية إلا انه لا أحد من صناع المشهد الثوري الشعبي وخاصة في مصر تساءل من أين لأمريكا أن تضمن بأن "الغوغاء" الثائرة لن تقلب الصفحة الأمريكية وتعيد كتابة التاريخ من على ظهر إسرائيل ومن على ظهر أمريكا ذاتها؟؟ والأهم ما هي الضمانات التي دفعت قادة البيت الأبيض للتخلي عن "عصفور" مألوف التغريد والتحليق لمطاردة عشرة عصافير فوق الشجرة؟ والنتيجة أنه لا المنطق يقبل ولا شعار" It's America, stupid" يسمح بأن نتهم أمريكا بالقمار السياسي في "حلبة" استراتجية تعتبر رهان الشرق الأوسط، ولأن امريكا ليست غبية وانما نحن الحمقى فإنه كان من العادي جدا أن يصرح رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني لقناة العربية على هامش زيارته لحكام بمصر الجدد : "أنه لم يكن من الممكن أن تأت الثورة الشعبية بفواعل تلغي كامب ديفيد وغيرها من معاهدات السلام".. وهو ما يفسر لماذا اكتفى أبطال "ميدان التحرير" الذي غض بالملايين لإسقاط رئيس بشخصية وقوة و حضور حسني مبارك فيما لم تخطر ببال أي "كائن" من مختلف الحساسيات والانتماءات المشكلة لثورة العشر ملايين الزحف باتجاه السفارة الاسرائلية بالجيزة رغم أن أهم الشعارات التي رفعت في "الميدان" صبت في خانة أن "الريّس" عميل إسرائيلي ،استطاعت كل الإرادات المتناقضة أن تجتمع وتتوحد لتنقل إلى قصره الجمهوري احتجاجها وغضبتها لكن نفس الإرادات لم يخطر على بال كائن منها وطيلة 20 يوما من الصراخ ومن الثبات ومن الموقف الموحد أن تلمح ولو على سبيل التمويه بأنها ستشد رحالها باتجاه "السفارة في العمارة" في نقلة نوعية للصراع و"الصرع" الشعبي؟؟ ولأن عبرة أي شيء بنتائجه فإن المحتوى الذي رست عليه ثورتي تونس ومصر من تغيير لواجهات وديكور أنظمة مع بقاء نفس الملامح لنفس الشخوص والذهنيات التي أدت إلى سقوط 3 قتلى في تونس بيد "بوليس" لا "بن علي" له، كما دفعت المجلس الأعلى للجيش المصري للاعتذار عن استعماله المفرط للقوة ضد شباب الثورة في جمعتهم الأخيرة بميدان التحرير لأنهم صدقوا بأنهم من صنع الثورة يؤكد، أي المحتوى، صحة وثائق سربت منذ أيام من إحدى المؤسسات الأمريكية المتخصصة في شؤون "إعادة تكوين" شمال إفريقيا على اعتبار أن الشمال الإفريقي يعتبر رهان استراتيجي ظل محل أطماع وتنافس منذ القدم كون المسيطر عليه سيتوفر على فرصة ثمينة للتحكم ولتسيير ثروات قارتين احدهما عجوز ونقصد بها آسيا استنفذت القوى الدولية كل ما لديها والأخرى عذراء لا زالت بكارتها النفطية بين يديها ونعني بها أفريقيا، والمهم أن الوثائق المسربة والموجودة على مستوى الشبكة العنكبوتية في عدة مواقع مهمة اختصرت ما يجري في مشروع قديم عبارة عن ورقة عمل قدمها سيناتتور أمريكي في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب أهم ما فيها من خطوط وبنود أنه " عصر توجيه الشعوب بعد أن صار توجيه الحكام أمر غير مجدي" ... أمريكا لا تمزح ولا تلعب "الكوتشينة" وليس في أجندتها شيء اسمه "ضربة حظ" ، فمراكز الاستشراف والدراسات على مستوى مؤسساتها بتعداد موظفيها وسفاراتها، والسفير الأمريكي " جين كريتز" وقبل أن ينتقل من تل أبيب حيث كان نائبا للسفير الأمريكي بإسرائيل حفظ عن ظهر قلب أطروحة دكتوراه عنوانها "كيف يحكم القذافي ليبيا؟؟" أعدها "جدعون جرا" رئيس قسم دول شمال إفريقيا بمركز "ديان" لأبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا ،وهو مركز إسرائيلي أسسته الموساد سنة 1959و يكمن دوره في " إنجاز عملية الاختراق في المنطقة العربية، والتنظير لإشاعة ظاهرة التفتيت في العديد من الدول العربية حيث يضع منطقة المغرب العربي ضمن أولويات نشاطه في المرحلة الحالية والمستقبلية" وذلك حسب دراسة أعدها سنة 2010 مدير عام الدار العربية للدراسات والنشر بالقاهرة، الدكتور حلمي عبد الكريم الزعبي... والمهم أن السفير الأمريكي بليبيا لم يكن يمزح ولا يهذي حينما ربط رفع العلم الأمريكي فوق السفارة الجديدةبطرابلس بحدثي رفع العلم فوق سطح القمر ورفعه في أعلى "ايو وجيما" اليابانية... لقد قال للحمقى الذين لم يفهموه بأن أمريكا لم تنس لثورة القذافي أنها أفتكت من أمريكا قاعدة " ان نشأة قاعدة "هويلس" يرتبط بالاتفاقية الأمريكية الليبية في 24 ديسمبر1951 وقعها الملك إدريس السنوسي وتمكنت عبرها الحكومة الأمريكية من امتلاك الحق في استعمال المناطق للأغراض العسكرية أو أية أغراض أخرى، بالإضافة إلى حقوق مراقبة السفن والطائرات وإنشاء وسائل المواصلات السلكية مع ضمان حرية الوصول الحر للطائرات والقوات والمركبات المائية الأمريكية ،ومنحها حق الحركة الحرة القطر الليبي ، والمهم أن "الاتفاقية" وقاعدة " هويّلِس" سقطت في الماء عقب انقلاب القذافي على الملك إدريس لتخرج أمريكا من النافذة وهو ما يبرر العلاقات المتصادمة بين القذافي ورؤساء البيت الأبيض على مدى عهود،لتكون عودة أمريكا من خلال السفارة في العمارة سنة 2008 بعد غياب دام 36 سنة ليرفع العلم الأمريكي على مبناها بوسط طرابلس بتاريخ الثالث عشر من شهر ماي من سنة 2009 وسط "غبطة" ونشوة من سفير تكلم عن "القمر" وعن رفع العلم الأمريكي في ليبيا أو في جزيرة ""ايو وجيما" لا فرق، ليغادر طرابلس دون رجعة بعدما تعرض قبيل انتفاضة 17 فيفري بأيام معدودات لحملة من التحرشات من طرف اللجان الشعبية الليبية على خلفية اتهامه بشكل غير رسمي بالجوسسة بعد كشف موقع "ويكيليكس" لخصوصيات القذافي الغرامية مع ممرضته الأوكرانية والتي وجهت فيها الأصابع إلى السفير...لتتسارع الأحداث بعدها بشكل مفرط ومنسق ويرحل السفير وتبقى السفارة وتتبنى أمريكا "ثأر" العودة إلى قاعدة " هويّلِس" لكن تحت عباءة شعبية ليبية وبتغطية من تعاطف أمريكا مع الشعب الليبي الذي وقع بين يدي مجنون..والمفارقة أن "التدخل" الأمريكي العسكري الوشيك والذي ترابط بوارجه الحربية بمحاذاة الشواطئ الليبية سيكون تحت نفس "العلم" الليي القديم أي علم الملك ادريس السنوسي الذي حوله "انقلاب" البعثات الدبلوماسية الليبية إلى بطل بعدما كان خائنا..وآخر الأهوال والأحوال التي تهز أنظمة شمال إفريقيا أن "أمريكا" خرجت من باب الثورة وعادت من باب ذات الثورة...و" إنها أمريكا يا غبي"..أو هويّلِس" ، التي آن لها أن تعود من الباب الواسع مع العلم " It's America, stupid".. فكل ما جرى في تونس ومصر وما يجري الآن في ليبيا لم يكن إلا تغيير طفيف لاسم مشروع قديم كان اسمه قاعدة " هويّلِس" أجهضته إرادة الرجال من طينة هواري بومدين وجمال عبدالناصر والملك فيصل،ليتم بعثه الآن تحت مسمى جديد يدعى "أفريكوم" و تأشيرة الإرساء "الشعب يريد تغيير النظام" والنتيجة الأخيرة أن مالم تستطع أن تأكله أمريكا بفم "بن علي" و "مبارك" و القذافي أكلته بفم الشعوب، فهؤلاء الراحلون و"الطغاة" على الأقل سيحفظ لهم التاريخ أنهم لم يكونوا موجودين حينما أرست أمريكا دعائم مطامعها في افريقيا بسواعد شعوب افريقيا.. في النهاية..هل تعلمون ماذا يوجد في ليبيا بالإضافة إلى "الكتاب الأخضر" و"رجل الفضاء الذي انتحر" ..إنها "الأرض الأرض..والقرية القرية" والأهم الذي لم يكتبه القذافي هو "النفط النفط" والذي تتنافس على تجفيفه شركة" اكسون موبل" الأمريكية والتي دفعت وزارة الخارجية الأمريكية منذ سنة إلى تقديم اعتذار "رسمي" للقذافي ردا على الطريقة التهكمية التي طالت شخص القذافي من مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية تعقيبا على إعلانه للجهاد على سويسرا،وبلغة الأرقام فإن اللوبي النفطي الأمريكي الذي تغلغل إلى أحواض ليبيا النفطية بموجب اتفاقية موقعة سنة 2008 تم بموجبها استثماره 97 مليون دولار ، تمددت أطماعه في منطقة "بكر" نفطيا وخاصة بعد قدرت بعض الدراسات الاستراتجية أن الاحتياطي النفطى الليبي يقارب 2.3% من الاحتياطي العالمى ، وأن الأرباح المتوقعة ستصل إلى 200 مليار دولار ، إذا ما تحررت ليبيا من قبضة الكتاب الأخضر و تورطت في مشروع نظرية الفوضى الخلاقة التي تعطي للشعب حق الثورة فيما تعطي لأمريكا حق النفط أو الثروة مع التذكير أن وثائق ويكيليكس كشفت عن مخطط شركات (آنى الإيطالية) و(جيه إكس نيبون) وشركة (شل العالمية) التى تعمل فى ليبيا وتستهدف السيطرة على النفط وذلك لأنها تعلم أن ليبيا تنتج مليوناً و800 ألف برميل ، وأن احتياطياتها تبلغ 48 مليار برميل أغلبها غير مستكشف وخاصة في منطقة (بنغازى) و(البيضاء) مصدر الشرارة الأولى للثورة وللحكومة الجديدة التي اعلنها وزير العدل الليبي المنقلب على القذافي..فماذا بعد ما سبق؟؟