حرفان من حروف الضاد يصنعان مشكلة للبلاد: الأول حرب الميم وينطبق عليه القول ''احفظ الميم تحفظك··· ماشفت ماعرفت''، والثاني حرف السين أو حتى سوف، وينطبق عليه ثلاثة أسماء تعكس ثلاث مراحل مرت بها الأمّة التي تريد أن تخرج من الغمة··· وهي سي امهني، وسي اندير وأخيرا سي النيّة!! اعترافات و توضيحات يجب الاعتراف أولا بأنه لاتوجد فوارق جمّة بين تلك الأسماء والمراحل، وإن كان امتدادها بالوقت الزمني يصل على الأقل إلى ثلاثين سنة من الآن· وقضائيا يمكن وصفها بأنها انتحال شخصية الغير كأن يقدم الواحد منّا نفسه على أساس أنه ''كبران'' أو ''سرجان'' أمام ''البوسطة''، لكي لايقف في ''لاشان''، بدعوى أنه ليس لديه الوقت الكافي وتنتظره مهمات صعبة للغاية! وطبعا لايجب أن يذهب بالكم كثيرا للعودة إلى الحديث عن شبه فلان وعلان ولفلان الزعيم كما كانوا يتحدثون لنا عن قائد البوابة (العربية الشرقية) صدام حسين، حين قالوا لنا إن له شبيه في شكله ومشيته وهيئته ولابد من الحذر·فالقذافي الذي سيلقى نفس المصير لامحالة بعد أن جنا على نفسه وحارب شعبه بالسلاح الثقيل، ليس له بالتأكيد شبيه يجعلنا نشك أيهم الصحيح والمفبرك منهما· فالزعيم الذي مازال كغيره من حكام العرب يظن أن شعبه يحبه لايشبهه إلا أولاده··· وماشابه أباه فما ظلم! أو حتى الذي يدور في رأسه أن سي امهني المقصود به فرحات (المغني) الذي طلق الغناء ثم السياسة على ما أظن فهذا أيضا غير صحيح، وإنما مجرد تصادف أسماء كما يكتبون لنا في بعض الأفلام لكي لايتحرج أحدنا ممن يشك في لباسه (احوايجو) ويظن أنه هو المقصود· فلو أن فرحات امهني الذي دعا منذ مدة لحكم ذاتي في منطقة القبائل ولاقى رفضا وحدا من الكثيرين ممن طالبهم بالتحرك لرسم الحدود بالعود أي عود ثقاب ''زلاميت''، كان حيا يرزق مثل أسامة بن لادن لكان أول من عرف بالخريطة الفرنسية الجديدة للجزائر، وإلا كيف يعقل أن شيخا هرما مثل الرائد سي لخضر يعلم بها ويطلع عليها وينشرها في الجرائد··· وعلى أية حال الرائد هذا حذر من دارفور (وكارفور) جديدة، كما حذر مبارك أمريكا من الاعتداء الإرهابي عليها (بعد أن وقع الفاس في الراس)! أما مخ الهدرة في تلك الدراسة الخاصة ب 2012 أن البلاد مقدمة على التقسيم لأربع دويلات و لاندري هل أن امهني له نصيب فيها! وهل يجب أخذها مأخذ الجد، لأن تلك الدراسة وضعت قبل أن تبدأ معارك التغيير في الوطن العربي المطالبة بحكومات مدنية بعيدة عن منطق الجهة والعصا والدين؟ بالمناسبة رضا مالك (غير الحزين)، والذي عاد إلى السياسة بعد أن أعلن أنه لن يعود إليها ولايريد أحدا أن يسأله عن التعالف الوطني أي التحالف والذي هو حزبه الذي أنشأه، خرج هذه المرة يطالب بأن نعطي المجاهدين شهادة اعتراف (شعبية) على مايبدو، بعد أن حصلوا عليها من الحكومة قبل أن يتحول الجهاد إلى سجل تجاري لاينتهي ولايبدو أن ثمة نيّة لإغلاقه؟! روح امهني!! تاريخيا ''سي أمهني'' عرف أوج أيامه في منتصف الثمانيات وحتى السنوات الأولى من التسعينات في العهدة الأخيرة للشاذلي بن جديد وسي امهني، هذه كنية لكل مسؤول في ذلك الوقت من الوزير والمدير وحتى البواب يجيبك كلما سألته حاجة في نفس يعقوب أو طلبًا لخدمة ''روح امهني صان بروبلام''، أي دون مشاكل حاجتك مقضية! وبالطبع الذي يحدث دائما هو العكس وكثيرون عادوا يفهمون بأن أي جواب من هذا النوع يعني مباشرة الرفض والمنع·· وكل ما في الأمر مجرد تسويق وتطبيب خاطر أو دعوة للصبر بدل الدعوة إلى القنوط والقنوت! وكان التساؤل الأهم آنذاك بمافيه مايطرحه طيب القلب أبيض الشعر بن جديد كلما التقى قوما أو أحدهم: هل عندكم مشاكل، وربما طرح السؤال حتى على الصغير والأبله والشيخ الذي وضع رجليه في القبر في انتظار البقية· أما نهاية التساؤل المحرج ''هل عندكم مشاكل''؟ فكانت كما تعرفونها النظرية الشاذلية في تأسيس الدولة الحديثة والقائلة إن كل دولة عندها مشاكل والدولة التي ليست فيها مشاكل ليست دولة··· والحمد لله أننا ماعندناش مشاكل! هذا الكم الهائل من التحديات بما فيها مايطرحه البشر الذي يتحرك بعضه كالبقر في مزرعة كبيرة أيام الربيع لابد أنه يمثل سببا في بزوغ نجم سي امهني الذي بات الجواب الوحيد لكل محتج وطالب حق وطالب باطل أيضا، وهو ماجعل سي ''اندير'' الذي خلفه من بعده لايفعل شيئا واتضح أن كل مافي الأمر أشبه بضرب بندير أمام جماعة من الدراويش لايخرج منها إلا صغير أو دوي يزعج حتى السكير الذي فقد عقله والمهلوس الذي شرب حبوب الهلوسة، على رأي عمنا القذافي وهو بين قومه يهوي إلى الغدير والبير وينشد الشعر الغجري كأنه المتنبي؟··· أنا المجد··· أنا التاريخ! أنا الصخرة الصماء (يالطيف)! والمهم أن الجزائرين اكتشفوا مع سي امهني ومن بعده سي اندير بأن دولتهم مرشحة لتكون ككرتون في مهب ريح زمهرير، أولا مع ثورة البورجوازية الصاعدة في أكتوبر 88 ومن بعدها ثورة الفيس المحظور، وكلاهما ضاع فيها الصغير ونجا الكبير بحكم منطق صراع الثيران! وهذا الانهيار الذي تواصل نحو عشرين عاما وتلون بكل الألوان بما فيها الألوان الحمراء والباهتة والداكنة السوداء، لم نكد نخرج منها إلى الآن وبات الجميع مقتنعًا بأننا وصلنا إلى طريق مسدود، لا فيه هربة ولا عودة للوراء··· وهي أصعب الحالات إطلاقا· ريح وهواء!! مع بدء التغييرات الشعبية في عدد من البلدان العربية، والأهم في الدول المجاورة، اتضح للبعض أن ثمة ثقب في الجدار المسدود يمكن أن يخرج منه الواحد إن كسر الجمود على الأقل وحرك الصمود غير الكهربائي، ومادام أن هذا التغيير أصبح شرا لابد منه، كان لابد على الأقل أن نبدأ بالنيات وإن لكل امرئ مانوى، فمن قصد طلب المسكن للزواج فهذا قصده، ومن طلب العلا وحياة الكرامة، فهذا مطلبه! والحكومة على أية حال فهمت الجميع كما يبدو، من الأقوال على الأقل من الشاب والجامعي والقاعد والبطال وحتى الطبال (والزرناجي) في خنفة سيدي ناجي! وثمة توافق بين الجميع على أن التغيير، بمفهوم الإصلاحلات والتصليحات، وليس الجري والتكسير لقلب الطاولة من أساسها قد تحددت معالمها، وأنه حان وقت ضرب البندير··· وافرحوا ياقوم بماسيصيبكم من غيث ديمقراطي كبير يفوق صابة الشعير للعام الماضي بعد أن شحن بعضه للتصدير فضاعت الحمير والنعاج والبعير! فالأهم أن النية متوفرة، وأن سي نيّة هذا لايجب فهمه هنا على أساس أنه من كان قليل الحيلة، مزروع في كل مكان··· فهناك سي نية في إقرار برلمان يسأل عن الشعب، وليس الشعب يسأل عنه، وسي نيّة آخر كي يسمحوا لكل واحد أن يغني على هواه وليلاه فلا أفواه مغلقة، إنما صياح حتى الصباح، وكي يحصل قبل ذلك على حقه في قسمة الريح بعد أن حصل على نصيبه من العصا وحدها أو من العصا والجزرة··· ولاتنسوا فضل بعضكم على بعض واعقدوا النيّة فقط لأن الأعمال بالنيات، ولكل امرئ مانوى ولو كانت الحرب ضد الريح (والهواء)!حوار·· في مكان ما