معركة الانتخابات انتهت إلى محطة الصندوق وكما في أي امتحان انتخابي يكرم واحد ويهان ويخسر خمسة، بينهم امرأة تحلم بأن تكون وراء رجل أو رئيس عظيم تستقوي به على برلمان رجالي تريده محلولا الآن قبل الغد، فإن المعركة انتهت والضحايا لن يكونوا منافسين لا وزن لهم استفادوا من مكرمة أن يقارعوا وينافسوا من لا طاقة لهم بتاريخه ولا بجنده.. انتهى الدرس وكما انتهت معه حظوظ الندماء الخمس، فإن من يسمونهم أو يسممونهم بصفة الأوزان الثقيلة قد غرقوا في كأس ماء وسقط ورق التوت عنهم بعدما اكتفوا ببلع كذبة الأوزان الثقيلة ليجلسوا قرب الهاتف الثابت والمتحرك في انتظار اتصال تاريخي يعيدهم لزمن .. لبلاد تحتاجك يا فلان.. الأوزان الثقيلة بالصمت وبالهروب وبتولي الأدبار، أول الخاسرين في معركة الرئاسيات ومن الدكتور طالب الإبراهيمي الذي اختار أن يكون مؤلفا عوضا عن مترشح ومنافس أصيل، إلى الشيخ جاب الله المرابط على حدود النهضة من أجل نهضة من كبوة الإمامة والعمامة الإصلاحية المفقودة، إلى مفكر ومنظر زمانه مولود حمروش المنشغل بتعلم فنون الطبخ الهاتفي، وانتهاء بغزالي صاحب الانتخابات النظيفة التي أدت إلى احمرار الأٍرض والسماء في الزمن التسعيني، فإن الثابت كنتيجة انتخابية وشعبية أن هؤلاء الذين يطلق عليهم كبارا قد خرجوا منها صغارا ليخلفهم أضعف خلف لأجبن سلف.. الدكتور طالب الإبراهيمي تحجج في عزلته وخلوته ومنفاه الانتخابي بقرار أن اللعبة مغلقة واستعان بالبحث عن نفسه بين ذكرياته ويومياته السابقة لكي يملأ منها مجلدات ويبيعها أو يهديها لمن يريد أن يتعلم ويقرأ ويعرف كيف يرمي الفارس رمحه وينتعل قلما وذاكرة قديمة يخفي من خلالها عجزه عن مواجهة خصومه ممن أغلقوا اللعبة• ورغم اليقين الثابت في فن القتال أن الفارس لا يفر من أرض المعركة بحجة سهوبها وجبالها ووديانها، إلا أننا عشنا زمنا ينسحب فيه قائد الجيش من أرض المعركة بحجة الهزيمة المرتقبة والأرض المغلقة في الحين الذي يسمح فيه وربما يبارك نفس الجنرال أو الراهب أقرب وأنجب وأعز تلامذته من دخول الساحة وتجريب حظه في ترشح بالوكالة عن الزعيم المشغول بكتابة مذكراته التي لن ترد بين سطورها ولا أوراقها أن الإبراهيمي المعارض وذو الوزن الثقيل التزم بيته وكتبه وذاكرته تاركا المجال لانتحار تلميذه وكاتم أسراره النجيب والمسمى محمد السعيد.. الشيخ جاب الله لحية أو وزن ثقيل آخر، رفض الترشح والسبب تقاطع مع لعبة الإبراهيمي المغلقة والسؤال الذي لا استفهام له، ترى كيف يقنع الشيخ المصاب بلعنة الإقالة، مريديه أن اللعبة مغلقة ورغم ذلك يقبل فيها الشيخ دور السائح بين الإصلاح والنهضة بحثا عن عمامة وإمامة تتقاذفها أرجل الرفاق والأصحاب، مرة تسقط وأخرى ترفع وفي كل الأحوال فإن الشيخ الذي يعرف ويقر بأن اللعبة مغلقة ورغم ذلك يمسك عمامته بالنواجد ولا يهم إن كانت مع الإصلاح أو النهضة ولا ندري الفائدة المرتجاة من تزعم الشيخ جاب الله الجديد، مادام اللعب مغلقا وعودة الشيخ لإمامة النهضة لن تأتي بجديد، غير أن أبا الصحابي أبو موسى الإشعاري خرج من بيته بعد واقعة صفين ليرد الصفعة لإبن العاص.. النابغة والمفكر والمنظر المرتبط اسمه بالإصلاحات وبالكلام الكبير عن العصب والزمر الحاكمة مولود حمروش، غائب آخر يقال إن وزنه ثقيل وواضح مثل خانته السوداء التي تكاد تغطي وجهه، انتهى إلى الصمت وحجته أن اللعبة مغلقة ولأنه يعرف أن الأمر كله ''لعبة'' لها محركين ولها جهاز تحكم عن بعد، فإن الرجل المحنك لن يتحرك إلا بمهماز، ولأن الهاتف لم يرن فإن الرجل المعارض وغير الراضي عما هو موجود يترقب إشارات وهاتف مستعجل من محرك اللعبة ليقول له بدلا عن الشعب وأصواته ..''لبلاد تحتاجك يا سي مولود''.. يبقى في آخر المطاف أبو فراشة، رئيس الحكومة الأسوأ في الجزائر المستقلة والمقترن اسمه بنظيفة ونزيهة .. غزالي يقال إنه نمر من وزن ثقيل ورغم أن البعرة تدل على البعير وعلى ما خلف غزالي في صحراء سونطراك، إلا أن وصف الأوزان الثقيلة يوزع هاته الأيام اعتباطا ودون الحاجة إلى ميزان ولا حتى إلى أوزان. والمهم في حكاية الانتخابات الرئاسية المغلقة ومضاداتها المسماة أوزان ثقيلة أن المواطن مرة أخرى عاش وعايش عن قرب كيف تحسن بعض الشخصيات السياسية إيجاد التبرير للفشل المصطنع والمعلب، ونحن هنا لا نقول بأن الانتخابات مفتوحة وحرة والطريق إلى المرادية مفروشة، ولكن من الغباء والاستعباط أن نقتنع بحجج الأوزان الثقيلة في تولي الأدبار فكما المنطق يقول إن اللعبة مغلقة، فإن نفس المنطق يرض على من اكتشفوا السر أن يبحثوا ويناضلوا من أجل إيجاد المفتاح. أما أن يلتزموا ديارهم ويتستروا بكتابة المذكرات أو بالبحث عن إمامة حزب أو بتلاوة أفكار أرسطو وربما بارتداء ''فراشة'' بلا قماش نظيف ونزيه، فإن على الأوزان الثقيلة أن تعرف أن ثقلها يكمن في فشلها وفي ترقبها الدائم والأبدي لرنين هاتف مهم ليكون ردها الجاهز .. شبيك.. لبيك.. (ىِى).. و ''خاطيك''. قصة أمير.. وخادمه.. شاعر العرب المتنبي ما كان له أن يقتل من طرف قطاع طرق ترصدوا له، لو أنه قال كما القاعدين أن اللعبة مغلقة، فالرجل حينما رأى قاتليه وعددهم يفوق العشرة، قرر الهرب وكان يمكنه أن يفعلها ويكتفي بكتابة شعره متخفيا، لكن ولأن ''خادمه'' رأى فراره وجبنه فذكره بقوله ''الخيل والليل والبيداء تعرفني.. والسيف والرمح والقرطاس والقلم''، فإن المتنبي اكتفى بكلمة واحدة.. لقد قتلتني أيها الملعون.. والخادم لم يطعنه ولكنه ذكّره بكلامه والفرسان يحترمون كلامهم، فكان مصيره أن دفع الثمن حياته ولم يقل أن اللعبة مغلقة ويحفظ لنفسه حياته مع فرار يوم الزحف.