تعكف السلطات العمومية حاليا على إعداد دراسة تتضمن الآليات الكفيلة باستهداف وتخصيص الدعم للفئات الهشة وتخفيف الأثر السلبي الناجم عن الرفع التدريجي للأسعار لدى بعض الفئات, حسبما أكد عليه وزير المالية عبد الرحمان راوية امس الاثنين. وأفاد راوية خلال رده على النواب -عقب جلسة علنية لمناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2019- أن "السلطات العمومية تبقى عازمة على انتهاج سياسة اجتماعية تضمن للمواطن الجزائري أوسع تغطية اجتماعية ممكنة". وأوضح نفس المسؤول أن سياسة الدعم من التحويلات الاجتماعية والإعانات المباشرة او غير المباشرة ستخصص للفئات الهشة "مع تخفيف الاثر السلبي للرفع التدريجي للأسعار على هذه الفئات من خلال برنامج تعويض للسكان المتضررين من الإصلاحات المتوخاة". وفيما يتعلق بتحسين استهداف التحويلات الاجتماعية, أكد الوزير أنه ومنذ السداسي الثاني من 2014 تضررت الموازين الداخلية والخارجية والمالية العامة, أين تعذر الاستمرار في تقديم الدعم الواسع لمختلف الفئات دون تمييز . وتابع راوية قائلا:" السلطات العمومية واعية بضرورة استهداف الدعم وتوجيهه للفئات الفقيرة والمعوزة التي هي في حاجة الى إعانات فعلية, نحن بصدد النظر في كيفية التخفيف عن الاثر التدريجي لرفع الاسعار على هذه الفئات والحفاظ على قدرتها الشرائية". ولهذا الغرض يتم التحضير لوضع آليات استهداف تكون عملية وناجعة وموضوعية . وبخصوص المنظومة الرقابية في مجال صرف المال العام , تم وضع جملة من التدابير لتعزيز دور الاجهزة الرقابية منها مصالح المراقبة المالية والتي تكتسي طابعا قبليا وقائيا و استشاريا, علما ان هذه المصالح الرقابية متواجدة في الهيئات والإدارات العمومية. ويعد القانون العضوي رقم 18/15 المؤرخ في 30 أكتوبر 2018 المتعلق بقوانين المالية اطارا عاما للمالية العمومية يتطلب تطبيقه مراجعة النصوص القانونية المتعلقة بإعداد الميزانيات العامة والرقابة على النفقات العمومية. وتعتزم مصالح وزارة المالية مستقبلا إدخال جملة من التعديلات على النصوص بالتركيز على النفقات العمومية ذات الأثر المالي المعتبر واستعمال معايير حديثة في ممارسة الرقابة على النفقات العمومية لا سيما منها الاعتماد على الرقابة الانتقائية وتعزيز الدور الاستشاري للمصالح المكلفة بالرقابة المالية. وفيما يتعلق بالتخوفات من ارتفاع نسبة التضخم بسبب تنفيذ التمويل غير التقليدي, أكد الوزير أن هذا الأخير سجل تباطؤا خلال التسعة أشهر الأولى من 2018 بنسبة 45 ر4 في المائة بعدما كان متوقعا وصوله الى 5ر5 في المائة في قانون المالية التكميلي في نفس السنة . وتم توجيه هذا التمويل للاستثمار العمومي وليس لتمويل الاستهلاك وبالتالي " لم يشكل مصدرا للتضخم ",يضيف الوزير. وفيما يخص الجانب الجبائي فقد تم الحفاظ في إطار مشروع قانون المالية 2019 على نفس التدابير التحفيزية لفائدة الاستثمار والتشغيل مع عدم ادراج ضرائب جديدة في إطار مشروع هذا القانون. وفي مجال عصرنة الإدارة الضريبية وتحسين الاداء الضريبي, أكد الوزير أن إدارة الضرائب باشرت اقتناء نظام معلوماتي جديد سيعوض النظام الحالي ويدخل في خدمة أولية خلال السداسي الثاني من 2019. وتم تبني نظام إعلامي جديد, حيث تعتبر بوابة "جبايتك" التجربة الأولى من جملة الإجراءات لنظام الجباية عن بعد, لتبسيط الواجب الضريبي. وبالنسبة للاستراتيجية المعتمدة من طرف الحكومة لتحسين التحصيل الضريبي تم تسطير عدة إجراءات وتسهيلات لجلب المكلفين بالضريبة لدفع ديونهم الجبائية. ومن بين هذه الإجراءات, الاجراء القانوني للدفع حيث بإمكان المكلفين بالضريبة الحصول على إرجاء قانوني للدفع بالنسبة للحصص التي هي محل طعن من طرف الإدارة مقابل تقديم ضمانات كافية لاستيفاء دين الخزينة او 30 في المائة من المبلغ المتنازع عليه الى حين صدور قرار الادارة . كما يمكن للمكلف اللجوء الى الدفع بالتقسيط وهو اجراء لتمكين المكلفين المدينين بالحصول على رزنامة الدفع بالتقسيط على مدة قد تصل الى 36 شهر مع دفع مسبق لا يقل عن 10 في المائة من مجموع الديون. كما يتاح للمؤسسات التي تعاني من صعوبات مالية جدولة الديون الجبائية ( المادة 90 من قانون المالية ل 2017 ) دون تسديد اولي مع إعفاء مسبق لغرامات التحصيل وفق رزنامة تسديد تصل الى 36 شهر . كما لجأت الجهات المعنية إلى الإقرار بامكانية تسديد الديون الجبائية دون احتساب غرامات التأخير الذي يهدف الى تشجيع المكلفين بالضريبة بتسديد كامل مستحقات الخزينة على دفعة واحدة مقابل استفادتهم من إعفاء كلي. وفيما يخص الإعفاء المشروط, يتم في إطار الإجراءات الخاصة لحل المنازعات الجبائية للمؤسسات حيث يسمح في حالة العدول على الطعن بالاستفادة من إعفاءات معتبرة عن غرامات التحصيل مع تمديد تسديد الديون الى مدة 18 شهر. ويتمحور نظام إجراءات مواجهة الغش والتهرب الجبائي في عدة اجراءات متعلقة بالبحث عن المعلومات الجبائية (حق الاستعلام, حق التحقيق,حق الزيارة) والرقابة الجبائية مع إمكانية الشروع في تحقيقات التعاون التي تنظم آليات الرقابة المختلطة بين إدارة الضرائب والجمارك والتجارة في اطار انشطة مكافحة الغش للادارة الجبائية. وفي مجال تطبيق العقوبات على دافعي الضرائب نتيجة الاحتيال اكد الوزير أن الجهات المعنية ستقوم بتسجيل دافعي الضرائب ذوي التصرفات الاحتيالية في الملف الوطني للمحتالين واستعمال المراقبة الجاري إعداده, مع استخدام المساعدة الإدارية الدولية لمكافحة الاحتيال الدولي والتهرب الضريبي. وفيما يتعلق بنشاطات السوق الموازية يتعين على اعوان الضرائب تنظيم تدخلات ميدانية فجائية لمعاينة وتحديد النشاطات الممارسة دون سجل تجاري,حسب راوية. كما يتعين عليهم معاينة النشاطات غير المصرح بها لدى إدارة الضرائب ومعاينة المخالفات الجبائية والتجارية بالفواتير , ومعاينة الأملاك العقارية بدون تصريح , الى جانب مراقبة حسن استغلال المزايا الجبائية. أما بالنسبة لعصرنة المنظومة المصرفية و القطاع المالي فقد تم وفق الوزير ادراج نظم المعلومات وأدوات الدفع الحديثة التي تسمح للبنوك بالتوافق مع المعايير الدولية في مجال السرعة, ذاكرا عملية تحديد نظم المعلومات على مستوى البنوك العمومية الستة من خلال "غلوبال بانكينغ " الذي يدعم جميع خدمات البنك. الى جانب ذلك يتم العمل في إطار مشروع هذا القانون على تحسين مناخ الأعمال في البنوك من خلال تطوير وساطة البنوك وتنويعها, إلى جانب تنظيم تسويق المنتجات المصرفية التشاركية.