البلاد - آمال ياحي - تتخوف الكثير من الوكالات السياحية من عزوف الجزائريين خلال هذه الصائفة على بعض الرحلات المنظمة نحوبعض البلدان الآسيوية والأوروبية وحتى العربية، فرغم أنها فتحت قائمة التسجيل لرحلاتها الصيفية إلى الخارج إلا أن الإقبال محتشم وينذر بتراجع نشاط هذه الوكالات مقارنة بسنوات مضت بسبب الحراك الشعبي وإصرار الجزائريين على الخروج كل جمعة في مسيرات مليونية إلى غاية رحيل كل رموز النظام القديم. باشرت الوكالات السياحية هذه الأيام في حجوزات الرحلات الجوية والفنادق للراغبين في قضاء عطلة الصيف خارج الوطن بينما بدأت تفقد الكثير من الزبائن على صعيد السياحة الداخلية بسبب جشع بعض أصحاب هذه الوكالات وهوما دفع بآلاف المواطنين الى الاعتماد على أنفسهم في كراء أماكن للاصطياف، غير أن هذه العملية لا تخلومن المفاجآت غير السارة ومخاطر الوقوع في "شباك" المحتالين. إقبال محتشم على الرحلات خارج الوطن وتونس تحتل الصدارة رغم تفضيل الكثير من العائلات تأجيل الحجز إلى غاية آخر لحظة قبل بداية العطلة، إلا أن معظم المهتمين بقضاء أيام العطلة خارج الوطن سارعوا منذ الآن الى شراء تذكرة السفر لاسيما بالنسبة للوجهات التي تقترح تخفيضات الأسعار خلال فترة الصيف. يقول نائب رئيس النقابة الوطنية للوكالات السياحية شريف مناصرة في حديث مع "البلاد" إن للجزائريين وجهات مفضلة يداومون عليها منذ سنوات وهي حسب الترتيب: تركيا، تونس، المغرب، إسبانيا وشرم الشيخ. وقد بدأت أعداد لابأس بها في الحجز على متن طائرات تضمن رحلات خاصة مباشرة. وبخصوص الإقبال الضعيف للجزائريين على حجز الرحلات خارج الوطن يؤكد مدير عام مجموعة وكالات يوبي للسياحة والأسفار الرائدة في تنظيم الرحلات والتي تنشط في عدة ولايات عبر الوطن، أن تدهور القدرة الشرائية للفرد الجزائري بفعل الأزمة الاقتصادية ساهمت بشكل ملحوظ في عزوف المواطنين عن الحجز المبكر مثلما جرت العادة في السنوات الماضية حيث كان المواطنون المهتمون بالسفر الى الخارج يحجزون بدءا من الأسبوع الأخير لشهر رمضان، في حين أن الإقبال محتشم جدا لحد الساعة باستثناء بعض الفضوليين الذين يقصدون الوكالات السياحية للاستعلام عن أسعار الرحلات. ويتخوف مولود يوبي في تصريح ل«البلاد" من عدم نجاح الموسم الحالي بالنظر للظرف السياسي العام للبلاد وحالة الحراك المستمر، معبرا عن أمله في أن تتغير المعطيات خلال شهر جويلية بمجرد صدور نتائج شهادتي "البكالوريا" و«البيام" حيث أشار في هذا الشأن الى أن العائلات الجزائرية مشغولة بامتحانات أبنائها وهذا ما يفسر ربما الإقبال المتواضع على الرحلات السياحية المنظمة للخارج وعدم الاهتمام بالتسجيل في قوائم هذه الرحلات مع بدايتها، معتبرا أن شراء الوكالات السياحية تذاكر سفر نحو الوجهات المفضلة للجزائريين فيه الكثير من المخاطرة المالية لأصحاب الوكالات السياحية وتابع قائلا: "أنا شخصيا أفضل عدم الحجز في اي رحلة خاصة لأن المؤشرات لا تزال غير واضحة ومن الصعب جدا التكهن بما سيحدث في المستقبل القريب. وفي المقابل أوضح يوبي أن تونس ستحتل المرتبة الاولى في قائمة الوجهات السياحية للجزائريين نظرا للعروض المغرية التي تقدمها في أسعار الفنادق حيث لا يتجاوز سعر الرحلة عبر الحافلة مع الإقامة لمدة أسبوع 40 ألف دينار ويرتفع الى حدود 65 ألف دينار إذا كانت الطائرة هي وسيلة النقل، وهذه الاسعار تبقى جد منخفضة مقارنة بأسعار الكراء المعروضة في الولايات الساحلية سواء هياكل فندقية أو شقق يؤجرها الخواص. السياحة الداخلية لمن استطاع إليها سبيلا وبالنظر الى كون بعض الوجهات السياحية خارج الوطن تبقى حكرا على فئة ميسوري الحال فإن غالبية الأسر الجزائرية تفضل السياحة الداخلية رغم أنها ليست متاحة للجميع حيث إن أغلبهم يتجنب اللجوء إلى خدمات الديوان الوطني للسياحة الذي يعرض أسعارا في غير متناول الجميع سواء تعلق الأمر بالفنادق الواقعة على شاطئ البحر أو القرى السياحية التي يتراوح سعر الكراء لليلة الواحدة بين 8 و12 الف دينار او ما يزيد عن ذلك للفرد الواحد لتبقى السياحة الداخلية صعبة المنال كونها باتت حكرا على أصحاب الدخل المرتفع او المتوسط مع تأكيد البعض على "اختزال" فكرة السياحة "باستثناء نزهات البحر" من قائمة برنامجه الصيفي. أما بالنسبة للبقية حتى وإن لم تتجاوز مدة العطلة عشرة أيام المهم بالنسبة لهم هو الترويح عن النفس ولو لأيام معدودات ويبقى المرتب الثنائي للزوجين هو الحل الوحيد الذي يمكن الأسر من التوجه إلى البحر سواء في الجزائر أو في الخارج. غياب الرقابة يحول بيوت بعض الجزائريين في الولايات الساحلية إلى فنادق مع انتشار ثقافة قضاء العطل الصيفية على شاطئ البحر وجد قاطنو الولايات الساحلية ضالتهم في هذه الذهنية المترسخة حديثا في حيث تحولت الأحياء السكنية في الولايات الساحلية إلى فنادق مفتوحة لاستقبال المواطنين بأسعار خيالية حيث يصل سعر إيجار الشقة الواحدة الى 5 آلاف دينار لليلة الواحدة وهو السعر الذي يجد المواطن نفسه مجبرا على دفعه في ظل غلاء باقي المرافق السياحية. لهذه الأسباب لم يعد الكثير من الجزائريين يفكرون في الفنادق والمركبات السياحية لقضاء عطلتهم السنوية حيث باتت الوكالات السياحية وحتى المواقع الإلكترونية تعرض إعلانات لا تنتهي لمواطنين يعرضون سكناتهم للإيجار مقابل أسعار خيالية، وفي بعض الأحيان أغلى من تلك المعتمدة في الفنادق فشقة من ثلاث غرف في مدينة سياحية يتجاوز سعرها مليون سنتيم لليلة الواحدة وينخفض السعر كلما قل عدد الغرف وابتعدت الشقة عن البحر والمرافق الضرورية. ظاهرة إيجار سكنات المواطنين لقضاء العطلة الصيفية باتت تتسع من عام لآخر لتتحول أحياء بكاملها على البحر إلى فنادق لاستقبال المصطافين الذين يشتكون من ارتفاع الأسعار مقابل الخدمات المتدنية مما دفع الكثير من الجزائريين إلى اختيار قضاء العطلة خارج الوطن حيث تستقطب تونس حصة الأسد من المصطافين الجزائريين الذين باتوا يفضلون كراء شقق بأسعار أقل بكثير من تلك المعتمدة في الجزائر. الدخلاء على المهنة سبب الفوضى وارتفاع الأسعار أفاد مختلف خبراء السياحة وأصحاب الوكالات منهم وكالة تموشنت سفر أن كراء الشقق وفضاءات الإيواء عند الخواص ليست ظاهرة مقتصرة على الجزائر فحسب بل العديد من الوجهات السياحية تلجأ إلى هذا النوع من الإيواء لدعم أو تنويع طاقاتها الإيوائية وتعزيز جاذبيتها السياحية وهذا له دور لا يستهان به للتخفيف من نقص مرافق الإيواء، لكن المشكل أن هذه العملية تتم بعيدا عن أعين السلطات وخارج إطار قانوني صارم ومراقبة متواصلة خصوصا على صعيد النظافة والنوعية والاسعار. وبهذا الخصوص يرى اصحاب وكالات سياحية أن استغناء معظم المواطنين عن خدمات الوكالات السياحية في البحث عن اماكن للاصطياف وبأسعار معقولة سببه بعض السلوكيات المتنافية مع اخلاقيات المهنة وهي ناجمة على حد قوله عن فئة "الدخلاء" على قطاع السياحة والاسفار الذين لا تهمهم سمعة الوكالة بقدر تهمهم العمولة التي يحصلون عليها وهو ما نفر الزبائن ودفعهم الى الاعتماد على انفسهم في اختيار اماكن الاصطياف غير أن هذا الحل لا يخلو أيضا من المتاعب حيث انهم يقعون بكل سهوله في ايدي قناصي الفرص الذين يقومون بتأجير بيوتهم بأسعار باهظة رغم أن الاطعام والنقل يقع على عاتق المستأجر. جزائريون بشعار: "في تونس، المغرب أو تركيا.. نصيفو ڤاع" أجمع أصحاب الوكالات السياحية المستجوبون على ان التطورات السياسية التي طبعت الجزائر منذ اشهر لم تؤثر على رغبة الجزائريين في الإقبال على قضاء عطلة الصيف على شاطئ البحر في الخارج ممن يفضلون قضاء عطلة صيفية مميزة وهذا بسبب نقص السياحة الاستقبالية في بلادنا وانعدام الهياكل القاعدية للاستقبال ومرافق الإيواء والمنتجعات السياحية إلى جانب تدني مستوى الخدمات وقلة اليد العاملة المؤهلة، كما أن استمرار الحراك وخروج الجزائريين كل جمعة قد يؤدي الى ركود نوعي في نشاط الوكالات السياحية هذه الصائفة وعدول الجزائريين عن رحلات منظمة لدول آسيوية وأمريكية وأوروبية، حيث تبقى تونسوتركيا هما الوجهتين المفضلتين عندهم، وتتراوح تكلفة رحلات نحو مصر بين 13 و14 مليون سنتيم، وتونس بين مليونين ونصف و5 ملايين سنتيم، أما تركيا فتتراوح الرحلات بين 12 و14 مليون سنتيم لمدة أسبوع. وحسب استطلاعنا فإن وكالات سياحية تخلت عن رحلات نحو ماليزيا وأندونيسيا والولاياتالمتحدةالأمريكية والهند واقتصرت رحلاتها هذا العام على تونسوتركيا، وتقدر تكلفة رحلة إلى تركيا لمدة 7 ليالي و8 أيام بأكثر من 13 مليون سنتيم فيما تصل الرحلة نحو ماليزيا إلى أكثر من 20 مليون سنتيم لمدة أسبوع.