تكتسي العطلة الصيفية لدى الجزائريين أهمية خاصة لايمكن للبعض الاستغناء عنها من أجل الراحة والاستجمام، فإذا كان البعض يسافر إلى خارج الوطن لقضاء عطلته السنوية فإن البعض الآخر يفضل التمتع بالإمكانيات السياحية المتوفوة بأرض الوطن خاصة بعد أن عاد الأمن والاستقرار للمناطق التي كانت محرمة على المصطافين في العشرية ما قبل الماضية فأغلب رحلات الجزائريين هذا العام توزعت بين تركيا، تونس وسواحلنا الخلابة. فوجهت الجزائيين تختلف حسب قدراتهم المالية حيث يسعى غالبيتهم إلى توفير مبلغ مالي والاقتصاد من أجل قضاء عطلة مريحة خارج الوطن أو داخله من خلال تنظيم رحلات تكون أحيانا بالسيارة أو عبر الجو والبحر عندما تسمح الميزانية العائلية باقتناء تذكرة سفر عبر وكالات السفر التي تسعى جاهدة في هذه الفترة لإرضاء زبائنها وجلب أكبر عدد منهم بعد أن أصبح تغيير الجو لبعض الأيام مطلبا ملحا عند الأسر الجزائرية التي اتجهت نحو التفكير الجدي في اقتصاد جزء من الراتب الشهري لقضاء العطلة الصيفية خارج البيت والترويح عن النفس بالمخيمات والمواقع السياحية التي تمتد على طول الشريط الساحلي بينما يقضي عدد آخر ممن تسمح إمكانياتهم عطلته خارج الوطن وفي البلدان العربية والأوروبية. تركيا تزحزح تونس فعادة ما تقضي غالبية الأسر عطلتها في البحر الذي يشهد إقبالا متزايدا للمصطافين من الوطن ومن الجالية بالخارج بينما أصبحت بلدان أوروبية أخرى تستهوي عددا من الجزائريين المحظوظين وهي تركيا البلد الساحر الذي أكد مسؤولون بوكالات سياحية أنها استقطبت هذا العام السياح الجزائريين وأصبحت وجهتهم المفضلة، بعدما ظلت تونس الوجهة المفضلة لسنوات، فحسب المسؤول التجاري لوكالة "أنستازيا تور" السياحية الواقعة بشارع محمد زكال ببلدية سيدي امحمد فإن الطلب انصب منذ بداية العطلة على تركيا وخاصة العاصمة اسطنبول التي يقصدها كثيرا الشباب والأزواج الجدد الذين يفضلون قضاء شهر العسل في هذا البلد الذي ربما اكتشفوه يقول من خلال المسلسلات التركية التي لاقت رواجا كبيرا وتعلق الجزائريون الشباب بأبطالها مؤخرا، كما أصبحت أيضا مالطا الواقعة بين القارتين الإفريقية والأوروبية تستهوي السياح الجزائريين، ما جعل الوكالة المذكورة تخصص ولأول مرة رحلات لهذا البلد القريب من شمال إفريقيا حتى لا تفوت الفرصة كسب المزيد من الزبائن. من جهتها استحدثت وكالة "مواسم للسفر والسياحة" الواقعة ببلوزداد هذا العام خط مالطا لأول مرة حتى تستجيب لطلبات الزبائن في انتظار فتح خط نحو مصر التي يفضل البعض قضاء عطلته بها والتمتع بالشواطئ والمواقع السياحية ومنها الأهرامات إلى جانب رحلات لتونس التي لا يزال الطلب عليها كبيرا من خلال السفر برا في أغلب الأحيان حسب ممثلة الوكالة التي تراهن أيضا على تحسين خدماتها على المستوى الداخلي من خلال تخصيص فندق للعائلات بولاية جيجل الساحلية إلى جانب المخيم الصيفي بالقالة. نفس الانطباع وجدناه عند وكالة "الزعاطشة للسياحة والأسفار" بالقبة التي قال مديرها إن تركيا أصبحت هي المفضلة إلى حد الآن مقارنة بالسنوات الماضية أين كانت تونس تستقطب غالبية السياح الجزائريين وذلك لتقارب التكلفة بين البلدين حيث تصل بالنسبة لتركيا إلى 80 ألف دينار مقابل 50 ألف دينار لتونس التي تقصدها الأغلبية عن طريق البر لقربها، وقد استغل التونسيون هذا الإقبال -يقول المتحدث- لمضاعفة الأسعار المفروضة على الجزائريين مقارنة بتلك المفروضة على الأوروبيين، مما جعل سواحنا -حسبه- يغيرون الوجهة رغم مشكل غلاء التأشيرة وتذكرة الطائرة، هذه الأخيرة التي تعتبر المشكل الذي تعاني منه الوكالات التي تفرض عليها الخطوط الجوية لمعظم الدول أسعارا مرتفعة باستثناء شركة الخطوط التركية التي تعد أسعارها أقل، ما جعلها تنافس بعض البلدان مثل مصر، المغرب وتونس التي لايزال حسب مدير عام وكالة "ديسكوفري للسفر" بساحة أول ماي عدد منهم يختارها لقضاء عطلته لاعتبارات عديدة أولها اقتصادية، حيث يعتبر الكثير أن أسعارها في متناولهم مقارنة بالخدمات المقدمة للزبائن على أرض الوطن التي تعرف ارتفاعا فاحشا ما جعل تونس تكسب الرهان في هذا المجال باستقطاب عدد كبير من الأسر الجزائرية حيث لعبت على وتر انخفاض أسعار الخدمات وجودتها في الوقت نفسه، كما أن غالبية الجزائريين -يقول المصدر- لاتسمح لهم قدرتهم الشرائية باختيار بلد آخر غير تونس التي تعتمد أسعار مغرية لجلب السياح، مشيرا أن وكالة "ديسكوفري" التي تخصص رحلات أخرى إلى المغرب، روسيا ومالطا فقد اعتمدت هي الأخرى صيغة جديدة هذه السنة لجلب الزبائن والمتمثلة في تخصيص حافلة لنقل المسافرين نحو تونس وهذا في وقت يفضل غالبية المتوجهين إلى هذا البلد سياراتهم الخاصة لاقتصاد مبالغ إضافية قد تمكنهم من قضاء أيام أخرى مريحة في الأفراح والحفلات العائلية. الأمن أنعشها ومستقبل واعد للسياحة في الجزائر ويرى صاحب وكالة "الزعاطشة" بالقبة أن الأمن أنعش السياحة بالجزائر وأن الجزائريين يمكنهم التمتع بالإمكانيات الوطنية في هذا المجال بدلا من اللجوء إلى البلدان المجاورة، منها تونس التي استثمرت في إمكانياتها الطبيعية والموارد البشرية التي تكونت في الجزائر، حيث تابع معظم مسؤولي الفندقة بتونس تكوينهم بالمدرسة العليا بالعاصمة الجزائرية ما يؤكد إمكانية إنعاش هذا القطاع بالجزائر بتحسين الخدمات وتدعيمها بالبنى التحتية التي لا تزال ناقصة خاصة الفنادق والمطاعم التي يعد الشروع في تصنيفها مؤخرا خطوة هامة لتطوير القطاع. وقال مسؤول مجموعة "تليجان للأسفار والسياحة" بالرويبة أن الوكالات السياحية تتفاءل بمستقبل هذا القطاع الذي سيعرف إنشاء قرى سياحية ومرافق ترفيهية ذات أبعاد ثقافية وحضارية بالإضافة إلى إنشاء فنادق راقية حيث سيتدعم قطاع السياحة قريبا بفنادق لا تزال في طور الإنجاز تضاف إلى الحظيرة الوطنية لفنادق التي تتوفر على 1047 فندقا 10 في المائة منها ذات تصنيف عال. وتأتي برمجة مشاريع استثمارية هامة في بلادنا لتشجيع السياحة الخارجية والداخلية وكذا رفع مستوى المهنية والمراهنة على غرس الثقافة السياحية التي تعتبر غائبة في بلادنا فعلى العكس من سياح البلدان الأخرى لا يحجز الجزائريون مسبقا للسفر حسب مسؤول وكالة "ترافل سرفيس" بالمكان الجميل بلدية وادي السمار ما يطرح مشكلا بالنسبة للفنادق التي تكون غالبا مملوءة خاصة في فصل الصيف وفترات العطل، إلا أن السياحة ستقوى في المستقبل القريب -حسب محدثنا- بعد السياسة المنتهجة حاليا من طرف الوصاية ومع تنوع الإمكانيات منها السواحل والصحراء والحمامات المعدنية كحمام "قرقور" المصنف الثالث عالميا. وربط المتحدث الذي يعد عضوا في نقابة الوكالات السياحية تطور السياحة أيضا بالمحافظة على البيئة في الشواطئ والمخيمات الصيفية ومختلف المناطق التي يقصدها المواطن للتنزه حتى تجلب الزوار أكثر ولا تنفرهم كما ركز جل الذين تحدثنا إليهم على جودة الخدمات التي جعلت من تونس الوجهة السياحية المفضلة للعائلات الجزائرية لعدة سنوات إلى جانب تركيا، مصر، المغرب واليونان بالإضافة إلى اختلاف الأسعار المعمول بها في تونسوالجزائر، حيث تفوق أسعار الخدمات بالجزائر مرتين أو ثلاثة تلك المقدمة بتونس وهذا رغم تفوق الخدمة السياحية التونسية خاصة على مستوى الاستقبال، الإطعام والإيواء ونظافة المحيط حسب مواطنة ستزورها قريبا للمرة الثانية وهذا ما جعل مليون سائح جزائري يقصدون هذا البلد خلال موسم الاصطياف. وقد كشفت الزيارة التي قمنا بها للوكالات السياحية أن العديد ممن ساعفهم الحظ لتنظيم زيارات عائلية خارج الوطن غيروا الوجهة هذا العام حيث قالت سامية التقيناها بوكالة سياحية، أنها تسعى لمعرفة الأسعار عبر وكالات السفر حتى يستقر رأيها على مدينة أو دولة قريبة حسب ميزانيتها بينما قال رضوان قضى عطلته السنة الماضية رفقة عائلته في سوسةبتونس أنه ينوي هذه السنة تغيير الوجهة نحو تركيا أو مصر بعد دراسة العروض المقدمة من مختلف الوكالات السياحية. رمضان يخلط العطل ولا مبالاة بأنفلونزا الخنازير ويبدو حسب مسؤولي الوكالات أن الجزائريين غير مبالين بوباء أنفلونزا الخنازير الذي انتشر في عدة بلدان حيث أن هناك من اختار تركيا ومصر والمغرب رغم تسجيل حالات بها وأن ما أخلط برمجة العطلة هو شهر رمضان الذي سيحل ضيفا في شهر أوت والذي أدى إلى برمجة الرحلات مباشرة بعد حلول الصيف في حين فضل البعض تأجيلها إلى ما بعد الشهر الفضيل، كما عبر ممثلو بعض الوكالات عن أسفهم لعدم تشجيع الاستثمارالمحلي، ونقص المنشآت القاعدية الأساسية لاستقبال السياح، حيث تفتقد الجزائر لمشاريع سياحية صغيرة تستقطب السياح محدودي الدخل والعائلات الجزائرية، فأغلب المشاريع السياحية هي مركبات فخمة تتجاوز تكلفتها قدرات الأسر الجزائرية، ما يستدعي الاهتمام بهذا الجانب لاستقطاب جميع الفئات لتقضي عطلها بأرض الوطن لتوفير مداخيل من السياحة بدلا من الاتجاه نحو بلدان أجنبية لقضاء العطلة. وتسعى الوصاية لاستدراك النقائص في قطاع السياحة الذي يواجه قلة مرافق الاستقبال مقارنة بالإمكانيات السياحية مما يطرح فرص استثمار هامة تراهن المجموعات السياحية الكبيرة على الفوز بها، والإستفادة من التسهيلات التي أقرتها الحكومة للنهوض بالقطاع.