لحوار مع الباترونا سيكون بشروط -هذه رؤيتنا للخروج من الأزمة السياسية الحالية ما هي إستراتيجية الأمانة العامة الجديدة للمركزية النقابية؟ أشكر جريدة "البلاد" على إتاحتها لي فرصة توضيح بعض الرؤى في العديد من المجالات وما تعلق بإستراتجيتنا من أجل العمل والعمال والاقتصاد الوطني بصفة عامة. المؤتمر الأخير ال13 المنعقد شهر جوان الماضي، حدد أهدفا وأولويات، كلف بها الأمانة الوطنية الجديدة خلال المرحلة الانتخابية التي مدتها 5 سنوات. وهذه الأهداف والإستراتيجية يمكن إجمالها في كلمة واحدة وهي كرامة العامل. اليوم المنظمة يجب أن تنظر تجاه كرامة العمل التي تعني الكثير، من بينها ظروف العمل ومداخيل العامل والقدرة الشرائية للعامل. في هذا المجال هناك عدة أطروحات أبرزها زيادة الأجور، إعادة النظر في الضريبة على الدخل، التحاور والتشاور من أجل رفع المنع والعلاوات. لأنه بالنظر إلى ما تحقق سابقا من زيادات في الأجور غير أنه قابلها في نفس الوقت ارتفاع في الأسعار، ما يعني أن العامل أصبح أمام معادلة صعبة في ظل قدرة شرائية ضعيفة يجب إعادة النظر والتفكير في كيفية توفير كرامة العيش للعامل. من أجل تحقيق ذلك ما الذي تنوون القيام به؟ ننوي فتح تشاور مع النقابات القاعدية للمنظمة ومع خبراء اقتصاديين وفي مختلف المجالات للبحث عن حلول وطريقة يستفيد بها العامل من زيادات دون أن يؤثر على ذلك على زيادات في الأسعار. ونحن واعون أن هذه الورشة كبيرة جدا وتتطلب تضافر جهود مع المخلصين، ولكن لدينا الإدارة الكافية واللازمة لنخوض هذا التحدي لنصل إلى ما نريده. الأمانة التنفيذية ورثت تركة كبيرة من القيادة السابقة كيف يمكن تجاوز هذا الأمر؟ الحراك الشعبي منذ 22 فبراير 2019 كان لديه انعكاسات إيجابية على المنظمة، حيث فتح حوار حقيقي مسؤول وجاد داخل هياكل الاتحاد، منذ ذلك التاريخ قمنا بعمل كبير ونقاشات حادة وحوار بدون قيود، وحتى في بعض الأحيان تسبب لنا في بعض الانشقاقات من بعض الولايات التي أعلنت نشاطها جهارا خارج الأطر القانونية ونشطت ضد القيادات السابقة. ونحن أيضا داخل الاتحاد نشطنا وقلنا بإعادة النظر في تسيير المنظمة وطرح المنظمة وطريقة معالجتها للمواضيع الاقتصادية وتوصلنا إلى تقريب موعد المؤتمر الذي كان في جانفي 2020، وكان فيه اقتراحات كبيرة من الاتحادات الولائية، الكل اقترح وذهبنا بقوة إلى المؤتمر الذي نتج عنه تغير في القانون والتركيبة البشرية بنسبة 90 بالمائة بما فيها الأمين العام. كل هذه التغييرات حتى تكون إيجابية يجب أن نعيد الديمقراطية في الحياة اليومية للمنظمة، حيث أن القرارات لا يجب أن تكون فوقية، بل بالعكس يجب مشاركة الجميع ومشاورة مع الجميع لاتخاذ أي قرار. هذا الأمر سيكون صعب لأن هناك ممارسات سلبية تكرست حقيقية ويجب التخلص منها، وربما قد نجد بعض المقاومة ولكن بتضافر جهود الجميع يمكننا رفع هذه التحديات لإعادة المنظمة لعملها الطبيعي في إطار ديمقراطي تشاوري. ما هو السبيل الذي ستنتهجونه لتحقيق ذلك؟ الحوار الجاد والمسؤول وبدون خلفيات يوصلنا لتغير جذري في طرق وأطر تسيير المنظمة. الأمانة العامة تواجه بعض المشاكل التنظيمية، والبعض يطالب برأس الأمين العام، ما تعليقكم؟ يمكن تقسيم هذا الصنف إلى مجموعتين، المجموعة الأولى تضم مسؤولين نقابيين نشطوا منذ سنوات، مؤخرا عادوا للمطالبة بالتغيير، أي تغيير !؟، الإشكال المطروحة في المنظمة وكل مشاكلها أنتم من خلقها، هذه النتائج من تسييركم واليوم تطالبون بالتغيير !، بعد سنوات أوصلتم المنظمة لوضع كارثي واليوم تطالبون بالتغيير بعد أن جاء شاب على رأس المنظمة منذ شهر جوان فقط، في حين أنتم كنتم مسؤلون لمدة سنوات طويلة ونتائجكم كارثية.. يجب أن نكون واقعيين. وأقول لهذه الفئة أننا نعفهم ولدينا حصيلة نشاطاتهم. وهنا فئة أخرى، طالبوا بالتغير خارج النظام الداخلي والأطر القانونية في وقت سابق، وهم نقابيون أحترمهم، وسبق وأن قلت لهم وأعيد أنا متفتح للحوار ومرحبا بكم في بيتكم. علاقة الاتحاد العام مع الباترونا والحكومة كيف ستكون مستقبلا؟ سؤال جد مهم، مشكور على طرحه، أولا يجب أن نفرق بين الباترونا العمومية والتابعة للقطاع الخاص. والحديث عن الباترونا يعني بالضرورة الحديث عن الثنائيات والثلاثيات، ونحن اليوم فلسفتنا واضحة، وبكل غدا لن يكون لي لقاءات ثنائية أو ثلاثية مع الباترونا لن أشارك ولن أقوم بهذا. لماذا لن تشارك مستقبلا في الثلاثيات أو الثنائيات؟ إذا كان التحاور مع الحكومة نعم، من أجل الاقتصاد من أجل العمال من أجل الوضعية الاجتماعية لا يوجد إشكال. ولكن التحاور مع الباترونا بالأخص التابعة للقطاع الخاص لا. على ماذا سأتحاور مع الباترونا الخاصة !، هل لدي عمال منخرطين؟، هل تحترم هذه الباترونا قوانين الجمهورية ! هل تدفع حقوق العمال لدى الضمان الاجتماعي بصفة منتظمة ودورية؟ هل تدفع ضرائبها؟ !. إذا كان عندها عمال منخرطين وتحترم هذه الأمور، وتحترم حقهم في التنظيم النقابي، نعم حينها سأجلس معها للتحاور بخصوص العمال والنقائص التي يعانون منها، لكن التحاور معها فقط من أجلا الواجهة ليقال أن المركزية النقابية لديها حوار مع الباترونا، وفي النهائية من أجل لاشيء.. هذا أرفضه وليس لي أي حوار مع هذه الفئة. أأكد لك إذا كانت الباترونا تحترم قوانين الجمهورية وقانون علاقات العمل وقانون الحق في ممارسة النقابة، مرحبا بها ولا يوجد إشكال لدراسة المشاكل المطروحة، بل يمكن للمنظمة حينها الذهاب بعيدا من خلال مساعدة هذه الباترونا ودعمها مع الحكومة خدمة للعمال وليس لشيء آخر، وللحفاظ على مناصب العمل. أما خارج هذا الإطار ليس لي أي حوار مع الباترونا. وأريد هنا أن أوضح شيء مهم، نحن لا نقصي الخاص لأنه خاص، نقصيه إذا كانت ممارسته خارج الأطر القانونية. هذا هو طرحنا السليم الذي ليس عليه أي غبار. المركزية متهمة بعرقلة نشاطات النقابات المستقلة، كيف ستتعاملون مستقبلا مع هؤلاء الشركاء؟ هذه مسالة مطروحة على مستوى المركزيى، أول ما انتخبت على رأس المنظمة خلال المؤتمر ال13 شهر جوان، في خطابي قلت أنني سأعمل مع النقابات المستقلة للأني أحترم الدستور الجزائري، الذي ينص على التعددية الحزبية والتعددية النقابية ونحن نحترم الدستور، إذا كان في الماضي يعاب على المنظمة أي شيء عن حق أو غير حق، فنحن اليوم نعتمد سياسة اليد الممدودة. وعليه أقول اليوم أيدينا ممدودة للجميع، وليس لنا أي إشكال في التعامل مع أي نقابة مستقلة، نعمل مع الجميع من أجل خدمة العمال والمطالب المشتركة للعمال، وليس لدينا أي عقدة في هذا الجانب، إلا الذي لا يريد العمل مع المركزية النقابية وأقصى نفسه بنفسه. الكثير من المؤسسات العمومية تعاني من الإفلاس ما هو دور الاتحاد في تدعيمها؟ أعطيتني فرصة للحديث في هذا الجانب، حيث أن تراجع عائدات البترول كلف خسائر كبيرة في مداخيل الخزينة العمومية وينعكس طبعا على المؤسسات الاقتصادية، زيادة على هذا لاحظنا مؤخرا نوعا من الركود في الجانب الاقتصادي. المرحلة الحالية لا يجب أن تطول، ويجب في نظرنا أن نصل بطريقة سريعة لتنظيم رئاسيات وتنبثق عنها حكومة لديها شرعية منبثقة من الأغلبية الشعبية وتحوز ثقة الشعب لنهتم بالأمور الاقتصادية بالنظر للركود الكبير في هذا الجانب. واليوم هناك مسؤولين لا يمكنهم اتخاذ أي قرارات وفيه مستثمرين يرفضون دخول السوق الجزائرية بسبب الضبابية السياسية.. وهذا يزيد من عواقب الجانب الاقتصادي، ما ينجر عنه أزمة اجتماعية ومردود سلبي على مداخيل العامل. واستغل فرصة السؤال لأقول، نحن في مرحلة نحتاج فيها إلى تضافر كل مكونات البلد للذهاب في أقرب آجال في أطر قانونية صحيحة تضمن الشفافية والشرعية. القيادة السابقة في إطار الثلاثية وقعت على اتفاق شراكة بين القطاع العام والخاص لإنقاذ هذه المؤسسات، ما عليقكم؟ ليكن في علمكم، لم يسبق لي أن حضرت أي ثلاثية، والوحيدة التي حضرت هذه التي تتحدث عنها، التي تطرقت إلى الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص، في نظرنا آنذاك وأنا كنت أظن ذلك، حيث أنه مع تراجع مداخيل الدولة وتأثير ذلك على المؤسسات العمومية، قلنا أنه يمكن رصد إمكانيات مالية لصالح هذه الشركات العمومية من خلال هذه الشراكة لمنحها للمؤسسات التي لا تستطيع الخزينة العمومية دعمها. ولكن للأسف تبين مع الوقت، أنهم كانوا سيستحوذون على العديد من المؤسسات العمومية من خلال اتفاق الشراكة، ولولا نضال العمال حينها كانوا سيستولون على زبدة المؤسسات الوطنية، في حين أن هذا الاتفاق جاء أصلا لتعويض مصاريف الخزينة العمومية المتوجهة للشركات المفلسة من خلال تمويل الخواص من خلال عقود الشراكة. ولكن للأسف هذه الشراكة لم تتوجه للمؤسسات التي نحن في حاجة إلى إنعاشها وإنقاذها وأريد لها التوجه نحو أحسن المؤسسات الوطنية والحمد لله توقفت هذه الشراكة. ما تعليقكم على لجنة الحوار التي ينسق عملها كريم يونس؟ أنت تريد إقحامي في المجال السياسي، وسابقا كان يعاب على المنظمة الإفراط في الجانب السياسي، ولكن أنت مشكور لطرح هذا السؤال، اليوم يقال لنا أنتم غائبون، أقول ما ذا تريدون؟ إذا مارسنا السياسية تعيبون علينا وإذا لم نمارس السياسية تعيبون علينا ذلك أيضا. ولكن دعني أقول : نحن لا نمارس السياسة ولما يتطلب الأمر ذلك في مثل هذا الوضع، نعم نحن نمارس السياسية. وعليه أقول نحن الآن في إطار تحضير ملف للمساهمة باقتراحاتنا، ويعمل على هذا الملف خبراء، وفيه أيضا تجمعات وطنية سيقوم بها الاتحاد، ونحن بصدد إعداد البرنامج لتنظيم تجمعات جهوية بحضور النقابيين والعمال وفتح تشاور وحوار لنرى طرح القاعدة بخصوص الحلول وكيف يريدون أن يساهم الاتحاد العام للعمال الجزائريين وما هو مضمون المقترح لنساهم كما تساهم الأحزاب والمنظمات والنقابات الخاصة والمجتمع المدني والناشطين السياسيين. نحن أيضا نريد أن نؤدي دورا من خلال مزج مقترحات القاعدة مع مقترحات الخبراء لنصل ونخرج بحل، وكيف نخرج من هذه الوضعية ونعود للوضيعة العادية. في نظركم ما هو الحد الأدنى الذي يجب نحققه حاليا؟ في طرحنا الحالي ما يسعنا أن نقول هو أن الجزائر كبيرة وهي قارة من ناحية المساحة والتركيبة البشرية، وهذا ثراء إيجابي يجب أن نشغله لتقوية الجزائر وليس العكس. وعليه يجب توحيد المجهودات ونذهب نحو الحد الأدنى، والمتمثل في كيف يمكن أن ننظم أنفسنا لنعمل على الذهاب نحو رئاسيات في أقرب وقت ونختار رئيس للجمهورية يتمتع بكامل الشرعية والقوة الشعبية. في نظرنا هذا هو الحد الأدنى، وبعدها يمكن العودة للإطار العادي وكل يناضل من موقعه لتجسيد الإصلاحات التي يراها ضرورية، وبعدها كل هذه الاختلافات هي التي ستشكل قوة المجتمع الجزائري. حيث أن المساهمة الفعلية من طرف الجميع هي من آليات الحلول. هل هذا يعني أن المنظمة مستقبلا لن تستعمل كواقي للصدمات؟ نحن كمسؤولين تعهدنا أما المؤتمر والرأي العام لنعمل بطريقة مسؤولة، وبكل صراحة نحن نرفض أن نكون واقي صدمات، لماذا؟.. لأن المنظمة تؤمن بأن الحوار هو الذي يحل المشاكل، ولكن الحوار لديه شروط ويكون فيه طرفين وليس طرف واحد لحل المشاكل وضمان الاستقرار. ولكن نقول أن ضمان الاستقرار ليس على حساب العامل، إذا كانت في مشاكل مطروحة الحوار والاستقرار يكون على أساس الأخذ يعين الاعتبار مشاكل العامل، ولكن إذا كان بنفس طريقة العمل السابقة نغطي المشاكل باسم الاستقرار، فهذا نرفضه تماما ولا نريد استقرارا هشا، نريد العمل مع الحكومة لتشكيل استقرار صلب، الذي سيكون حاجز لحماية الجزائر بصفة عامة. بعض القطاعات ليس لها تمثيل نقابي، من بينها قطاع الإعلام، كيف تنظرون لهذه النقطة؟ في الاتحاد العام هناك مشكل في التمثيل، حيث أن القيادة السابقة أرادت الخلط بين الصحافة والثقافة، والعديد من الصحافيين طرحوا هذا الإشكال ورفضوا المزج بين قطاعين ليس لهم علاقة، ونحن نوافقهم في ذلك. وعليه نحن حاليا بصدد التفكير في إشراك الصحافيين، وهم أصحاب المهمة، ونسعى لعمل هيكلة تدخل في إطار قوانين المنظمة تسمح بنشاط نقابي حقيقي لهذه الفئة من العمال. ومن جهة أخرى، الحديث عن نقص تمثيل المنظمة في بعض القطاعات، أنت محق، لدينا مشكل في هذا المجال، لأن فيه ذهنيات يجب أن تتغير، خاصة ما تعلق بالتدخل الفوقي لتعيين ممثلين للعمال. ونحن نرى أن الذهاب لتمثيل واسع وإعطاء دفع لعدد المشتركين، يتم حتما عبر إعادة الكلمة للمناضلين وللعمال. وفي هذا الصدد نحن نقوم حاليا بعملية تقييم جمع المعلومات للنظر في هذا الأمر لإيجاد الحلول المناسبة. البلاد- حاوره- أحمد بوشارب – عبد الله نادور