البلاد.نت- حكيمة ذهبي- بخلاف المواعيد الرئاسية السابقة، أخرجت استحقاقات ال 12 ديسمبر المقبل، شخصيات الوزن الثقيل، في الأسابيع الأولى من مهلة سحب استمارات اكتتاب توقيعات الترشيح، بعدما كان الرهان الرئاسي يحسم في الساعات الأخيرة من المعترك، حتى في السنوات التي كانت فيها الانتخابات محسومة لصالح بوتفليقة، كان لا يعلن ترشحه إلا أسبوعا قبل غلق آجال سحب الاستمارات. لا تشبه رئاسيات ديسمبر 2019، مثيلاتها من المواعيد الانتخابية، فبعد استحداث السلطة الوطنية للانتخابات، وهي تنظيم يفوق الهيئة واللجنة بصلاحيات موسعة شملت صلاحيات ثلاث وزارات والمجلس الدستوري، تبدو الرئاسيات الجزائرية، بسيناريو مخالف لما كان متعودا عليه منذ الاستقلال.
هل طمأنت سلطة الانتخابات وتعهد "الجيش" بانتهاء عهد صناعة الرؤساء المترشحين؟ في العدد الأخير من مجلة "الجيش"، خرجت المؤسسة العسكرية بتصريح غير مسبوق، تحدثت فيه عما كان ينطق به المترشحون لكل استحقاق ب "مرشح النظام" ما كان يسمى من قبل السلطة "مرشح الإجماع"، لكن "الجيش" سماه بصريح العبارة عهد "صناعة الرؤساء"، وأكد أنه "قد ولى". لتتوالى تصريحات قائد الأركان، أن رئاسيات 12 ديسمبر 2019 لن تكون شبيهة بمثيلاتها من الاستحقاقات. وبالعودة إلى التحليل الأخير الذي قدمه رئيس الحكومة الأسبق (1989-1991)، مولود حمروش، فإن الجيش بتركيبته الجديدة لا يرغب في الاستمرار كقاعدة اجتماعية وسياسية للسلطة، لافتا إلى أن قيادته أدركت أن استمرار تلك الممارسات سيكون خطرا قاتلا للجزائر، وموقفها بالدعوة للانتخابات العاجلة عين المنطق.
حملة استباقية بين بن فليس وتبون اليوم وبعد مرور أسبوع فقط من فتح السلطة الوطنية للانتخابات، آجال سحب استمارات التوقيعات، خرجت أوزان ثقيلة لتسحب هذه الاستمارات، وهي نية مبدئية للترشح، بل بدا اليوم أن التنافس شديد بين رجالات أقوياء سبق لها أن تبوأت مناصب المسؤولية، رئيسا حكومة سابقين يعلنان في نفس اليوم ترشحهما للرئاسيات. بدا الصراع بينهما محتدما، حيث استبق بن فليس، ترشح عبد المجيد تبون، بتصريح هجومي قال فيه إن ترشح تبون يعني عهدة خامسة بوجه جديد، قابله هذا الأخير بالقول: "سي علي صديقي عملنا معا سنة 77".
محلل سياسي: قواعد اللعبة تغيرت بعد انحصار دور "الأفلان" و"الأرندي" يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، رضوان بوهيدل، إنه ينبغي الابتعاد عن فكرة مرشح النظام، لأن بوتفليقة قد رحل ومن كان في نظامه سواء سياسيا أو اقتصاديا أو حتى عسكريا، واليوم نحن أمام مرحلة جديدة وبمؤشرات مختلفة عن تلك التي أسقطت انتخابات 4 جويلية المنصرم، آنذاك كانت لديها أزمة في المرشحين و هي السبب المباشر والرسمي لإلغاء الانتخابات. مستطردا: "اليوم دخول مرشحين بحجم تبون وبن فليس وبلعيد يعني أن قواعد اللعبة تغيرت خاصة بعد انحصار دور الأحزاب الكبيرة في السابق وفي الأفلان و الأرندي". ويضيف الأستاذ بوهيدل: "لا أعتقد أن مرشحا بحجم بن فليس أو تبون أو بلعيد يقبلون اليوم لعب دور الأرنب أمام أي مرشح آخر والكل يبحث فيها عن هذه الفرصة لتعويض الفراغ التي تركته الأحزاب الكبرى في السابق بسبب الرفض الشعبي لها"، مضيفا أن وجود مرشحين مثل هؤلاء يعني أن لديهم ضمانات كافية للذهاب إلى الصندوق بشفافية عكس الاستحقاقات الماضية، وهو ما قد يشجع على توسيع القائمة لمرشحين أقوياء آخرين بعيدا عن التهريج أمام مقر سلطة الانتخابات. ما رأيك في المترشحين إلى غاية اليوم؟ يرد بوهيدل على هذا السؤال قائلا: "من خلال المرشحين المطروحين اليوم تبدو العملية تسير في اتجاه 12 ديسمبر المقبل بأكثر ثبات، وإن كانت الضمانات غير كافية بالنسبة للحراك الشعبي الذي لا يزال يطالب برحيل رموز التزوير".