البلاد -رياض.خ - لم تُنه السلطات العليا للبلاد حملتها الموسعة على الفساد، ولم تطو حلقات جر عشرات رؤوس الفساد إلى أروقة المحاكم، إذ لا تزال التحقيقات جارية بوتيرة متسارعة في هذا الشأن. وقالت يومية "لوسوار دالجيري"، في عددها اليوم، إن ما يربو عن 50 شخصا يتشكلون من ولاة ورؤساء بلديات من المستوى الخامس، الذي شملتهم حملة الفساد المستعرة في الجزائر، استهدفتهم تحقيقات واسعة في المدة الأخيرة، ويتوقع أن يتم إحالتهم على محاكم الاختصاص في قادم الأيام، حسبما أشارت إليه هذه الأخيرة. وبحسب مصادر عليمة، فإن التحقيقات التي يشتغل عليها قضاة محاكم الجمهورية، لاسيما قضاة المحكمة العليا، شرعوا في استدعاء ولاة يمارسون وظائفهم حاليا، ضلعوا في قضايا فساد خطيرة من نوعها لارتباطهم الوثيق بالعصابة الحاكمة في منظومة حكم بوتفليقة. ويرجح المصدر أن يتم استدعاء ما يناهز 13 واليا، بين ولاة سابقين وحاليين، في تحقيقات تكميلية في قضايا ترتبط بالفساد المالي ونهب أموال الشعب، الذي عشش كثيرا في مختلف دواليب القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وما نتج عن ذلك من ضياع مقدرات البلاد، وبالتالي تردي أوضاع الشعب، الذي طالب بتغيير جذري لرموز الفساد. وتغلغلت التحقيقات القضائية من جديد في ملفات الفساد، لتطال ولاة شغلوا مناصب في مدن كبرى، على غرار وهران، الجزائر، تلمسان، قسنطينة في الخانة الأولى، ضمن حملة مصاحبة للحراك الشعبي المطالب بمزيد من محاكمة رموز الفساد ومحاسبة ولاة مسؤولين عن نهب أموال الشعب في دولة من أثرى البلدان بموارد الطاقة. ولفت المصدر، إلى أن والي ولاية الجزائر العاصمة الأسبق، زوخ عبد القادر، الذي يشكل رأس عصابة الولاة السابقين ممن ارتبطت أسماؤهم بالحاشية المقربة من الرئيس المستقيل وشقيقه المسجون، يواجه ما لا يقل عن 5 قضايا مرتبطة بشكل وثيق بملفات وزراء سابقين وكبار المسؤولين في الدولة، وقد تم إحالته ثلاث مرات على العدالة التي وضعته تحت الرقابة القضائية في مرتين متتاليتين، فيما جرى الإفراج المؤقت عنه في قضية ثالثة. ولم يخف المصدر، بأن عبد القادر زوخ، الذي شغل منصبه الأسبق في عهدة الرئيس المستقيل، هو جزء من مجموعة الولاة الذين تم استدعاؤهم والاستماع إليهم عدة مرات في إطار تحقيقات واسعة ودقيقة، التي استهدفت إلى حد الآن 14 واليا، ويتعلق الأمر بواليين سابقين لولاية وهران، وولاة بومرداس، الشلف، تيزي وزو، عين الدفلى، غليزان، سطيف، ميلة، قسنطينة، ورڤلة، تلمسان، تيارت وسيدي بلعباس. وكانت العدالة قد أمرت في شهر أوت الماضي من العام الجاري، بحبس الوالي السابق لولاية تيبازة، وهو أحد أقدم ولاة الجمهورية الجزائرية، على خلفية تحقيق معمق ودقيق استهدف شخصيات كبيرة في ولاية تيبازة، في سياق التحقيقات التي فتحتها أجهزة الدولة ضد اللواء عبد الغني الهامل، المدير العام الأسبق للأمن الوطني. واللافت أن التحقيقات الجارية التي تستهدف أسماء مسؤولين من المستويين الرابع والخامس حسب تصنيف قضايا الفساد التي باشرتها السلطات القضائية في أعقاب أحداث 22 فبراير، تبرز للعيان أن الولايات المذكورة التي حكمها ولاة على صلة بالعصابة المفككة، كلهم الآن موضوع تحقيقات مركزة للاشتباه بقيامهم بمعاملات مشبوهة تتعلق بنهب عقارات الدولة، ومنح امتيازات غير مبررة لرجال أعمال مقربين من دوائر الحكم السابق، وإعفاءات جبائية وضريبية، علاوة على تورط الولاة في منح عقارات لأبناء مسؤولين في الدولة، إذ وجد هؤلاء الولاة الذين تداولت أسماؤهم في شارع الحراك الشعبي كلهم قيد تحقيقات متعلقة بفساد مالي وعلاقات مشبوهة برجال أعمال أربعة، منهم مازالوا تحت الرقابة القضائية، بينما يقبع 4 وراء القضبان، على رأسهم الغازي محمد الذي حكم ولايتي الشلفوعنابة قبل استوزاره، بالإضافة إلى زعلان عبد الغني، الوارد اسمه في قضية فيلا موريتي الشهيرة، وموسى غلاي الوالي الأسبق لولاية تيبازة. وقال مصدررفيع المستوى ل«البلاد"، إن الولاة الواردة أسماؤهم في التحقيقات التي يخضعون لها على مستوى محاكم خاصة، برزت بصمات تورطهم في ملفات فساد بشكل رهيب ضمن تقارير المفتشية العامة للمالية التي عكفت على تسليط الضوء لمدة تزيد عن 5 أشهر على قضايا فساد كانت أبرز مطالب الحراك الشعبي. ولم يستبعد المصدر الذي لم يعط مزيدا من التفاصيل، جر العشرات من رؤساء البلديات في تحقيقات الحال، بما أنهم يصنفون ضمن المستوى الخامس في قضايا الفساد التي باشرتها السلطات المختصة، وتشمل التحقيقات التي مست العديد منهم، بلديات عديدة في ولايات معينة، على غرار حاسي مسعود، عنابة، وهران، الشلف، إليزي، تلمسان، الطارف، ورڤلة، غرداية، مستغانم، البليدة، تيبازة وغليزان، بعضهم حكموا بلدياتهم في العهدة السابقة، والجزء المتبقي تم إيقافهم خلال العهدة الانتخابية الحالية للاشتباه بتورطهم في قضايا نهب المال العام وإبرام صفقات مخالفة لأصول التشريع، ومنح تسهيلات مشبوهة لأبناء مسؤولين في التعدي على العقار الصناعي.