شهدت فرنسا، اليوم الخميس، إضرابات وتظاهرات دعت إليها نقابات متعددة؛ احتجاجًا على النظام التقاعدي الشامل الجديد، كان تعهد به الرئيس إيمانويل ماكرون. وفي العاصمة باريس أطلقت الشرطة الفرنسية الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين. كما أوقفت عشرات المتظاهرين. وتعرضت محلات تجارية إلى أعمال تخريب ومحاولات نهب. وارتفعت حدة المواجهة مع الحكومة على خلفية هذه "الإصلاحات" في أنظمة التقاعد، إذ من المقرر وقف حركة النقل وإغلاق المدارس وتعبئة المتقاعدين والطلاب والمعلمين في نحو 250 تظاهرة في البلاد.
ويأتي التحرك خصوصًا للإعراب عن رفض النظام التقاعدي القائم على النقاط، والذي يفترض أن يستبدل 42 آليةً معمول بها حاليًّا، من الآليات الخاصة بالموظفين والعاملين في القطاع الخاص إلى الأنظمة الخاصة والمكملة.
وتتعهد الحكومة بأن يكون النظام الجديد "أكثر بساطة" و"أكثر عدالة"، لكن المناهضين للتعديل يتوقعون أن يؤدي إلى "انعدام في الاستقرار" لدى المتقاعدين.
واعتبر إيف فيريه الأمين العام لنقابة "القوى العاملة"، أنه "يجب المراهنة على خطوة كبيرة جداً". وألغي اليوم الخميس، تشغيل 90% من القطارات السريعة و80% من القطارات في المناطق، كما أغلقت 10 محطات مترو من أصل 14 محطة في باريس، وينتظر كذلك البدء بإضرابات غير محدودة في الهيئة المستقلة للنقل في باريس وفي الشركة الوطنية للسكك الحديدية، حيث من المتوقع أصلاً القيام بتحرك طويل الأجل.
كما توقُّفت حركة النقل إلى حد كبير في المدن الكبرى مثل ستراسبورج وبوردو ومرسيليا ونانت وليل.
وفي قطاع التعليم، أعلن 70% من أساتذة تعليم المرحلة الابتدائية الإضراب، فيما يتوقع أن يكون عدد الأساتذة المضربين في مرحلة التعليم الثانوي قريبة أيضاً وفق مصدر نقابي.
ولا زالت الحكومة عازمة على تنفيذ هذا التعديل، رغم التحرك الذي يتوقع أن يدوم لمدة طويلة وفي ظل توتر اجتماعي وازدياد الاستياء في أوساط عدة قطاعات مثل المستشفيات والشرطة والإطفاء والتعليم وسكك الحديد واحتجاجات "السترات الصفراء".
ويستعيد الفرنسيون في تعبئتهم الحراك الاجتماعي لعام 1995 المناهض لتعديل سابق في أنظمة التقاعد والضمان الاجتماعي، شلّ البلاد لثلاثة أسابيع وأرغم الحكومة بالتالي على سحب المشروع.
وإذ يؤيد الفرنسيون الإصلاح في نظام التقاعد، يدعم غالبيتهم أيضًا الإضراب، وفق استطلاعات للرأي، في بلد لم يلتقط أنفاسه بعد من التظاهرات الاحتجاجية لحركة "السترات الصفراء" التي امتدت بين أواخر عام 2018 ومطلع عام 2019.
ويدعو كذلك الشرطيون والعاملون في جمع القمامة والمحامون والمتقاعدون والسائقون الذين ينوون تنفيذ عملية لعرقلة حركة السير، إلى القيام بتحركات، وينضم للتحركات ناشطون في "السترات الصفراء" والأحزاب اليسارية وكذلك حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف.
ويشارك كذلك 180 مثقفًا مثل الخبير الاقتصادي توماس بيكيتي والممثلة أريان أسكاريد للتنديد ب"انتهاكات حكومة نيوليبرالية وسلطوية".
ولن يكشف عن مشروع الإصلاح التام قبل منتصف ديسمبر من أجل طرحه للتصويت أمام البرلمان مطلع عام 2020.
والأسبوع الماضي، أبقت الحكومة الباب مفتوحًا أمام دخول التعديل الجديد حيز التنفيذ بعد عام 2025، إضافةً إلى تطبيق بنود أساسية بالنسبة للنقابات، مثل أخذ صعوبة العمل بعين الاعتبار مع "ضمانات" يترقبها المعلمون.
ومن أجل تهدئة المعلمين، أعلن وزير الاقتصاد بورنو لومير عن دراسة إعادة تقييم لرواتبهم.
نقابيًّا، يعدّ الناشطون منذ الآن لتحركات إضافية، مع عقد جمعيات عمومية أواخر النهار في الشركات والإدارات، والتحضير لاجتماع صباح الجمعة لعدة نقابات وتنظيمات طلابية.
ويريد النقابيون أن يكون تحركهم وازنًا، فهم لم يحققوا أي مكاسب كبيرة منذ 2006 تاريخ تصديهم لتعديل في عقود العمل، وقال لوران برون نقيب عمال سكك الحدد في الاتحاد العام للعمل: "لم نحقق أي انتصار كبير منذ عام 1995".
وتوقعت وزارة الداخلية تظاهر "بضعة مئات" في باريس من ناشطين "متطرفين في السترات الصفراء" ومن "بلاك بلوك"، و"الآلاف" في كافة أنحاء البلاد، وهي تحركات باتت اعتيادية منذ طرح قانون العمل عام 2016. وتمت تعبئة 6 آلاف شرطي ودركي.