البلاد.نت- حكيمة ذهبي- يواجه الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون، أول تحدي سياسي، بعد إطلاقه دعوة الحوار الشامل، يتمثل في تمكنه من إذابة جليد أزمة الثقة، التي خلفتها "العصابة"، وأرهقت الجزائريين في الخروج من أزمتهم، لكنّ أولى ردود أفعال الطبقة السياسية بمختلف تياراتها، تُنبئ بجولات حوار ماراطونية، تدخلها الجزائر خلال الأيام القادمة، تفتح خلالها ورشات إعادة التأسيس لقوانين لعل أبرزها الدستور. يتفق محللون أن أزمة الثقة التي صنعتها "العصابة" بين الشعب ومؤسسات الدولة، تشكل أكبر عائق للخروج من الأزمة التي تعيشها الجزائر، حتى أن وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد، وهو يحاكم مجموعة من الوزراء السابقين ممن يوصفون لدى الرأي العام بأفراد "العصابة"، واجههم بعبارة: "لقد خلقتم أزمة ثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة بفسادكم، بل بات لا يصدق وأنتم اليوم تقفون أمام حساب العدالة".
ردود أفعال إيجابية للمعارضة الراديكالية تجاه دعوات تبون للحوار وكان أول ما أطلقه الرئيس المنتخب، عبد المجيد تبون، دعوة للالتفاف على طاولة الحوار للخروج من الأزمة، وهي الدعوة التي توالت ردود أفعال الأحزاب السياسية، بخصوصها، حيث سارعت التيارات الإسلامية، الوطنية والديمقراطية إلى الإعلان عن قبوها المشاركة في الحوار، بعدما سبق وقاطعت مشاورات أطلقها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، في أعقاب الحراك. ولم تختلف مواقف الأحزاب التقليدية ولا الفتية، المعروفة بمعارضتها الراديكالية، حيث ركّزت في ردود أفعالها على جملة شروط، ينبغي أن تكون من بين المسائل التي يتم فتحها للنقاش، لاسيما ما تعلق بملف النشطاء الذين يوجدون رهن الحبس بتهم متباينة، تتعلق بنشاطهم في سياق الحراك، وقالت الأحزاب في معظمها إن إطلاق سراحهم يعتبر بادرة إيجابية لصفاء نية السلطة في التحاور وقبول المطالب الشعبية.
"حمس"، "الأفافاس"، "جيل جديد"، جاب الله، محمد السعيد ... في انتظار ممثلين عن الحراك وأعلن كل من حركة "حمس"، "الأفافاس"، "جيل جديد"، جبهة العدالة والتنمية، حزب الحرية والعدالة، قبولها الانخراط في مساعي الحوار، ووضعت جملة شروط تتمثل أساسا في إطلاق سراح المسجونين من الحراك. ويرى محللون أن قبول الحوار، من طرف الأحزاب السياسية، يعود بالأصل إلى قناعة ترسخت في الشارع، أن استمرار الرفض وعدم تقديم ممثلين، يبقي حالة "الستاتوكو"، في حين تنظر السلطة بعين المسؤولية إلى الوضع، بداعي استمرارية الدولة وتجنبيها الوقوع في مزيد من التيهان، بات حريا مباشرة الحوار للتأسيس لقوانين جديدة تحكم البلاد، تستجيب لتطلعات الشعب الذي خرج في مسيرات مناهضة لأشكال الفساد الذي عم البلاد.
هل ترمم دسترة دور الحراك في إسقاط العصابة أزمة الثقة المفقودة؟ وذهب متتبعون إلى اقتراح دسترة "الحراك الشعبي" ودوره في تجسيد ما يصفه الجيش في الخطابات الرسمية ب "الاستقلال الجديد". وبهذا الخصوص يقول الخبير الدستوري، عامر رخيلة، إنه "من الأجدر أن يكون هناك إقرار تاريخي بدور الحراك الذي رافقه الجيش الوطني في إحداث التغيير بكل سلمية وهو مكسب كبير والمطلوب الآن الوقوف في صف واحد لتعميق الديمقراطية"، ويضيف قائلا إن "المطلوب الآن من الحراك حتى يبقى كقوة اجتماعية وسياسية، إفراز ممثلين عنه للتحاور مع السلطة حول أفكار قابلة للتجسيد مضيفا أنه يجب أن يكون قوة دافعة للخيارات الايجابية بما فيها دعم قطاع العدالة في متابعة قضايا الفساد".
محلل سياسي: "من يرفض الحوار اليوم يوقع شهادة وفاته السياسية" ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، رضوان بوهيدل، أنه بات من المؤكد أن بقاء الوضع على ما هو عليه ما بعد الرئاسيات لن يخرج الجزائر من أزمتها، مبرزا أن دعوة تبون خطوة ضرورية أكثر من اختيارية وهي بادرة حسن نية من طرف السلطة الجديدة نحو التغيير. ويوضح الأستاذ بوهيدل، أن تبون مجبر لفتح حوار شامل لتحقيق التوافق نحو الحلول المطروحة للخروج من الأزمة، ولا يمكنه أن يتخذ قرارات فرديه حتى يلقى حراكا من نوع جديد قد يرتفع سقف مطالبه لاحقا بما لا يمكنه التجاوب والاستجابة معها في ظل الظرف الاستثنائي الذي تعيشه البلاد. ويختم بوهيدل بالقول إن الحوار هو مواصلة في تطبيق المادة 7 و 8 من الدستور على أن تكون مخرجاته قابله للتنفيذ بعد استفتاء الشعب في القرارات التي تمس الجزائر الجديدة، وأن من يرفضه هذه المرة فهو يوقع شهادة وفاته السياسية، لأن المبررات التي كانت سابقا قد زالت بانتخاب رئيس يمكنه تجسيد التوافق وتقديم تنازلات من كلا الطرفين.