قد يعود السبب الرئيسي في تأجيل أو الاستغناء عن فكرة استحداث منصب مفتي الجمهورية، في الوقت الراهن على الأقل، إلى عدم اقتناع القاضي الأول في البلاد بالأسماء المتداولة على المستوى الشعبي وليس الرسمي لتولي هذا المنصب المعروف بحساسيته· وأبقيت الأسماء المقترحة لتولي منصب مفتي الجمهورية في البلاد في خانة ”سري للغاية”، لأسباب قيل إنها سياسية، رغم أن الموضوع ديني بحت، كان من الممكن أن يساهم في وضع حد لظاهر الإفتاء العشوائي في كل شيء في البلاد، بعدما أصبح الخضار والفلاح والبائع كلٌ يفتي حسب اختصاصه· وإن كان الأمر كذلك من الناحية القانونية والرسمية، إلا أنه يختلف كثيرا من الجانب الشعبي، حيث يشهد الجزائريون بكفاءة عدد من الأئمة والأساتذة الجامعين الذين يطلون عليهم عبر مختلف وسائل الإعلام، ويؤهلونهم بدورهم لتولي منصب مفتي الجمهورية، على غرار الشيخ أبو عبد السلام، عبد الحليم فابة، محمد بن زعيمة، والدكتور محمد بوزيدي، محمد إيدير مشنان، وآخرين· ويجهل الكثير من الأئمة والأساتذة الجامعيين، ممن سألتهم ”البلاد” عن الأسماء المقترحة على المستوى الرسمي لتولي منصب مفتي الجمهورية، الشخصية الوازنة التي يمكنها تولي المنصب، رغم أن البلاد تزخر بنخبة من الأئمة والعلماء وشيوخ الزوايائالمعروفين بالعلم الراسخ والإخلاص في القول والعمل والسلوك المثالي، من مختلف ولايات الوطن، من شأنهم تولي المنصب· ومع أن أسماء عدة تداولتها الأوساط الشعبية والإعلامية قبل فترة باعتبارها الأوفر حظا والأنسب لتولي هذا المنصب، على غرار الشيخ أبو عبد السلام والشيخ قاهر وحتى اسم رئيس جمعية العلماء المسلمين الراحل عبد الرحمن شيبان، فإن الأوساط الرسمية ما فتئت تفند في كل مناسبة تحديد أسماء بعينها لتولي هذا المنصب· وهو ما يستشف من رد رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، الشيخ بوعمران، قبل عام من الآن، حينما قال إن هيئته لم ترسل إلى رئيس الجمهورية قائمة بأسماء المؤهلين لتولي منصب مفتي الجمهورية،ئوحتى إن فعلت ذلك فهو ”عمل سري لا يجوز ذكره لغيرنا لأننا هيئة استشارية فيها علماء من جامعيين وشيوخ الزوايا”، وهو ما يعني أن الرئيس بوتفليقة وحده القادر على تعيين مفتي الجمهورية بعد مشاورة أهل العلم· وأجمع العديد من الأئمة ممن تحدثت إليهم ”البلاد” على أن التوجه السائد والأقرب للتجسيد هو استحداث هيئة علمية وطنية تعنى بالإفتاء، تضم نخبة من المشايخ والعلماء الأكفاء، مع تعيين ناطق رسمي باسمها أو أمين عام لها، في حالة ما إذا صرف رئيس الدولة النظر عن فكرة مفتي الجمهورية·