افتتحت أمس الدورة الخريفية للبرلمان بغرفتيه، على واقع تباين ”دقيق” في الرؤى حول القوانين العضوية التي ستناقش خلال آخر دورة في حياة العهدة البرلمانية الحالية، حيث حمل خطاب رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري تحفظا على بعض تفصيلات قانون الانتخابات· فيما أبدى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح تزكيته المطلقة لمشاريع القوانين المنبثقة عن المشاورات السياسية، ولعل أهم ما يميز هذه الدورة تزامنها مع دخول اجتماعي ملغم بعد أن أبدت العديد من النقابات دخولها في إضرابات، بالإضافة إلى حراك خارجي يميزه اشتعال النار في البلدان العربية المجاورة· وقد أظهرالرجل الثالث في الدولة عبد العزيز زياري خلال الكلمة الافتتاحية، عدم رضاه على بعض مشاريع القوانين التي ستطرح على البرلمان لمناقشتها، ومنها القانون العضوي المحدد لكيفيات توسيع المرأة في المجالس المنتخبة، حيث دعا رئيس المجلس الشعبي الوطني إلى ضرورة ”إيجاد أنجع الآليات والأكثر عملية وواقعية لضمان التمثيل المناسب لها، حتى يكون تمثيل المرأة موافقا لوزنها الديمغرافي، والدور الذي تؤديه اليوم في التنمية الوطنية”· ويعتبر تصريح زياري تأكيدا على تسريبات من قبة البرلمان، كشفت عن عزم النواب تحفيظ نسبة ”كوطة” المرأة في القوائم الانتخابية، من 33 بالمائة وهي النسبة التي صادق عليها مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير برئاسة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، إلى أقل من 20 بالمائة، بحجة أن حساسية وتقاليد بعض مناطق الوطن تقف حاجزا أمام تطبيق نسبة 33 بالمائة·
كما دعا رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري، النواب إلى ”التحلي بالجدية الكاملة والمشاركة التامة واليقظة، في عملهم البرلماني” مضيفا أن ”هذه الدورة تعتبر رسميا أخر دورة خريفية في العهدة البرلمانية السادسة للمجلس الشعبي”، وهو اعتراف غير مباشر بأن النواب تهاونوا في واجباتهم نحو الشعب خلال مناقشة والمصادقة على العديد من القوانين طيلة 4 سنوات ونصف من عهدتهم البرلمانية، الأمر الذي يعزز مواقف الأحزاب الداعية لحل البرلمان لعدم عكس النواب لرغبات الشعب خلال تدخلاتهم ومناقشاتهم· كما قدم زياري درسا متأخرا للنواب، نظرا لقرب انتهاء العهدة البرلمانية الحالية، في كيفية تمثيل الشعب من خلال دعوتهم إلى ”الحرص الكبير والمتواصل على دراسة مشاريع القوانين المحالة على المجلس وإثرائه، ومن خلال مهمتهم الرقابية في متابعة تجسيد النصوص التطبيقية ذات الصلة بالقوانين المصادق عليها، ومراقبة عمل الحكومة ومتابعة نشاطاتها خاصة عن طريق الزيارات الميدانية بما يخدم تطلعات المواطن”·
إضعاف الأحزاب السياسية إضعاف للديمقراطية
وبخصوص القوانين التي ستناقش خلال هذه الدورة، أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني أن ”دورة الخريف لهذه السنة ستكون بامتياز دورة الإصلاحات السياسية”، مضيفا أن البرلمان سيقوم بمسؤولياته التاريخية لتجسيد هذه الإصلاحات بموجب الرزنامة السياسية المحددة من قبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وجدول أعمال الدورة·
أما الرجل الثاني في الدولة عبد القادر بن صالح، فقد تميزت كلمته بدفاعه الواضح عن الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مشيرا إلى أن كافة مشاريع النصوص القانونية الخاصة بالإصلاح ”كان بالإمكان إصدارها عاديا من الجهات المخولة بإصدارها ووفق الإجراءات العادية المعمول بها”، مضيفا ”غير أن رئيس الجمهورية أبى إلا أن يشارك بالرأي والمقترح كافة الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية ومكونات المجتمع المدني، ليعطي لعملية الإصلاح البعد الذي تستحقه، ويلبس هذه الإصلاحات واسع المساهمة من قبل الأطراف المؤهلة لتقديم المساهمة”، وأكد رئيس مجلس الأمة أن العملية سارت وتسير بنفس التعهدات التي تم الإعلان عنها وبذات الآجال المسطرة لها، ووفق المنهجية التي اعتمدت من البداية·
وبعد أن تطرق رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح إلى القوانين التي ستناقش على مستوى ”السينا” والبرلمان، والتي أظهر خلال عرضه لهذه القوانين دفاعا قويا عن محتواها، تطرق بن صالح إلى العمليات الإرهابية التي عرفتها الجزائر خلال الشهر الماضي وأبرزها استهداف مركز الشرطة بتيزي وزو والأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال، حيث أكد أن قوات الجيش وأسلاك الأمن لن تترك مرتكبيها دون عقاب وستواصل ملاحقتها لهم إلى أن يتم القضاء النهائي عليهم”، مضيفا ”إن ما نود التأكيد عليه في هذا الإطار هو أن هذا العمل الجبان لن يوقف مسيرة الجزائر ولن يؤثر على توجهاتها”· أما بخصوص ما يجري في العديد من البلدان العربية من اقتتال ومظاهرات، فقد أكد رئيس مجلس الأمة أن الجزائر ”تتابع هذه الأوضاع بكثير من الاهتمام حينا بالألم وحينا آخر بالأمل”، مضيفا ”إننا نعتقد أن هذه الشعوب سوف تتجاوز أوضاعها وسوف ترسي قواعد تسطير مستقبلها”·