أشارت الطالبة حسينة شرون نهاية الأسبوع الفارط في أطروحتها لنيل شهادة دكتوراه علوم في الحقوق تخصص قانون جنائي تحت عنوان ''تطبيق الاتفاقيات الدولية أمام القاضي الجزائي الجزائري'' بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة بسكرة أمام لجنة المناقشة برئاسة الباحث الدكتور بوزيد لزهاري عضو لجنة الحقوق السياسية والمدنية بهيأة الأممالمتحدة وممثل الجزائر بها وعضو الغرفة الثانية. أن التعديل الدستوري لسنة 1996 ولاسيما المادة 132 منه قد جعلت من الاتفاقية الدولية بعد المصادقة عليها فوق التشريع الوطني، ما ألزم القاضي الجزائري بتنفيذ الأحكام الواردة في الاتفاقية الدولية المصادق عليها على النزاعات المعروضة عليه، إلا أنه وبالنظر لما يتمتع به من خصوصية في المجال الجنائي، فإن القاضي الجزائي وجد نفسه مقيدا بمبدأ الشرعية الذي يفرض عليه أن يلتزم بنصوص قانون العقوبات والقوانين المكملة له، في حين هو مطالب دستوريا بتطبيق الاتفاقيات الدولية في مجال مكافحة الجرائم، التي أبرمتها أو انضمت إليها الجزائر وتمت المصادقة عليها. وبررت تناولها لهذا الموضوع أمام لجنة التحكيم المكونة من الدكتورة رقية عواشرية من جامعة الحاج لخضر بباتنة وزميلها الدكتور علاوة العايب بجامعة الجزائر وأمين عام سابق بمجلس الأمة بقسم الحقوق وواحد من أقطاب القانون الدولي بطرحها لإشكالية كيفية تطبيق هذا القاضي الاتفاقيات الدولية، وهو مقيد بمبدأ الشرعية الجنائية عبر جملة من التساؤلات المطروحة في ملخص الأطروحة، مؤكدة أمام حضور جلسة النقاش من رئيس جامعة محمد خيضر وأساتذة وطلبة وطالبات الكفاءة المهنية والممارسين لمهنة المحاماة والتوثيق أن الهدف الأساسي من وراء اختيار هذا الموضوع هو تسليط الضوء على أهم الإشكاليات التي تثار عند تطبيق القواعد الجنائية الدولية بواسطة الأجهزة القضائية الوطنية، ومحاولة إعطاء الحلول المناسبة لها، بغية إخراج القاضي الجنائي الوطني من أزمة الشرعية الجنائية التي تقيده، في مقابل التزامه الدستوري بتنفيذ الاتفاقيات الدولية، بما يكفل تفعيل الجهود الوطنية والدولية لمكافحة الإجرام المعاصر في ظل المعادلة غير المتكافئة بين تزايد النشاط الإجرامي وتطوره وتشعبه، وبين ارتباط القانون الجنائي بالدولة الوطنية، الذي يصعب عليه إيجاد وسائل فعالة لمكافحة النشاط الإجرامي، من خلال محاولة إعطاء مقارنة بين القانون الجزائري وغيره من القوانين الجنائية الأجنبية، وخاصة القانونين الفرنسي والمصري، ذلك لأن الدراسات المقارنة عادة ما تسمح بفهم أفضل وأعمق للقانون الوطني، وتساهم في إيجاد عيوبه وثغراته، وهو ما يسهل بإصلاح عيوبه وإكمال النقص الذي يعتريه، خاصة وأن هذه الأطروحة تسعى أساسا إلى تحسين القانون الجنائي الجزائري وتفعيل نصوصه، فضلا عن إضافة الجديد إلى قائمة الموضوعات المتخصصة في دراسة التشريع الجزائري، في ظل النقص الملحوظ في المراجع المتخصصة في الجزائر التي عالجت هذا الموضوع بصفة مفصلة، على وجه الخصوص وباعتبار أن موضوع هذه الأطروحة ذو فائدة عملية لرجال القانون وطلبته بصورة عامة، للاستزادة به في دراساتهم وأبحاثهم العلمية، ولرجال القضاء بصورة خاصة، حيث سيمكنهم من الإطلاع على الإشكالات العملية التي يمكن أن تعترضهم عند تطبيق الاتفاقيات الدولية وهم بصدد الفصل في المنازعات المعروضة عليهم، والحلول المقدمة واختيار ما يجدونه الأنسب، مقترحة في هذا الصدد بتعديل نص المادة 231 من التعديل الدستوري 1996 والتي تقضي بسمو الاتفاقيات الدولية على التشريع الوطني.