طفح على السطح مؤخرا خلاف حول شكل الحكومة الليبية المؤقتة، وضاعف من شدة الخلاف الوضع الاستثنائي للثورة الليبية، والذي يتطلب الموازنة بين ضرورة تسيير البلاد بواسطة حكومة تنفيذية، تعالج الملفات العاجلة، التي لا تحتمل التأخير، إضافة إلى ضغوط المجتمع الدولي نحو وجود حكومة معترف بها يتعامل معها الجميع؛ وبين متطلبات الجبهة المفتوحة في المدن التي لا تزال تدين بالولاء للقذافي، ويحاصرها الثوار على أمل تحريرها قريبا كما يقولون· وصعد هذا الوضع الاستثنائي الخلاف بين ساسة الثوار حول شكل الحكومة الجديدة التي ستدير البلاد· وتحدث رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل بوضوح حول الأسس التي تقوم عليها الحكومة المؤقتة عندما قال إن ”النضال ضد القذافي ليس معيارا لدخول الحكومة”، مضيفا أن ”هذه الأزمة يجب إدارتها من خلال رجال أكفاء بغض النظر عن الجهات التي قدموا منها”· لكن رئيس المكتب التنفيذي محمود جبريل لم يستبعد تمثيل المناطق في الحكومة، وتحدث أمام الأممالمتحدة قائلا ”إننا مقبلون على حكومة ائتلاف وطني، والمفترض أن تضم كل الأطياف وكل المناطق”، لكنه شدد على ألا يكون ذلك على حساب الكفاءة والخبرة والأهلية· وارتفعت الأصوات المطالبة بتمثيل فعال للمناطق الجهوية في أكثر من منطقة ليبية في الأيام القريبة الماضية، فممثل منطقة الجفرة في المجلس الانتقالي مصطفى الهوني دعا ”إلى نصيب عادل للجنوب في الحكومة المقبلة بعد اكتمال تحريره”· وخرجت مظاهرات في بنغازي الجمعة الماضية تندد بما سمّته تهميش الكيان البرقاوي، في إشارة واضحة إلى مدن الشرق الليبي· وتتحدث المعلومات الواردة من مصراتة عن مطالب للمدينة بتمثيل مناسب لها في المجلس الوطني والمجلس التنفيذي· وكانت مصادر في المجلس الانتقالي تحدثت عن تأجيل إعلان الحكومة بسبب الخلاف حول تمثيل مدينة مصراتة فيها· وعن هذا الوضع السياسي المتأزم قال الناشط السياسي والإعلامي الليبي عيسى عبدالقيوم ”كنت قبل أن نلج هذه المتاهة قد كتبت عن ضرورة استباق الأحداث بحكومة كفاءات تبدأ من سقوط طرابلس، كونها أمر منضبط، وليس عبارة التحرير الفضفاضة، وتنتهي بعد سنتين، وتحدد لها مهام محددة، منها كتابة الدستور، والإشراف على مؤتمر وطني، وتطوير فكرة المجالس المحلية إلى بلديات”· وأضاف أنه ”بعد تأخر المجلس وولوجنا الأزمة، لا مناص من تفعيل فكرة البحث عن الكفاءات، ضمن توازن مناطقي، مع منح الأفضلية للمدن التي تحملت عبء الثورة”· ووصف الإعلامي والصحفي فايز سويري تشكيل الحكومة على أساس المحاصصة الجهوية بالخطأ الفادح الذي قد يرتكبه محمود جبريل· من ناحية أخرى، اكتشفت أمس في طرابلس، مقبرة جماعية تضم رفات 1200 شخص قرب سجن بوسليم الذي عرف قبل 15 عاما مذبحة قتل فيها مثل هذا العدد بالضبط من الأشخاص أغلبهم من السجناء السياسيين ذوي التوجهات ”الإسلامية”· وكان الحقوقي خالد العقيلي رئيس مؤسسة التضامن الليبية تحدث قبل 16 يوما عن تحديد مكانٍ قبر يضم 1200 رفات دون الكشف حينها عن معلومات إضافية، مكتفيا بالقول إن حراسا سابقين وشهودا على الحادثة ساعدوا في الوصول إلى المكان الذي دعا إلى توفير حماية أمنية له· وفي تطورات الوضع ميدانيا، تصدى الثوار الليبيون لهجوم شنته القوات الموالية للعقيد معمر القذافي على غدامس جنوب غرب العاصمة طرابلس، في وقت دخل فيه الثوار الليبيون مدينة سرت، مسقط رأس القذافي، من محورين وقالوا إنهم اقتربوا من حسم المعركة بعدما باتوا على مسافة مئات الأمتار من قلب المدينة، كما سيطروا على مزيد من المدن في جنوبي البلاد· وقال المتحدث باسم المجلس الانتقالي الليبي أحمد باني في مؤتمر صحفي في طرابلس إن قوات القذافي هاجمت الثوار في غدامس، مضيفا أن المعلومات المتوفرة حاليا تشير إلى أن هذه المجموعات على صلة بخميس نجل القذافي· وأكد أن قوات المجلس سيطرت على المنطقة، ولن تسمح بهجوم آخر·