- “البلاد” سجلت غيابا كاملا لقوات الأمن وحضرت اشتباكات بين المعتصمين والباعة بدا على غير العادة ميدان التحرير وسط العاصمة المصرية القاهرة صباح أمس الجمعة، فارغا من المعتصمين باستثناء بضع مئات من الأشخاص لا يتجاوز عددهم الألفين ممن لبوا نداء ائتلافات شباب الثورة لعقد مليونية جديد أطلق عليها اسم “جمعة رد الاعتبار للشهيد”. “البلاد” كانت حاضرة في ميدان التحرير منذ ساعات الصباح الأولى لمعاينة ترتيبات المليونية التي دعت إليها عدد من الأحزاب والتنظيمات الشبابية الثورية على غرار الجبهة الوطنية للتغيير وحركة 6 ابريل المحسوبة على محمد البرادعي وأحزاب التحالف الشعبي الاشتراكي والجبهة القومية للعدالة والديمقراطية واللجان الشعبية للدفاع عن الثورة وغيرها من التنظيمات الأخرى المحسوبة جميعها على التيار الحداثي في مصر، في حين أعلنت أحزاب التيار الإسلامي التي تضم حزب “الحرية والعدالة” الإخواني، و”النور” السلفي إضافة إلى الجماعة الإسلامية معارضتها لمظاهرات أمس. وقد سُجل حضور مكثف لمراسلي القنوات الفضائية المحلية والعالمية داخل الميدان لرصد مشهد المليونية التي جاءت بعد إنهاء المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب المصري والتي أفرزت نتائجها المبدئية اكتساحا واضحا للإخوان والسلفيين، وكان لافتا الاقبال المتواضع من قبل المصريين على النزول للتحرير خصوصا وأن عددا كبيرا منهم أبدى معارضة شديدة وامتعاضا من مواصلة الاعتصامات، في حين طغى على المشهد صور الباعة المتجولين ومئات الأشخاص المشردين الذين استغلوا حيزا واسعا من مساحة المكان، ولم نرقب طيلة تجولنا في الميدان أيا من الوجوه السياسية أو الثورية الشهيرة في حين سجل حضور بعض الوجوه الأكاديمية مثل المحلل السياسي المعروف حسن نافعة الذي أدى صلاة الجمعة في مسجد عمر مكرم بقلب التحرير لينصرف بعدها مباشرة. كما لوحظ غياب أي تواجد أمني لقوات الشرطة أو الجيش بالقرب من الميدان أو أي من الشوارع المتفرعة عنه على غرار شارع محمد محمود الذي شهد سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى بسبب الصدامات التي وقعت بين المتظاهرين وقوات الأمن في 19 نوفمبر المنصرم، في الوقت الذي سجل حضور ملحوظ لسيارات الإسعاف التي توقفت بعيدا في الشارع المحيط بالجامعة الأمريكية وبعض أزقة ميدان طلعت حرب للتدخل في حال وقوع اشتباكات، لكن سرعان ما قلصت عددها بعد تأكدها من فشل أصحاب المليونية في حشد العدد الكبير الذي كان متوقعا. وكان من المرتقب بحسب ما تحدث به عدد من المعتصمين ل”البلاد” قدوم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب لإلقاء خطبة الجمعة في الميدان تعبيرا منه عن تعاطفه مع أسر الشهداء وأيضا لترطيب الأجواء بين الثوار المطالبين برحيل العسكر ومجلس طنطاوي، لكن تأكد فيما بعد إلغاء قدومه وتعويضه بشيخ أزهري آخر، حيث ارجع بعض المعارضين لجمعة أمس ممن قادهم الفضول للوقوف غير بعيد عن منصة الخطب في قلب التحرير سبب تراجع الإمام الأكبر عن النزول إلى الميدان لاقتناعه بأنه لم يعد ممثلا حقيقيا لنبض الشارع الذي قال بحسبهم كلمته خلال مشاركته الغير مسبوقة في إنتخابات الاثنين الماضي. واعتبر كثيرون ممن تحدثنا إليهم بعد صلاة الجمعة، أن فشل مليونية أمس هو بمثابة صفعة قوية توجه مجددا للتيار الحداثي العلماني في مصر ونقطة أخرى تضاف لرصيد المكاسب التي تحصل عليها الإسلاميون بكامل أطيافهم في الساحة المصرية، على اعتبار أن هؤلاء كانوا من أشد المعارضين لاستمرار الاعتصام في ميدان التحرير وأعلنوا قبل يومين صراحة رفضهم المشاركة في مليونية “رد الاعتبار للشهداء”، وبالتالي فإن إحجام المصريين عن النزول للاعتصام يمثل توافقا مع هذا الرأي ومعارضة للقوى الأخرى الداعية إلى التصعيد لإسقاط حكومة الجنزوري وتعيين محمد البرادعي مكانه ومنحه كافة الصلاحيات التي يسيطر عليها حاليا المجلس الأعلى للقوات المسلحة. حشيش ومخدرات تغزو الميدان.. واشتباكات بين المعتصمين والباعة وكانت “البلاد” شاهدة على نشوب اشتباكات خلال اليومين الماضيين بين معتصمين من حركة شباب 6 ابريل وعدد من الباعة المتجولين، استعملت خلالها الزجاجات الفارغة وقارورات المولوتوف الحارقة كما تم تبادل الرشق بالحجارة بين الطرفين. وبحسب ما أخبرنا به المعتصمون فإن خلفية الاشتباك ترجع أساسا إلى محاولة ترتيب الثوار للحركة داخل الميدان الذي صار يعيش فوضى وتلوث غير مسبوق بسبب غزو هؤلاء الباعة الجزء الأكبر من أركان الميدان وفرش بضاعتهم هناك وترك مخلفاتهم وفضلاتهم فيه. كما أكد هؤلاء رصدهم الكثير من حالات ترويج للمخدرات والحشيش الذي يتعاطاه الكثير من المصريون بشكل لافت، حيث أشار الطبيب محمود نصر وهو أحد الشباب المكلفين بالرعايا الصحية في مخيمات الاعتصام معاينته حالات متقدمة وخطيرة لأشخاص نقلوا إليهم بعد إصابتهم بحالات إغماء ودخولهم في غيبوبة نتيجة تعاطيهم المفرط لكافة أنواع المخدرات التي تنتشر بشكل ملفت في التحرير. وأبدى هؤلاء حسرة كبيرة من المشاهد التي يعكسها هؤلاء عن القابعين في الميدان بعد أن كان أرقى شباب مصر هم من يمثلونه قبل وبعد ثورة 25 جانفي الماضي. موفد “البلاد” إلى القاهرة: أحمد جوامعي