يشكو عدد من المشردين بمختلف المدن الكبيرة في الشلف من موجة البرد القارس التي اجتاحت الولاية بعد انخفاض درجات الحرارة وبلوغ كمية التساقطات المطرية لحد الساعة مستوى 90 ملم، علاوة عن العواصف الثلجية التي هبت على المناطق العليا على غرار ”بيسة” والظهرة وبني بوعتاب، حيث ازدادت معاناة هذه الفئات الهشة في المجتمع بعد تأخر الجهات المسؤولة في مد يد العون إليها، وتركها بشكل مباشر أو غير مباشر، عرضة لتأثيرات البرد القارس أمام المساجد والساحات العامة، وبمختلف الأزقة والأحياء والشوارع، وعدد من الأسواق الأسبوعية المنتشرة مثلما هو الحال لمدينة الشلف التي تعج بظاهرة المتشردين الذين يتكونون من جميع الفئات العمرية (رجال، نساء، أطفال صغار، يافعون) ويتخذون من الساحات والحدائق العامة مأوى رسميا لهم في ظل ضعف المساعدات الاجتماعية التي تقيهم من أحوال الطقس المتقلبة وغياب أية مقاربة اجتماعية صارمة تفرض عليهم العيش في مؤسسات خيرية وملاجئ معدة لهذا الغرض، وتتوفر فيها أبسط شروط الحياة الكريمة· كما أن ضعف العناية التي توليها هيئات المجتمع المدني لهذه الفئات في برامجها الإشعاعية الاجتماعية، أدى إلى تشويه منظر الساحات العمومية، وهو ما أدى بهذه الفئة إلى المبيت في العراء أمام بعض المؤسسات العمومية، واللجوء في كثير من الأحيان إلى الحدائق التي يتخذها العديد منهم كمأوى رئيسي يفترشون فيها الأرض ويلتحفون السماء، ويعاقرون فيها مختلف أنواع المسكرات والمخدرات في مشاهد حزينة، إلى درجة أن بعض المشردات تعرضن في زوايا مظلمة لاعتداءات جنسية أسفرت نتائجها عن حمل غير شرعي وظهور أطفال الشوارع الذين يرافقون أمهاتهم ويبيتون معهن في الأماكن المكشوفة إلى حدود اليوم· فيما فضل البعض منهن ترك فلذات أكبادهن للعيش بإحدى المؤسسات الخيرية وسط المدينة حماية لهم من تأثيرات الشارع السلبية· كما ظهرت وجوه جديدة من المشردين بينهم عدد من المتشردين الذين تم استقدامهم من قبل جهات غير معروفة من مناطق مجاورة لمدينة الشلف والولاية بصفة عامة· وفي هذا السياق، لوحظ بعضهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء قبالة الحديقة العامة المجاورة لساحة التضامن، مشكلين طابورا واحدا ينتظرون التفاتة السلطات المحلية لانتشالهم من موجة البرد القارس الذي تعرفه الجهة الوسطى، في الوقت الذي تكفلت فيه ولايات مجاورة بذات الفئة وأحصت كافة المتشردين ووزعت أغطية وأفرشة عليهم وأدمجتهم في مؤسسات خيرية لتفادي حوادث مؤسفة عادة ماتحدث في أوساط فئات المتشردين· وفي المقابل تموت الفئة المذكورة في صمت نتيجة الظروف المناخية الصعبة وصعوبة تخليهم عن المخدرات والخمور، إذ تكشف معطيات ميدانية عن مصرع 3 متشردين سنة 2011 حسبما نقلته جمعيات محلية لنشوء المتوفين في بيئة غير طبيعية ومرتبطة أكثر بالانحراف الخلقي·
وبخصوص الأسباب التي أدت بالعديد من هؤلاء إلى المكوث في الشارع العام رغم الأخطار المحدقة بهم من كل جانب، أوضح المتحدثون أن هذه الفئة لا تملك بديلا عن الشارع العام، لأنها ألفت حياة التشرد ويصعب عليها التكيف مع أي حياة أخرى طبيعية· كما أن الفقر والبطالة والتفكك الأسري، ساهم بشكل كبير في تعميق هذا الشرخ الحاصل بين الواقع والمأمول، إضافة إلى غياب برنامج اجتماعي يهم هذه الفئة وينقذها من الضياع، ويحفظها من الثأثيرات السلبية لأحوال الطقس المتقلبة على أوضاعهم الصحية والاجتماعية، ناهيك عن ضعف الحملات التي يقوم بها المسؤولون تجاه هذه الفئة من المجتمع·
كما طالب عدد آخر من الفاعلين المحليين بتفعيل دور الجمعيات المتخصصة في حماية الأسرة، من أجل المساهمة في تمكين هذه الفئات الإنسانية من العيش في ظروف حسنة، وتمكينها من المعالجة النفسية المجانية للآثار التي يخلفها الشارع على نفوسهم، بالإضافة إلى مساعدة الأطفال على الانخراط في الحياة بشكل عادي·