قامت، أمس الأول، عناصر من مديرية النشاط الاجتماعي بولاية جيجل ممثلة في مصلحة الملاحظة والتربية في الوسط المفتوح، بالتنسيق مع الهلال الأحمر الجزائري والحماية المدنية، بحملة تطهير واسعة بوسط المدينة في أوساط الأشخاص المتشردين. موجة البرد القارس في هذا الشتاء، جعلت مصالح مديرية النشاط الاجتماعي تسرع من أجل إنقاذ هؤلاء الذين يعيشون في ظروف جد قاسية، لاسيما بعد موجة البرد والقر التي تشهدها المنطقة والتي أصبحت تهدد حياتهم، حيث تمكنت ذات المصالح من إنقاذ 5 متشردين من بينهم امراتين ورجل ينحدر من ولاية غليزان، كان يتخذ من موقف الحافلات بباب السور مأوى له. وحسب ذات المصالح، فإنهم يعانون من اضطرابات نفسية بعدما تم التكفل بهم ووضعهم بالمركز الطبي البيداغوجي للمعوقين حركيا، أين أخضعوا للفحوص الطبية اللازمة. وتأتي هذه العملية في ظل غياب برامج فاعلة وحتى مراكز للتكفل بهاته الفئة من المجتمع، التي تعاني التهميش ومن صمت رهيب، والذين تغطيهم السماء ويفترشون الأرض والكرطون ومن أعمار مختلفة، منهم الأطفال والشيوخ والنساء، انتشروا عبر الساحات العامة بحثا عن مكان يأويهم ويقيهم قر البرد. مواطنون بلا هويات في الغالب، ليس لهم ما يسدّ رمقهم، فما بالك بما يغطّي أبدانهم، تجدهم متسامرين حول قسوة أيامهم وفراق الأحباب. "الأمة العربية" وعلى مدار ساعات، تجولت وسط مدينة جيجل صباحا لتشاهد استقبال هؤلاء لأيامهم، الذين يجمعون على أنها تكاد تكون متشابهة، لأن طلبهم الوحيد هو الحياة العادية ورغبتهم في إشراقة تسعدهم وتبعث فيهم الأمل، وجدناهم يحادثون الناس في موضوع واحد هو طلب حاجة، وآخرين من يطلب النقود والتبرع لهم ولو بدينار من أجل سد قوت يومهم ليأكلون فيها مثل ملايين الجزائريين. فمهنم من استوطن الشوارع العامة والحدائق والمساحات الفارغة، ومنهم من استوطن مواقف ومحطة الحافلات. هذه الظاهرة انتشرت بولاية جيجل بكثرة في الآونة الأخيرة وتزايدت بشكل ملحوظ في الشوارع وفي المدن الكبرى بالولاية، منها الطاهير والميلية. وأثبتت المتابعة الميدانية ل "الأمة العربية"، وجود فئة من المختلين عقليا بعدما كانت غائبة في السابق، حملت معها مآسي ضد المواطنين وما يلحقها من اعتداءات لفظية، تصل أحيانا إلى جسدية، وفئة أخرى تمتهن التسول وأغلبها من الأطفال والأمهات العازبات في الشوارع ومن مختلف الأعمار. ولأن ظاهرة التشرد أو التسول بشكل عام تعتبر خطرا على سلامة المجتمع وتماسكه، وستتابعها "الأمة العربية" خلال الأيام القادمة بأكثر جرأة وبتشريح أعمق للظاهرة ميدانيا، فإنها تستدعي التفاتة من الجهات المعنية وتحديدا من المجتمع المدني، في ظل غياب برامج ناجعة بالشكل الكافي بعيدا عن البرامج المكلفة والقاصرة عن خلق الحلول الناجعة والكفيلة بإعادة دمج جزء من المواطنين والوقوف على الحجم الحقيقي للظاهرة بالنزول للشارع والمعاينة الميدانية. ومن غياب البرامج إلى عجز الموجودة، حتى عن إيقاف هذا النزيف الهائل الذي يجتاح الأسر المعروفة بتكافلها ومحافظتها. والجدير بالذكر، هو وجود عدد كبير من المتشردين في البلديات الأخرى ينتظرون التكفل بهم.