الثورات ليست رحلة صيد، هي دماء ودموع، لذلك لا خوف على مستقبل البلدان العربية التي سقطت فيها أنظمة الحفرة والديكتاتورية مما نراه اليوم من تجاذبات، والذين يروجون لنظرية الثورة تلد الفوضى مخطئون لأن ثمن التغيير غالٍ وما بعد الثورات مخاض عسير، وما يحدث في مصر على وجه الخصوص هو جزء من مخاض هذه المرحلة التي سنرى فيها الكثير، لكن الأهم أن النظام الفرعوني الذي زج بالمصريين في حروب وهمية سقط وإلى الأبد، وأن الثورة المضادة مآلها الفشل· وقد أثبت التاريخ أن مرحلة لملمة الجروح بعد الثورة هي واحدة من أقسى مراحل العبور، والشعب المصري يعبر الخط الذي وضعه نظام مبارك طيلة أربعة عقود من الزمن، لذلك من الطبيعي أن يبيض النظام البائد بلطجية ينفذون ورجال مال وأعمال ينفقون من المال الحرام حتى لا تذهب مصالحهم بذهاب مبارك، وبقايا نظام بوليسي ليس من السهل إسقاطه أو إجبار رموزه على الاستسلام، لذلك تراهن الشعوب العربية قاطبة على وحدة المصريين، بينما تراهن الأنظمة الستالينية على فشل الثورات في كل العواصم والبلدان العربية التي أسقطت طغاتها، ونساء طغاتها وأصهارهم وأزلامهم، والقول إن ما كانت عليه مصر في عهد مبارك أحسن مما هي عليه اليوم هو مغالطة كبرى، وشتان بين الحرية والعبودية وبين التحرر والاستغلال، لذلك فإن القيادات الجديدة في مصر وثوارها الشباب يدركون جيدا معنى ما يحدث حولهم، فهم يعبرون وللعبور ثمن وضحايا·