كشف أمس مصدر من القيادة الجهوية للدرك الوطني ل”البلاد” أن مصالحه أحصت ما لا يقل عن 19طريقا بين وطنية وولائية ظلت مقطوعة في وجه حركة المرور عبر 10 ولايات شرقية بفعل العاصفة الثلجية التي اجتاحت المنطقة· واعترفت السلطات المحلية من جهتها أن العزلة مازلت مضروبة على مئات القرى والمداشر والتجمعات السكانية في تلك الولايات، مع استمرار معاناة سكانها مع أزمة المواد الطاقوية والنقص في المواد الاستهلاكية، في وقت يؤكد فيه المتضررون أن ما وصلهم من السلطات لا يتعدى ”رسائل ”أس أم أس الهاتفية التي تحثهم على الذهاب بقوة إلى مكاتب الاقتراع في تشريعيات 10ماي القادم”·
ففي ولاية عنابة حسب مصالح الدرك الوطني ظل الطريقان الولائيان ”16أ” و””15 الرابطان على التوالي بين سرايدي وشطايبي (على مسافة 15 كلم) وبين عنابة وسرايدي في النقطة الكيلومترية ,8 إلى غاية صباح أمس مغلقين، وهو ما سبب عزلة للسكان المضطرين للتنقل بين هذه المدن· وللوضع نفسه ظل الطريق الولائي رقم 7 الرابط بين قنواع وبني زيد غرب سكيكدة مغلقا أمام حركة المرور في أعالي طورس ببلدية بني زيد· أما في ولاية ميلة فإن استمرار قطع الثلوج للطريق الولائي 3 الرابط بين تلاغمة وشلغوم العيد على مسافة 18 كلم، وللطريق الولائي 1 المتقاطع مع الطريق الوطني 77 في مينار زارزة على مسافة 14 كلم قد سبب معاناة كبيرة لعدد كبير من التجمعات السكانية المترامية في أرياف المنطقة· وفي ولاية سطيف لايزال طريقان ولائيان مقطوعين أمام حركة المرور وثلاثة طرق ولائية في ولاية بجاية ويتعلق الأمر بالطرق رقم 16 ”أ” الرابط بين تيزي لخميس ومركز بلدية تيزي نبشار على مسافة ,25 والطريق الولائي بين أدكار وبني كسيلة على مسافة 31 كلم والطريق الولائي 13 الرابط بين تاوريرت إيغيل وأدكار على مسافة 8 كلم· وتتواصل مجهودات الدرك والجيش والحماية المدنية لفتح مسالك جبلية وطرقات مداشر معزولة في كل من أم البوافي وخنشلة وباتنة وسوق اهراس والطارف وفالمة·
عائلات محاصرة وإعانات تثير الاحتجاج
وفي موضوع تدخلات السلطات لاغاثة المحاصرين في القرى الجبلية نددت العشرات من العائلات المقيمة بقرية عين بوسيف التابعة إداريا لبلدية سيرايدي في عنابة بتماطل السلطات المدنية في تخليصها المنطقة التي يقطنونها من مخلفات العاصفة الثلجية التي تسببت في بقاء المشتة معزولة كلية عن المحيط الخارجي لنحو أسبوعين رغم المجهودات التي تواصل وحدات الجيش الوطني الشعبي تبذلها لصالحهم· ويأتي تذمر هؤلاء السكان بعد المبادرة التي قامت بها يوم أمس مديرية النشاط الإجتماعي، والمتمثلة في تخصيص قافلة لنقل المؤونة إلى العائلات المنكوبة بقرية بوزيزي، حيث لم تكن قفف الإعانات كافية لتلبية الحاجيات المتزايدة لسكان المناطق المعزولة على المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، مادامت العملية مست سوى 100 عائلة·
وشدد سكان عين بوسيف المحاصرون على ضرورة توفير المؤونة لكل العائلات المنكوبة، لأن مبادرة مديرية النشاط الاجتماعي بالولاية مست 100 عائلة بقرية بوزيزي، وبلدية سيرايدي كانت معزولة طيلة فترة تساقط الثلوج، مما يجعلها بحاجة إلى العديد من المبادرات التضامنية لتخليصها من مخلفات العاصفة الثلجية، كون طرقات المشاتي تأثرت كثيرا بالثلوج التي غطتها، ومعظم المسالك تتطلب أشغال ترميم وإعادة تأهيل، خاصة الطرقات المؤدية إلى قرى الجهة الغربية من البلدية، فضلا عن مشكل ندرة غاز البوتان، رغم أن مصالح البلدية تكفلت بمتابعة عملية توزيع الغاز على كل العائلات المتضررة، من أجل وضع حد لظاهرة التلاعب بقارورات غاز البوتان، حيث إن سعر القارورة الواحدة لم يتجاوز أمس الأحد عتبة 300 دينار لدى موزعين خواص بسيرايدي، وذلك بعد توفير كمية كافية لتغطية الطلب المتزايد على هذه المادة الحيوية· وتعد مبادرة مديرية النشاط الاجتماعي تعد الثانية من نوعها الموجهة للعائلات المنكوبة بسيرايدي، بعد تلك التي نظمت نهاية الأسبوع، حيث تكفلت وحدات الحماية المدنية بنقل 300 كيس سميد، بالإضافة إلى مؤونة من مختلف المواد الغذائية كعلب الحليب والزيت، وهي الذخيرة التي تكفلت لجنة من البلدية بتوزيعها على العائلات بحضور ممثلين عن المجتمع المدني· كما قررت مصالح مديرية التربية بولاية عنابة أول أمس إغلاق أربع مدارس ابتدائية بصفة مؤقتة، وتحويل تلاميذها إلى مدراس ومتوسطات أخرى مجاورة تتوفر بها التدفئة، والتي طرحت بحدة خلال موجة البرد التي اجتاحت كل ولايات الوطن على مدار نحو أسبوعين، الأمر الذي أثار استياء وتذمر المعلمين وأولياء التلاميذ على حد سواء، ليقرر إثرها والي عنابة تشكيل لجنة ولائية أسندت إليها مهمة متابعة الوضعية على مستوى كل المؤسسات التربوية المنتشرة عبر مختلف بلديات الولاية· وحسب المعلومات التي تحصلت عليها ”البلاد” فإن التقرير الأولي الذي أعدته اللجنة المعنية أحصى نحو 40 مدرسة ابتدائية لا تتوفر فيها التدفئة أغلبها بعاصمة الولاية، لكن مصالح مديرية التربية قررت الإغلاق الفوري لأربع مدارس تقع بالأحياء القديمة، إضافة إلى متوسطة بحي لاكولون، تم تحويل التلاميذ الذين كانوا يدرسون بها إلى ابتدائية مالك بن نبي إلى غاية الانتهاء من أشغال تجديد شبكة التدفئة التي تقرر برمجتها على مستوى المتوسطة·
وبجيجل اتهمت عائلات منكوبة السلطات المحلية بالتقاعس أمام مشكل عدم تموينها بالمواد الغذائية الخاصة بمديرية النشاط الاجتماعي، مطالبين بالتحقيق في المعايير التي تم اعتمادها لتوزيع حصة ”شحيحة” على بعض العائلات، في الوقت الذي ترجع مصالح النشاط الاجتماعي ذلك إلى صعوبة إحصاء العائلات المنكوبة· كما لا يزال سكان العشرات من المشاتي والقرى في عزلة تامة منذ بداية تساقط الثلوج التي وصل سمكها على مستوى جبال إيراقن وسلمى بن زيادة والمداشر الموجودة على حدود ولاية ميلة إلى حوالي أربعة أمتار والتي كانت عائقا كبيرا أمام تدخلات وحدات الجيش ومختلف فرق الأسلاك المشتركة سواء بواسطة الطائرات المروحية وبرا باستعمال الكاسحات، ومع ذلك تعذر الوصول إلى هذه المناطق لأنه كلما تمت إزالة الثلوج بالمسالك والطرق الفرعية المؤدية إلى مشاتي البلديات الأكثر تضررا وعزلة، كلما عادت إلى حالتها الأولى بفعل التساقط الكثيف والمستمر للثلوج الأمر الذي جعل مشاتي بلدية إيراقن والمناطق الجنوبيةالغربية لبلدية سلمى بن زيادة وسكان بني ميمون وبوعقبة ببلدية أولاد يحيى خدروش وكل مشاتي جنوب أولاد عسكر المجاورة لولاية ميلة في وضعية كارثية بسبب نفاد المواد الغذائية وغاز البوتان، بل صار من الصعب على الأجهزة العمومية والجمعيات الخيرية والمجتمع المدني إيصال المساعدات إلى هذه المشاتي التي مازالت السلطات العمومية بالولاية لا تعرف لحد الآن مصير الكثير من قاطنيها·
المتاعب مع ندرة المواد الغذائية متواصلة
وفي ميلة سجلت مصالح الحماية المدنية في الأسبوع المنصرم المثلج وفاة شخص وجرح 5 آخرين في 6 حوادث مرورية جراء تردي الأحوال الجوية· وأوضح رئيس بلدية ”تسالة لمطاعي” أن الطريق الوطني 105 الرابط بين تسالة وحدود ولاية جيجل قد فتح أمام حركة المرور بفضل التدخل الناجع لأفراد الجيش الوطني الشعبي الذين ما زالوا يواصلون تدخلهم بالجهة لمساعدة السكان وتقديم العون لهم إضافة إلى فتح المسالك والطرقات· وتدخلت السلطات الولائية وأفراد الحماية المدنية بأعالي ترعي باينان لفك عزلة مشتة ”سمطة” حيث وزعت مواد غذائية وقارورات غاز البوتان·
وتم منذ بدء حملة المساعدات توزيع أزيد من 500,3 قفة مساعدات غذائية وأزيد من 300 ألف قارورة غاز بوتان حسب ما صرح به والي ميلة للصحافة· ولايزال نقص قارورات الغاز في السوق محل الكثير من الشكاوى من طرف المواطنين، وهو نفس الوضع مع مختلف المواد الاستهلاكية· وفي هذا الصدد أكد مدير الطاقة والمناجم أن إجراءات جارية في الميدان للتجاوب مع هذا الانشغال بالتزامن مع رداءة الأحوال الجوية· ويزيد تواصل سقوط الثلوج من وضعية النقص رغم أن الكثير من سكان الجبال والمناطق المعزولة تمكنوا من التمون خلال أيام الصحو الأخيرة بالمواد الغذائية وقارورات غاز البوتان·
انهيار مدارس وبيوت هشة
وبولاية سكيكدة لا تزال مناطق معزولة عن العالم الخارجي بفعل كثافة الثلوج التي يقول كبار السن إنهم لم يعيشوها منذ ما يزيد على نصف قرن، وخلف غضب الطبيعة سقوط 9 ضخايا وأزيد من 240 جريحا، كما تسببت الثلوج في انهيار منازل ومؤسسات تربوية وإتلاف محاصيل زراعية وأشجار الزيتون التي تعتبر إحدى الثروات التي تعرف بها المنطقة·الى ذلك مئات العائلات بالقرى والمداشر النائية ببلدية أولاد أحبابة بولاية سكيكدة نداءات استغاثة للسلطات المحلية والولائية لأجل التدخل والتعجيل بتزويدهم بقارورات غاز البوتان التي تشهد ندرة حادة بهذه البلدية التي لا يزال سكانها يعيشون وضعا مأساويا خاصة مع تواصل التساقط الكثيف للثلوج للأسبوع الثاني على التوالي·
من جهتها تعيش بلديات طامزة وبوحمامة وشلية ويابوس والولجة، بولاية خنشلة عزلة خانقة منذ أكثر من أسبوع، ولم يتمكن سكانها من اقتناء مواد غذائية ضرورية، وغاز البوتان، وحاول مواطنون توجيه النجدة، إلا أن صرختها لم تبلغ آذان السلطات المحلية· تسببت العاصفة الثلجية في انهيار 10 سكنات هشة بحي ديغول بشكل دفع السلطات إلى ترحيل 14عائلة من الحي المذكور إلى ملحقة مدرسة الفنون الجميلة الواقعة بحي الكاهنة،في الوقت الذي أطلقت فيه العائلات المرحلة نداء استغاثة للسلطات المحلية أمام انعدام التدفئة وصعوبة الإقامة بين أربعة جدران وتوقف أبناؤهم الذين يفوق عددهم 50 تلميذا عن الدراسة لمدة أسبوعين بحجة أن الحي المرحلين منه بعيد من الحي المقيمين به مما يزيد من معاناة هذه العائلات·
وبأم البواقي لوحظ أيضا توقف للدراسة بأغلبية المؤسسات التربوية بالنظر إلى التساقط الكثير للثلوج حيث أوضحت مصالح التربية بأن توقف الدراسة بالمدن فاق 40 بالمائة فيما كانت بالجهات الريفية بنسبة 100 بالمائة· وعلى الرغم من فتح مجموع الطرق الوطنية والولائية إلا أن حركة المرور تبقى صعبة في بعض المحاور خاصة تلك التي توصف ب”السوداء” على غرار شوف الدابة (عين فكرون) وفج الخورشف (عين البيضاء) باتجاه تبسة·
تمركزت وحدات وفرق متنقلة للحماية المدنية بسوق اهراس على الطريق الوطني رقم 16 الذي يعرف صعوبة كبيرة في المرور وذلك عند نقطة حي 26 أفريل والجامعة ومقبرة الشهداء ”مجاز هنية” ومدخل بلدية المشروحة والجحيفة وهي النقاط التي تعتبر ”صعبة المرور” وتجري بها حاليا تدخلات لفتحها أمام حركة المرور·
وقد أعطيت الأولوية لعملية فتح محاور الطرق بالولاية التي يشارك فيها الدرك والأمن الوطنيان ومديرية الأشغال العمومية والسلطات المحلية من رؤساء الدوائر والبلديات للطريق الوطني رقم 16 باعتباره محورا رئيسيا يربط سوق أهراس بكل من ولايتي عنابة وقالمة· وأمام استمرار رداءة الأحوال الجوية وتساقط الأمطار والثلوج التي بلغ سمكها 16 سنتمترا إلى غاية الجمعة المقبل حسب ما أفادت به مصالح الأرصاد الجوية دعا مدير الحماية المدنية مواطني الولاية إلى ضرورة توخي الحيطة والحذر وعدم التنقل إلا للضرورة القصوى· وفي ولاية الطارف بأقصى الشرق أجهضت مصالح الدرك الوطني محاولة تهريب أزيد من 300 قاروة غاز البوتان كانت على متن مركبة نفعية في طريقها إلى ما وراء الحدود عبر أحد المسالك الحدودية المعروفة بنشاط التهريب الحدودي·
وسجلت المصالح الأمنية بالولاية تناميا لنشاط تهريب قارورات الغاز إلى الضفة الأخرى من الحدود بشكل مكثف أمام موجة البرد التي تجتاح المناطق التونسية المتاخمة للشريط الحدودي والعزلة التي فرضتها عليهم الثلوج، بما أدى إلى تزايد الطلب على هذه المادة الحيوية أمام ندرتها ومعها تكالبت عصابات التهريب على تهريب أكبر الكميات إلى ما وراء الحدود من خلال مقايضتها بسلع أخرى وبيعها بأثمان متفاوتة، حيث وصل ثمن القارورة الواحدة التي بيعت للمهربين التونسيين إلى أزيد من 100 دينار تونسي مما يساوي في السوق الموازية 7 آلاف دينار جزائري