دعا رئيس مؤسسة ”القصبة” بلقاسم باباسي مجددا إلى استرجاع مدفع ”بابا مرزوق” و158 من القطع التاريخية الأخرى متعلقة بالذاكرة الوطنية المتواجدة بفرنسا· وقال خلال ندوة عقدت بالعاصمة مساء أول أمس بمناسبة اليوم الوطني للحي العاصمي العتيق، إن استعادة هذه القطعة الفنية يجب أن يقودنا لاسترجاع 158 قطعة فنية أخرى ماتزال تحتفظ بها فرنسا في متاحفها، موضحا أنه من بين هذه التحف بعض ممتلكات ”الداي حسين” الشخصية وجماجم المقاومين بوبغلة والشيخ بوزيان ودرقاوي· وأكد المتحدث أن لجنة استرجاع المدفع التي أنشئت سنة 1992 تمكنت من جمع أكثر من 17 ألف توقيع لأشخاص وشخصيات من مختلف الأوساط داخل الجزائر وخارجها، مضيفا ”أغلب الساسة الفرنسيين وافقوا على إرجاع مدفع بابا مرزوق للجزائر”· وأعرب عن أمله في استرجاع المدفع في جويلية 2012 بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر· وكانت مستشارة وزيرة الثقافة رشيدة زدام أوضحت قبل أيام على هامش المهرجان الدولي لفنون ”الأهقار” بتمنراست، أن استرجاع مدفع ”بابا مرزوق” أمر معقد جدا، حيث سرق من قبل سلطات الاحتلال الفرنسي في فترة لم يكن مصنفا فيها كموروث ثقافي بسبب أنه حين تم سرقته من قبل الاستعمار الفرنسي لم يكن يعتبر كموروث ثقافي· وقالت إن استرجاع المدفع وباقي الآثار يبقى مرهونا بالاتفاقية الدولية لسنة 1970 التي تحدد شروطا دقيقة لاسترجاع الآثار المنهوبة، من بينها ”ضرورة استظهار أدلة تثبت أن هذه الآثار ملك للجزائر، غير أن الاستعمار حين قام بسرقتها كان يعتبرها ملكا فرنسيا”، مضيفة ”وزارة الثقافة لا يمكنها المطالبة بالمدفع، لأنه لم يكن يعتبر قبل سرقته معلما ثقافيا لأنه كان يستعمل كوسيلة حرب ووزارة الدفاع هي التي يمكنها إثبات أنه ملكها”· من ناحية أخرى، يعد ”بابا مرزوق” المدفع الذي ارتبط اسمه بالتاريخ الحربي الجزائري في العصر العثماني، وهو مصنوع من ”البرونز” ويبلغ طوله سبعة أمتار وصنع في القرن السادس عشر بأمر من حسن آغا الذي جاء خلفا لخير الدين· أما مدى قذائفه فكان يصل إلى 5000 متر، وهي الميزة التي مكنته من ضرب سفن الغزاة فور اقترابها من ميناء الجزائر القديم· ومباشرة بعد سقوط مدينة الجزائر في 5 جويلية 1830؛ سارع ”البارون غي دوبري” إلى السطو عليه وإرساله إلى فرنسا، وهو موجود حاليا بمدينة ”بريست” الفرنسية· وقد يكون ”بابا مرزوق” أقدم أسير حرب في العالم على الإطلاق، وهو لم يكن مجرد قطعة عسكرية عادية، فالفرنسيون يعرفون ”بابا مرزوق” قبل سرقته بوقت طويل، حيث يعود صنعه إلى العام ,1542 أي سنة واحدة بعد حملة الملك الإسباني ”شارل الخامس” الفاشلة على الجزائر· وآنذاك؛ أمر حاكم الجزائر ”حسن آغا” بتأسيس ”دار الصناعة” وبصنع مدفع تهابه الأعداء ويكون رمزا لقوة الجزائر العسكرية· وبالنسبة للفرنسيين الذين يحتفظون بهذا الأسير بعد 50 سنة من استقلال الجزائر، كانت لهم أكثر من ذكرى سيئة مع ”بابا مرزوق”، وكان استيلاؤهم عليه بمثابة ”انتصار نفسي” ومحاولة محو ”عار” التصق بهم·