قال الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، إن الجزائر فقدت أعز أبنائها ممن قتلوا خلال التحاقهم بالجماعات الإرهابية في الجبال، وعلى غير العادة لم يحمّل «الفيس» المحل وحده المسؤولية عن ذلك، مؤكدا أن أزمة الإرهاب والانحراف الذي عاشته الجزائر كان بسبب الجو المغلق. ولم يتوان أويحيى عن إطلاق «صفارة الإنذار» عما يحاك ضد الجزائر فيما سمّاه «المخابر الغربية» بغية نقل «ثورة ملوثة» إلى الجزائر على حد تعبيره. أبدى الأمين العام للأرندي، في تصريح متأسفا على الإرهابيين الذين قضت عليهم مصالح الأمن، رغم توقعه المسبق أن كلامه سيغضب الكثير وبالخصوص عائلات ضحايا الإرهاب، وقال في هذا الخصوص» أعلم أن كلامي يغضب البعض، لكننا فقدنا أعز أبناء الجزائر الذين قتلوا من الإرهابيين... لقد خسرتهم البلاد». والتمس أويحيى «بعض العذر لهم»، كونهم دفعوا دون أن يعلموا إلى أين دفعوا، ليتهم أشخاصا معينين يعيشون في لندن والدوحة وجنيف بالمسؤولية عن توريط أولئك الشباب، وقصد أويحيى قيادات الحزب المحظور التي اختارت الإقامة في أرقى العواصم العربية والغربية، وهم الآن ينادون بتهديم الجزائر، ليضيف «من الضروري وضع الحقائق ليس لدغدغة المشاعر أو للرجوع إلى المآسي... الحقيقة قد أن تجرح لكن هذا موقفنا». ولم يغفل كالعادة التذكير بتضحيات من سقطوا على يد الإرهاب من الجزائريين سواء من مصالح أمن أو مواطنين عاديين. وعن المتسبب في مآسي العشرية السوداء، أكد أويحيى خلال تدخله أمس في ختام الندوة الوطنية لشباب الأرندي بسيدي فرج «أنا لا أتكلم عن الحزب المحل، أنا أتكلم عن الجو المغلق الذي أوصلنا إلى الانحرافات وعشرية الإرهاب». وخاض أويحيى على مدار ساعة وربع من الزمن في خطاب ارتجالي، فيما يحاك ضد الجزائر سواء من «أعداء الداخل أو الخارج»، فعن أعداء الداخل قال «لقد عاد الخطاب الهدام إلى الساحة بقوة لا مثيل لها منذ سنتين، وعلينا أن نعترض عليه بقناعة سياسية». وحذر من استغلال تلك الجهة التي لم يسمها للغضب الشبابي حتى يستعمله كنيران لحرق الجزائر، كما جدد التحذير من الأصوات التي اتخذت عواصم كالدوحة وجنيف ولندن لترويج ما اعتبره «الخطاب الهدام». ولمح هنا إلى بعض وجوه الحزب المحل. وتحول أويحيى بعدها إلى عدو للخارج الذي سماه «المخابر الأوروبية» التي أكد بشأنها أنها تقوم بتقديم دعوات إلى الشباب الجزائري لتحضير «فصول الربيع العربي والثورات الملوثة»، وأضاف موضحا كلامه «إني لا أكشف سرا عما تحدثت به.. هنالك شباب من بعض الولايات وجهت إليهم هذه الدعوة»، ليتساءل بعدها «لماذا هذا الحب للجزائريين في هذا الوقت في حين أن 99 بالمائة من طلبات الفيزا ترفضها الممثليات الدبلوماسية في الجزائر»، كما اتهم أمريكا تلميحا بأنها تحاول فرض ديموقراطيتها على الجزائر، قائلا «لماذا قوة عظيمة في العالم لها اهتمام بالشباب الجزائري وتقول علنية سنكون الشباب حتى تسمعه سلطته»، وقصد أويحيى بالكلام وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي قالت ذلك الكلام في زيارتها قبل أيام إلى الجزائر، ليعلق على الاهتمام الأمريكي بالشباب الجزائري بالتساؤل: هل هذا هو حب في الجزائر وشبابها؟ وطالب من أبناء الجزائر حماية الدولة ومكتسباتها من العاصفة التي تدور في البلدان العربية ومن الضغط الغربي. وفي الذاكرة التاريخية، جدد أويحيى موقفه من مطالب تجريم الاستعمار، دون أن يلفظ بالكلمة صراحة، قال «بعد أشهر سنكون في العيد الخمسين للاستقلال، وهي فرصة عند البعض للبكاء على الأطلال والحزن على فقدان التاج»، والأصح حسب أمين عام الأرندي أن تكون الذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة فرصة لتقييم الأخطاء والخطب السياسوية والديماغوجية، وكذا التقييم من أجل الابتعاد عن الأخطاء، والنظر إلى المكتسباب المحققة. وبخصوص تشريعيات ماي وصفها ب«المعركة»، مما يستلزم تقديم البرامج والبدائل وليس التغني بالشعارات، معيبا على الإسلاميين ترويج الخطاب الديني، ما يعني أن من ليس إسلاميا فهم كفار يتساءل أويحيى، ليعيب على الأصوات المنتقدة مسار الإصلاحات التي سماها «غوغائية»، مشيرا إلى أن الإصلاح لصالح الجزائر والجزائريين وليس للأحزاب السياسية.