عبثا تبحث عن جملة واحدة فاصلة حاسمة مميزة تسمح لك بتحديد الموقف، وتثبيت الاختيار بين حزبين من التحالف الرئاسي قادا الحكومة والأغلبية في البرلمان منذ إعادة تنشيط المسار البرلماني إلا ما قد يميز به بين النعجة المستنسخة دولي والمستنسخ منه. الإشكالية ذاتها تطال الكيانات المجهرية للتيار العلماني، المستنسخة من قوالب “طايوانية” موردة من مخلفات العلمانية الغربية المستهجنة في عقر دارها وراء البحر. ولا سبيل إلى إنكار ورود سقاة التيار الإسلامي من نفس البئر، والسقاية بنفس الدلو ورشاه القصير الذي أتيح للتيار مع بداية التعددية، حتى أنه يصعب على المرء أن يتماسك، ولا يسخر من جملة محملة بزهو الطاووس وسط حريمه، ونفج في غير محله، يزعم فيها الشيخ جاب الله: أن حزبه هو “الوحيد القادر على رفع التحديات التي تواجه الجزائر وتقديم البديل الذي يقوم على إقامة دولة الإسلام”، وأن جبهة العدالة هي “حزب رسالي يدرك – ما لا يدرك غيره- حجم التحديات” نفج وغرور استولى على الكيان الإسلامي الآخر المستنسخ بقيادة الشيخ مناصرة، وقد انتقل من مسار “إسقاط النظام” حين رفع أعلام الثوار الليبيين يوم تأسيس الحزب، إلى الانخراط الآمن في المسار الانتخابي، وهو يمني النفس بتغيير النظام دون حاجة إلى غطاء جوي من النيتو، ما دام حزبه “سيحصل على الأغلبية في البرلمان القادم”، بعد أن استفاد من تبريكات الشيخ سحنوني الذي شهد له، وهو على بصيرة من الأمر، أنه قد التقى من قبل بوجوه كثيرة من التيار الإسلامي “فلم يجد عندهم وفيهم ما وجده عند الشيخ مناصرة” لا بأس في مثل هذه الحملات أن تستعرض الكيانات السياسية بعض عضلاتها، وتشتري السمك وهو في البحر، لولا أن أصحابها يعدون بقلب الطاولة على الآخرين، والدفع بتهمة التزوير إذا ما جاءت الرياح بما لا تشتهيه ذات ألواحهم المصنعة على عجل من بقايا قوارب جرفتها العواصف والفتن. كنت سأثق بوجود نوايا حقيقية للتغيير عند هذه الطبقة السياسية، لو أن جبهة التحرير استطاعت أن تتحرر من ثقافة الحزب الواحد، وتستميل نعجة دولي، مستنسخها المعمد تحت عنوان التجمع الوطني، لبناء تحالف انتخابي ذي مصداقية، حول برنامج حكم مستقل عن برنامج الرئيس الحالي وعن برنامج أي رئيس تتوافق عليه أركان السلطة مستقبلا. وكنت سأثق أكثر في بلوغ التيار الإسلامي سن الرشد، لو أنه استبق الاستحقاق ببناء توافق داخلي، حول أرضية مشتركة لبناء بديل إسلامي حقيقي، ولا يكتفي بالمزايدة على الآخرين في سوق الوعود الانتخابية الكاذبة، ليشرح للمواطن كيف سيشيد “دولة العدل والأمن” التي تسمح للمسلم بممارسة الاستخلاف في الحياة الدنيا بما لا يعرضه للسخط في آخرته، وليس المزايدة بوصفة إسلامية لدولة الرفاهية والمغالبة المتوحشة على متاع الدنيا.