أثار إعلان «الغنائم» في مسابقة اختبار رؤوس القوائم بكل من حزبي بلخادم وأويحيى، موجات غضب متعددة الأوصاف و«الأحلاف»، فمن «الغمة» حيث «القمة» إلى القاعدة الخاوية على نعوشها وعروشها، فإن لسان «العجب» كان واحدا والزلزال كان موحدا، بعدما تدافع الغاضبون من فئة الغائبين والمغيبين عن الحدث و«الحرث» البرلماني، لإصدار فتاوى سياسية أهدرت دم من كانوا بأمس القوائم «بؤبؤ» العين وذات البين، قبل أن ينقلب عليهم من كانوا على موائدهم لاحسين ومستحسنين لصدقة ترفعهم إلى مصاف النيابة البرلمانية.. دم بلخادم وأويحيى تم إهدارهما من طرف رفقة الأمس من مقربين و«عرابين» كانوا هم سدهم المنيع أمام أي متجرئ ومتجرع أو متطاول على شخصيهما وعرشيهما، والحرب التي كانت قبل الآن تحمل شعار «فداك أمي وأبي» يا أويحيى ويا بلخادم، أخذت منحى، اسحقوهما أينما ثقفتموهما، وذلك تجسيدا لمبدأ لقد انتهى زمن الوصل يا «ليلي» ويا «عنترة» فما كان بالأمس «خمرا» سياسيا تنادمى في حضرته «ثوار» الآن، مع من كانوا سادة موائدهم أضحى «أمرا» مطلوبا تدبره حتى يختفي أويحيى وبلخادم من الساحة السياسة وذلك في ركب وتحت معازف «غانية» وراقصة الحي ترافع للفضيلة، وكل ذلك بمبرر وبقشة ما ألبسوه «حلة» الخوف على الوطن وعلى مسميات عدة من بضائع أخلاقية تم استخراجها من المتحف السياسي، رغم أن المفضوح في القضية أن آخر ما يمكن أن «يتسلع» ويتسلح به دعاة ومفتو «الربيع العربي» هو نبل المعركة وأهدافها، فجماعة طاردوهم «زنقة زنقة، دار دار، قائمة قائمة» ثاروا لأنهم أثيروا في مواقعهم ومكانتهم وأطماعهم وعدا ذلك فإن أي تجاوز لهذا الواقع استغباء ساذج لمواطن حفظ عن ظهر و«قهر» قلب، أنهم في النهاية وجوه مختلفة لعملة واحدة.. ف«مين أنتم» على طريقة القذافي، رحمه الله، حتى تعلنوا ثورة على عروش كنتم حرسها وحاشيتها التي جاهدت وقاتلت لأجلها حتى آخر رمق و«نمق» تزلفي، ليعلن التمرد في أول منعرج قال لهم سيدهم الكبير عبره بأنهم غير معيين و«معينين» فيه..
بغض النظر عن أن ما أفرزته واقعة «اختبار» المناضلين واختيار المتوشحين لأطماع الترشح، من فضائح تستحق السحق، كون الحزبين العظيمين والكبيرين راهنا على خيار «المال والأقربين» زينة البرلمان القادم، فإن الثابت في دعوات التصفية التي صدرت في حق أميني التجمع الوطني وجبهة التحرير، من طرف «ندماء» سابقين، لا تحمل من شرف «الجهاد» السياسي، إلا صفة، إذا خاصم فجر وانفجر، فالقاعدة العامة تقول إن من يستنفر خيله وجنده ويعلن «الجهاد»، لا بد أن يكون سيدا قبل المعركة وبعدها، أما أن يكون خادما ومتعبدا في محراب كان «حامي» حراميه وأمرائه وحاشيته، ثم يعلنها طهارة و«استجهادا»بعدما منع عنه «كيله» من «التغنم»، فإن في القضية بلطجة سياسية عنوانها، إما أنا أو الطوفان..
أكبر فائدة «ديمخراطية»، يكون بلخادم وأويحيى، وهما من هما مكانة و«تمكنا»، قد حصداها من محصول قوائمها الانتخابية وما حوت و«خوت» من متناقضات، أنهما اكتشفا بأنهما بلا جنود ولا رجال ولا مريدين، فكل من لم يرد اسمه ولم «تورد» ناقته من الحوض البرلماني، تحول بين «غائمة» وضحاها، إلى خصم عنيد بعدما كان وليا حميما، فهل يعي الرجلان أنهما بلا أصحاب ولا رفاق ولا خلان، وأنه إذا ما قدر لهما أن يفقدا يوما ما يملكان من «أختام» ومن مكانة ورفعة، فإن حالهما لن يختلف كثيرا عن حالة قذافي كبير وقائد وملك ابتلع لأكثر من أربعين عاما أنه الزعيم، لكنه في حالة ثورة وهياج وتهاو وجد رعاع «قوم» يجرونه كشاة إلى المسلخ، حيث سقط الزعيم، وسقطت معه أوراق التوت من على سوءة زمن لم يعد فيه من زعيم إلا من لايزال ماسكا بأسباب ومسببات وجوده..
بالمنطق الذي سيرت به عملية اختيار المترشحين على مستوى حزبي الأفلان والأرندي، حيث كان «الباع» الأطول لمن له «باع» و«أتباع» من ذوات وزن و«زن» ثقيل، فإن رصيد كل من بلخادم وأويحيى أفلس، ولا بد لهما من تعبئة و«تغبية» أخرى لما تبقى من مناضلين موظفين، حتى يحافظا على كرامة «الخروج» من الباب بدلا من مآل الركل من النافذة. لكن بالمقابل، فإن من يحق له أن يقتص لتاريخ الحزبين وخاصة الأفلان لا يمكنه، بأية حال، أن يكون واحدا من حاشية كانت تغسل قدمي بلخادم بالعشية والرواح، كما تتمسح بأويحيى في «الجاية والرايحة « لتأتي بعد فوات الأوان، وتعزف لحن «الغضب الساطع آت».. رغم أن الآتي في حالتنا هذه لا يمكنه أن يخرج عن عزف، الغضب «الشاطح» آت.. فمن كانوا «شاطحين» في مراقص الزعيم سابقا، لا يمكنهم بأية حالة أن يصنعوا ربيعا، كانوا هم خرفه وخريفه..
حالة نورية حفصي، القيادية في التجمع الوطني الديمقراطي، التي رفعت راية «حيّ على الجهاد» ضد الديكتاتور أويحيى (؟؟)، غنية عن أي نعيق، وهي نموذج مصغر لمجسم عن وضع سياسي، شعاره إن لم أكن أنا فلا كان أويحيى ولا بلخادم، ولا حتى بوتفليقة إذا ما دعت ضرورة الطمع إلى ذلك، فالدعوة إلى التغيير وإلى «البوعزيزية» كان يمكن أن تحمل بعضا من الصدق والمصداقية لو أنها صدرت عن «القاعدة»، أما وأن يكون «محاربوها حراميها»، فإن الأمر برمته، لا يمكن إخراجه من خانة أن «الجماعة» التي صنعت لها ولنا «آلهة» من تمر، قررت بعد استفحال الجوع أكل «ربها».. فكلوا «ربكم»، فإن أمر آلهتكم، لا يعني إلا من كانوا «عبدتها»، وآخر المطاف، أويحيى وبلخادم اقترفا أمرا جللا في قوائمهما، لكن السكاكين التي شحذت لذبحهما، ليس فيها من فضيلة الجهاد ومن قداسة المعركة، سوى أن «الأتباع» ثاروا على الأسياد، حين منعوا عنهم «جوائز» نهاية الخدمة، فدعوا الفضيلة بعيدا عن معارككم وخذوا ثأركم ممن ألغوا حظوظكم بعيدا عن «أخلاق» الفرسان، فأنتم لم تنالوا من شرف المعارك سوى أنكم، ولعهود متتالية، كنتم شهود زور على إفلاس وصل أخيرا إلى أقدامكم، فكانت الثورة، ثورتكم الشخصية التي يؤطرها عنوان كبير لافته: الغضب «الشاطح» آت...