أسرت مصادر موثوقة ل«البلاد» أن تحقيقا هاما باشرته جهات أمنية، على خلفية الارتفاع الفاحش لأسعار الاسمنت بولاية الشلف التي تخطت حاجز 650 دج للكيس الواحد بينما بلغت حمولة 20 طنا كل التصورات بقيمة 25 مليون سنتيم. فيما لم يتعد سعر ذات الحمولة لدى المصلحة التجارية بمصنع اسمنت وادي سلي 12 مليون سنتيم وأن سعر الكيس الواحد يظل مستقرا في حدود 300 دج. وتفيد المعطيات المتوفرة لدينا، أن الكثير من التساؤلات بات يطرحها الوسط المحلي بشأن تدفق العديد من التجار والمضاربين بالقرب من مصنع الاسمنت بحثا عن سندات للاتجار فيها وظهور أسماء خارج تراب الولاية تتاجر بالسندات دون حسيب أو رقيب بينما يعجز المواطن البسيط عن اقتناء مايصبو إليه من الاسمنت لإتمام أشغاله، وقد أثرت الوضعية الحالية سلبا على سير الأشغال الكبرى خصوصا المشاريع التنموية التي عادة ماتتعطل وتيرتها لأسباب أوعزها مقاولون إلى ندرة الاسمنت وأن بعضهم يضطرون إلى شراء كميات هائلة من الاسمنت لدى تجار مواد البناء بالجملة بأسعار تفوق أحيانا 600 دج للكيس الواحد. وتطرح أزمة الأسعار بحدة في الولاية مقارنة بمصانع أخرى على غرار بني صاف بولاية عين تموشنت وزهانة بسيدي بلعباس وسيڤ بمعسكر والحساسنة بولاية سعيدة التي لم تتعد أسعار الاسمنت فيها حدود 350 دج للكيس الواحد. وتشير المعطيات إلى أن الجهات التي تعكف على الوقوف الميداني على أزمة الأسعار «الفاحشة»، قد توصلت إلى جمع معلومات دقيقة عن احتياجات عدد هام من المقاولين وأرباب العمل العاملين في ميدان الاشغال الكبرى والورشات التنموية التي تحمل طابعا استعجاليا وجمعها تقديرات زبائن آخرين لتسليط الضوء على سوق الاسمنت والطريقة التي تتم بها تسريب السندات وتسييرها بصفة عامة. وسربت المصادر ذاتها معلومات عن تحقيقات تجري بخصوص لجوء مقاولات معروفة في الساحة المحلية وولايات مجاورة لاقتناء كميات هائلة من الاسمنت بنسخ من الصفقات التي تحصلت بموجبها على مشاريع وقامت بإيداعها لدى المصالح التجارية بالمصنع للاستفادة من ضعف الحصص التي كانت تتحصل عليها في السابق، لكن تلك الحصص الإضافية سرعان ما حادت عن مسارها الأصلي، في ظل الشكوك الكبيرة التي تحوم حول قيام هؤلاء المقاولين بإغراق السوق السوداء بتلك الحصص المضافة، ويؤكد بعض التجار أن الكثير من السندات بيعت للمضاربين في أسعار الاسمنت بالمقاهي القريبة من المصنع، إذ يرجح المصدر فرضية تورط مقاولات وشركات أخرى تحمل العديد من المسميات في فضيحة بيع سندات الاسمنت فور استخراجها من من المصنع، وهو ما ألهب أسعار المادة الأكثر طلبا في أشغال البناء وقفز سعرها بفارق 350 دج عن السعر المرجعي المتداول في المصنع. وتذهب المعطيات إلى أن التحقيقات جارية للكشف عن اسماء مؤسسات منها قديمة وأشهرت إفلاسها منذ سنوات طويلة تقع إحداها في الجزائر العاصمة تحصلت في المدة الأخيرة على سندات بأسماء مسيريين مشكوك في مناصبهم، ولا تستبعد الجهات التي تقف وراء التحقيقات أن يستمر هذا النشاط المشبوه الذي قد تكون المصالح التجارية على غير علم به، في انتظار ماستسفر عنه نتائج التحريات التي دخلت مرحلة هامة لسعي المصالح المكلفة بها لإزاحة النقاب عن فضائح أخرى من ملفات السندات المشبوهة.