علمت ”البلاد” من مصادر موثوقة أن تحقيقات هامة باشرتها مصالح اسمنت الشلف بأمرية من السلطات المركزية، رغبة منها في تحديد وجهة أطنان الاسمنت التي تستفيد منها العشرات من المؤسسات الاقتصادية والكثير من المقاولين المكلفين بإنجاز برامج التنمية المحلية، لاسيما مشاريع المخطط الخماسي· وذهبت مصادرنا إلى القول إن المديرية التجارية لهذا المصنع طالبت جميع زبائنها بإظهار كشوفات أرقامهم المتعلقة بحصص الاسمنت المستخرجة في الثلاث السنوات الأخيرة من مصنعها والوجهة التي أخذتها تلك الحمولات، في ظل ورود معلومات بالجملة عن وجود مقاولين وهميين كانوا وراء قفز سعر الإسمنت إلى ثلاثة أضعاف وندرتها حينها، حيث كانت لهم الأولوية في الحصول على كميات كبيرة من الإسمنت طلبوها على أساس أنهم يشرفون على إنجاز مشاريع سكنية عمومية· ولفت المصدر إلى أن العشرات من المقاولين مطالبين اليوم بتقديم أرقام سليمة عن حصص الاسمنت المستخرجة من طرفهم وإثبات وثائق تبين حصولهم على مشاريع حقيقية وجهت لها تلك الأطنان من الاسمنت خلال الفترة الممتدة بين 2008/.2011 وتكشف تلك المراسلات الموجهة إلى المقاولين الذين تحصلوا على آلاف الاطنان بموجب ملفات موجودة لدى المديرية التجارية نية السلطات الوصية في محاربة ظاهرة البزنسة والمضاربة غير المشروعة في الاسمنت اللتين تعدان من أبرز نتائج ارتفاع أسعار الاسمنت وتجعل المواطن يحول وجهته إلى السوق السوداء لاقتناء الكيس الواحد بحمولة 50 كلغ بأكثر من 600 دج، وهي زيادات لا يبررها العرض والطلب بقدر ما يبررها جشع بعض المقاولين وشبه المقاولين المعروفين في الساحة المحلية ب”طايوان”، حيث حولوا حصصهم من الاسمنت إلى المضاربة غير المشروعة وعرضها في الأسواق السوداء القريبة من مصنع الاسمنت على الطريق الوطني رقم ,04 وظهور أسماء خارج تراب الولاية من ولايات الجزائر العاصمة والبليدة وتيبازة وعين الدفلى وضعوا مصنع الاسمنت بالشلف ”بوابة” لجمع المال من خلال لجوء بعضهم إلى استخراج كميات هائلة من الاسمنت بملفات مزورة تقوم على حيازتهم على مشاريع سكنية وأخرى مدرجة ضمن برامج التهيئة ومشاريع البنيات التحتية، لكن ثمة أنباء تشير إلى أن مصالح المصنع أزاحت النقاب عن الكثير من الملفات المشبوهة منها لمقاولين استخرجوا كميات هائلة من الاسمنت خلال 4 سنوات خلت دون صكوك مؤشرة بعدما قاموا بتسديدها نقدا فقط وعدم الالتزام ببنود الاتفاقيات المبرمة بين المصنع والمقاولين وأفضت التحريات الأولية التي أجرتها بعض الجهات في مصنع الاسمنت، أن فئة قليلة من المقاولين المعروفين بالتزامهم مع المصنع قاموا بإعداد تقارير كتابية تثبت وضعيتهم خلال ال4 سنوات الأخيرة· كما كشفوا عن أرقام أعمالهم وقيمة المستخرجات الاسمنتية مع إثبات صفقات المشاريع المبرمة بينهم والجهات المالكة لذات المشاريع على غرار ديوان الترقية ومديريات الري، السكن والتجهيزات العمومية والبناء والتعمير· ويذهب المراقبون لذات التعليمة التي وجهتها مؤسسة الاسمنت ومشتقاته لزبائنها من الفئة الأولى إلى أنها تهدف إلى الوقوف على حجم المضاربة التي اتخذت أشكالا مختلفة، حيث صارت تشكل مرتعا للعديد من أشباه المستثمرين والمقاولين الذين لا علاقة لهم بالتنمية ولا الإنعاش الاقتصادي والذين اكتشفوا أن المضاربة في الاسمنت توفر هامش ربح أوسع من القطاعات الأخرى· وتأتي تحقيقات مصالح المصنع موازاة مع تحقيقات مصالح الدرك للتأكد من صحة ملفات طلبات الاسمنت لدى المديرية التجارية للمصنع على النحو الذي قامت بها مجموعات ولائية للدرك بمصانع إنتاج الاسمنت في مناطق أخرى· علما أن مصنع الشلف شهد فضيحة من العيار الثقيل في بداية السنة الجارية شهدت الإطاحة ببارونين مصريين رفقة موظفين وسمسار آخر عثر بحوزتهم على 4 آلاف طن من مادة الإسمنت استخرجوها بملفات مزورة·