قلل المؤرخ محمد قورصو من قيمة التفاؤل الذي يبديه بعض السياسيين في بلادنا بشأن تحسن العلاقات الفرنسية الجزائرية في حال وصول المرشح فرنسوا هولاند إلى قصر الإليزيه. وكانت بعض التحليلات الإعلامية قد ذهبت في هذا الاتجاه مع ترجيح عمليات سبر الآراء لفوز السكرتير الأسبق للحزب الاشتراكي، بل إن زعيم حزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم الذي تربطه علاقات شخصية وحزبية بمرشح اليسار الاشتراكي، كان قد عبر في حديث لوكالة الأنباء الفرنسية عن «يقينه بحدوث تغيير» في العلاقات الباردة بين البلدين إذا فاز هولاند في الانتخابات الرئاسية الجديدة، وذلك على خلفية التوتر الذي يميزها في موضوع التاريخ المشترك وقضايا الذاكرة، وما يتصل بها من مطالب جزائرية بالاعتراف والاعتذار عن جرائم الحقبة الاستعمارية. لكن الباحث المختص في العلاقات الجزائرية الفرنسية، اعتبر مثل هذه التوقعات «مبالغا فيها، كونها لا تتماشى ومعطيات التاريخ والواقع السياسي في فرنسا»، حيث عاد المتحدث، في اتصال مع «البلاد»، إلى التذكير بإيديولوجيا اليسار الاشتراكي الذي يعد من بين المروجين للحركة الاستعمارية، «كما أن فرنسوا هولاند في حال نجاحه، سيكون مقيدا في كل الأحوال بالأغلبية التي أوصلته إلى السلطة»، وتلك الكتلة تشكل لوبيا قويا يقف ضد كل حراك مدني يدفع إلى الاعتراف بمساوئ الاحتلال، حسب محمد قورصو. وأكد الباحث الجزائري أن التاريخ قد أثبت «إنه لا يوجد فرق جوهري بين اليمين واليسار عندما يتعلق الأمر بالمصالح العليا لفرنسا الأم»، ومن ثمة «فإنه من غير المنطقي المراهنة على أي مرشح بهذا الصدد لإحداث تغيير جذري في ملفات التاريخ العالقة بين الشعبين» على حد تعبيره.وأضاف أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر، أنه يتعين على الجزائر في المقابل أن تأخذ بعين الاعتبار المعطى المهم والمتعلق بتشكل جبهة داخلية بدأت تبرز داخل الأوساط الفرنسية المدنية من أحزاب وجمعيات ومثقفين وحتى بعض المجندين السابقين في جيش الاحتلال، ممن يضغطون اليوم على الرسميين من أجل الإقرار بالجرائم التاريخية لبلادهم في مستعمراتها القديمة على حد قوله. وخلص الخبير في العلاقات بين البلدين إلى أن الرئيس المحتمل لفرنسا، رغم الاهتمام الذي يظهره لتطوير العلاقة بين الشعبين، حيث زار الجزائر نهاية 2010، وأرسل لاحقا وفدا رفيع المستوى لتمثيله في تقديم رؤية اليسار لمستقبل العلاقات بين البلدين، إلا أنه لن يكون في مقدوره على المدى القريب أن يتجاوز ما نطق به منافسه نيكولا ساركوزي، عندما أدان الفعل الاستعماري من قسنطينة، في زيارته للجزائر سنة 2007. وعليه يقول الدكتور قورصو إن ما يأمله من فرنسوا هولاند إذا وصل إلى السلطة، هو أن يترحم على شهداء الجزائر وينحني أمام قبر الشهيد البطل العربي بن مهيدي، حتى يقدم لنا مؤشرات جديدة يمكن أن تبعث الأمل في تفعيل العلاقات المتعثرة بين البلدين وفق تصريح المتحدث.