لم تستبعد مصادر حكومية أن يُقدم الرئيس «عبد العزيز بوتفليقة» خلال الأسابيع القليلة المقبلة على إحداث تغييرات في تشكيلة الحكومة الحالية بناء على النتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية الأخيرة، ويجري الحديث بقوة عن إمكانية استعادة «الأفلان» زمام تسيير شؤون الوزارة الأولى على أن يتولى «أحمد أويحيى» حقيبة وزارية، في حين يُرجّح أن يخرج وزراء «حمس» من الباب الضيّق. توقعت مصادر مسؤولة أن تُقدّم الحكومة الحالية استقالتها إلى رئيس الجمهورية عما قريب، على أن يتم بعدها إجراء مشاورات واسعة من أجل تشكيل فريق حكومي جديد يكون فيه منصب الوزير الأوّل من نصيب جبهة التحرير الوطني التي احتفظت بمكانتها قوة سياسية أولى إثر الفوز الكبير الذي حقّقته في اقتراع الخميس الماضي. وحتى وإن كانت الصورة لم تتضح بعد بشأن مستقبل الكثير من الوجوه التي اعتاد عليها الجزائريون في الجهاز التنفيذي، إلا أن مصادرنا أكدت أن القاضي الأوّل في البلاد عازم هذه المرة على إحداث تغييرات نوعية. وكما هو معلوم ليس هناك نصّ دستوري صريح يقضي بوجوب إسناد منصب رئيس الوزراء إلى الحزب صاحب الأغلبية البرلمانية، وهو ما تسعى قيادة «الأفلان» إلى تغييره خلال التعديل الدستوري المرتقب خلال الأشهر المقبلة وتدعمها في هذا التوجّه الكثير من التشكيلات السياسية التي قدّمت مقترحاتها بهذا الخصوص إلى لجنة المشاورات شهري ماي وجوان من العام الماضي بما فيها «الأرندي». ورغم أن «بلخادم» لا يعترض على هذا الأمر إلا أنه يعاني من ضغوط وجوه أفلانية بارزة قصد استرجاع منصب الوزير الأوّل الذي يعتبر أحد أبرز المرشحين لتوليه مستقبلا. وكانت مسألة رئاسة الوزراء من بين النقاط المحورية التي سُئل عنها الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني خلال الندوة الصحفية التي عقدها الجمعة الماضية مباشرة بعد إعلان وزير الداخلية عن النتائج الأوّلية للتشريعيات، واللافت أن ردّ «عبد العزيز بلخادم» كان هادئا ودبلوماسيا عندما ربط الأمر بقرار من رئيس الجمهورية كون تعيين الوزير الأول يدخل في صميم صلاحياته، ويُدرك المسؤول الأوّل على الحزب العتيد أنه في ظل الدستور الحالي لا ينبغي تجاوز الصلاحيات حتى وإن كان «الأفلان» صاحب الأغلبية في البرلمان. وبالعودة إلى مضمون الدستور الحالي فإن المادة 79 منه تنصّ بوضوح على أنه «يُعيّن رئيس الجمهورية أعضاء الحكومة بعد استشارة الوزير الأول. ينفذ الوزير الأول برنامج رئيس الجمهورية، وينسق من أجل ذلك، عمل الحكومة. يضبط الوزير الأول مخطط عمله لتنفيذه، ويعرضه في مجلس الوزراء»، وقبلها تقول المادة 77 بأن من بين مهام رئيس الجمهورية «تعيين الوزير الأوّل وإنهاء مهامه» من دون التأكيد على أن يكون رئيس الجهاز التنفيذي منحدرا من حزب الأغلبية. لكن وبحسب قراءات بعض المراقبين فإن ما جاء على لسان الرئيس «عبد العزيز بوتفليقة» في خطابه الأخير من ولاية سطيف عشية التشريعيات من أن انتماءه السياسي معروف، يترك الانطباع بأن قيادة الحكومة القادمة ستكون من نصيب جبهة التحرير الوطني بدلا من التجمع الوطني الديمقراطي الذي حلّ ثانيا في اقتراع 10 ماي. ويجري الحديث في هذا الشأن عن بعض الوزراء المنتمين إلى الحزب العتيد لقيادة الحكومة إلى جانب طرح اسم «بلخادم» ومن بينهم «الطيب لوح» الذي يُعتبر واحدا من الوزراء المقرّبين إلى رئيس الجمهورية. في غضون ذلك يبدو أن الاتجاه يسير نحو إسناد حقيبة وزير العدل إلى «أحمد أويحيى» الذي سبق وأن شغلها بداية العشرية الماضية عندما كان رئيس الحكومة حينذاك «علي بن فليس»، ويُبرّر المراقبون تحويل الوزير السابق «الطيب بلعيز» إلى رئاسة المجلس الدستوري بوجود نية لدى القاضي الأوّل في البلاد تكليف الأمين العام الحالي ل «الأرندي» بها بالنظر إلى الخبرة التي اكتسبها وكذا تكوينه القانوني باعتباره خريج المدرسة الوطنية للإدارة. وإلى حين أن تتضح الصورة أكثر خلال الأيام أو الأسابيع التي تعقب ترسيم نتائج التشريعيات من طرف لجنة الإشراف القضائي ومن بعدها المجلس الدستوري، فإن الخاسر الأكبر على ما يبدو من التغييرات المرتقبة في التشكيل الحكومي هم وزراء «حمس»، وهم بالأساس وزير التجارة «مصطفى بن بادة»، ووزير السياحة «إسماعيل ميمون»، ووزير الصيد البحري «عبد الله خنافو»، في وقت تتوقع مصادر متطابقة أن يبقى «عمر غول» على رأس وزارة الأشغال العمومية من منطلق أن الرئيس «بوتفليقة» كثير الإشادة به على ما تحقّق في هذا القطاع رغم أن «حمس» التي ترأس «غول» قائمتها للتشريعيات بالعاصمة أصبحت الآن في موقع المعارضة.