مهما كانت حدة الخلاف الذي يفرق بين زوجين، ومهما بلغت شدة الحقد بينهما بعد الطلاق وما يخلفه هذا الأخير من عواقب على نفسية وطريقة نشأة أبنائهما، إلا أن ذلك لا يتصور أن يصل بأحدهما إلى حد أن يلقي بفلذة كبده للتهلكة، كما هو حال فتاة قاصر قدمت من مدينة وهران نحو العاصمة لزيارة والدها بعد طلاقه من والدتها حرمها من رؤيته لأكثر من 4 سنوات. لطيفة. ب هي قصة يمكن للعقل أن يستوعبها إذا ما كان التصرف بادر من شخص غريب أو أن يكون من ذي القربى فذلك لا يعقل، فما بال أن يكون أقرب الناس إليها ومن يعد شرفها هو شرفه بالدرجة الأولى. هي قصة المسماة (م.ن) خلفها زواج انتهى قبل أكثر من أربع سنوات بالطلاق، فكلفت حضانتها للأم التي توجهت بها نحو مدينة وهران للعيش هناك، ما حال دون تمكينها من رؤية والدها، وبحكم رابطة الدم وصلة الرحم، قررت الفتاة زيارة والدها فقدمت في ذلك اليوم المشؤوم إلى العاصمة وبالضبط إلى محل إقامة والدها بحيدرة، ولم تكن تتوقع المفاجأة المفجعة التي كانت بانتظارها، ولم تكن تدري أن وحشتها لأبيها يقابله حقد من جانبه، فبدلا من أن يأخذها بين الأحضان راح يسمعها وابل من الشتائم والإهانات ولم يتوقف عند ذلك الحد بل راح يوسعها ضربا وطردها من مسكنه، ما استدعى تدخل الجيران بفعل صراخه المدوي، بينهم شابان في عقدهما الثاني تظاهرا بالتدخل لإنقاذها من بطش والدها الذي كان يمسك بها من الشعر ويمسح بها الأرض، فقاما حينها بسحبها من بين يديه ظنا منها أنهما قدما لها يد المساعدة وأوهماها بنقلها إلى مكان يسمح لها فيما بعد بالمغادرة والالتحاق بوالدتها، فكانت فاجعتها أكبر لدى اكتشاف الفتاة القاصر أنهما قد اصطحباها إلى مسكن مهجور يخص أحد معارفهما، وهناك حاول ثلاثتهم اغتصابها، قبل أن تنجو الفتاة من قبضتهم وتستنجد بأقرب مركز للشرطة وجدته. وبمرافقة رجال الأمن للفتاة الضحية إلى المسكن المهجور تم توقيف اثنين من المشتبه فيهم، فيما ظل ثالثهم وهو صاحب المسكن في حالة فرار، لتجري متابعة المتهمين أمام محكمة بئر مراد رايس بدعوى إبعاد قاصر عن منزلها وهتك عرض، وبمحاكمتهما في جلسة سرية، فنّد المتهمان الموقوفان التهم الموجهة لهما، ليلفقا ادعاءات للمتهم الفار مؤكدان أنه هو من حاول الاعتداء على الفتاة كونه كان في حالة ثمالة، وأنهما حاولا صدّه وإنقاذها مثلما سبق لهما وأن أنقذاها من بين يد والدها الذي أبرحها ضربا. وأمام تمسك الضحية بشكواها، طالب ممثل الحق العام بتوقيع عقوبة خمس سنوات حبسا نافذا و100 ألف دج غرامة نافذة في حق كل واحد من المتهمين إلى حين المداولة في القضية بجلسة الأسبوع المقبل.