^ أدعو السلطات المحلية والعليا لإنشاء معهد خاص بالفنون التشكيلية يتابع الخطاط عبد الرزاق قارة برنو هذه الأيام باهتمام كبير، الحديث والنقاشات الدائرة حول الذكرى الخمسين لاسترجاع الاستقلال، والبرامج التي أطلقت بالمناسبة. ويحمل هذا الفنان رصيدا ثريا، فهو أستاذ لمادة التربية الفنية التشكيلية ومحترف في الخزف ومتحصل على سبع جوائز وطنية في الخط العربي، وبقي وفيا لمقاعد الدراسة، والبحث في قضايا الخط العربي والفن التشكيلي.. حاوره/ عبدو ^ كيف يتحدث الفنان والخطاط عبد الرزاق قارة عن نفسه؟ أنا ابن «عاصمة التيطري» المدية، وولدت بعد تاريخ استرجاع الاستقلال وأنا جد فخور لانتمائي لهذا الوطن وللأمة العربية.. وكانت لي كثير من المشاركات في عدد من المحافل الوطنية والدولية في مختلف الفنون، حيث لم أفوت أي فرصة للمشاركة في المعارض والمعارض الوطنية والدولية الخاصة بالخزف الفني، وساهمت في إنجاح الورشات الوطنية لفن الخط العربي بولاية المدية وطبعتين من الأيام الوطنية لفن الخط أيضا بولاية بسكرة. كما دعيت في كل طبعات المهرجان الدولي لفن الخط العربي بالجزائر وكل طبعات المهرجان الدولي لفن المنمنمات والزخرفة بالجزائر أيضا ماعدا الطبعة الأخيرة.. بالإضافة إلى مشاركتي ضمن مجموعة من الفنانين لولاية المدية في تزيين القافلة الاستعراضية الخاصة بحفل افتتاح تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية وكانت مشاركة فعّالة جدا بشهادة القائمين على الورشة آنذاك والتي اعتبرها محاولة صادقة لأبناء الاستقلال للرقي بما نفعهم أساتذتهم لخدمة هذا الوطن وجمالياته. كما كان لي شرف المشاركة في أكبر تجمع للفنانين للفنون الإسلامية في دبي لعام 2000 ومتحف الشارقة للفنون التشكيلية عام 2005 بمجموعة من اللوحات الفنية، وكذا مسابقات الخط العربي التي ينظمها مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بمدينة «أرسيكا» التركية، ومسابقات الإبداع لرئيس الجمهورية لأحسن عمل فني، حيث تحصلت على مجموعة من الجوائز في مجال الخط العربي. ^ كيف تنظر إلى الجزائر بعد مضي خمسين سنة على استرجاع الاستقلال، وخصوصا في الجانب الثقافي؟ في الحقيقة أنا لست ناقدا فنيا ولكن من خلال تجربتي المتواضعة ونشاطي الفني خلال النصف الثاني من خمسينية استرجاع الاستقلال، أرى أن قطار التقدم والتطور نحو نهضة حضارية راقية بجميع مقطوراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها من المجالات، قد مرّ خلال الخمسينية السابقة بمحطات عديدة فرضتها عليه الظروف والأقدار، لكن الملاحظ هو ما لمسناه في السنوات الأخيرة من انتعاش واضح في مجالات شتى بجزائرنا الحبيبة خصوصا في المجال الفني وأخص بالذكر هنا فن الخط العربي وفن المنمنمات والزخرفة خاصة، حيث حظي برعاية المسؤولين على هذا القطاع، وذلك من خلال تنظيم مهرجانات وطنية ودولية كان من ثمراتها اكتشاف مواهب ومهارات جزائرية عديدة برزت من خلالها أسماء لامعة رفرفت راياتها في سماء الجزائر، وكذا في دول عربية وإسلامية كثيرة، وجعلت هذا الوطن محجا للكثير من الوفود. ^ أين يقف الفنان وماهو الدور الذي يجب أن يضطلع به مستقبلا بعد مضي خمسين عاما؟ أعتقد أنه من واجب الفنان والمثقف هو المحافظة على الهوية الثقافية والفنية أولا، ثم الرقي بها نحو مستقبل واعد وحافل بالنجاحات من خلال تقديمها في أبهى حللها وأشكاله، ومن ثمة الاعتناء بالجيل الصاعد وتمكينه من مواصلة الدرب في مختلف الميادين والمجالات.. وعن نفسي مثلا وجدت أن أبنائي قد تأثروا أيّما تأثير بأعمالي ومسيرتي الفنية فراحوا يسلكون لأنفسهم طريقا فنيا خاصا بهم، فابنتي الكبرى والتي تبلغ 20 سنة تتابع دروس خط النسخ برفقتي عند الأستاذ محمد بحيري بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالعاصمة، وقد تقدّم مستواها في الكتابة أما ابني جمال الدين والذي يبلغ من العمر 16 سنة؛ كان الأشد تأثرا بي، حيث بدأ اهتمامه بالرسم بقلم الرصاص في سنواته الأولى وخطا فيه خطوات هامة، إلاّ أنه اتجه بعد ذلك إلى فن الخط وبدأ بالخط الكوفي؛ مما أهله لأن يحصل على جائزتين في الورشة المدرسية الثالثة لفن الخط والزخرفة المقامة بالمدية والجائزة الأولى في خط الرقعة بنفس التظاهرة. ^ ما هي الرسالة التي توجهها إلى الفئة المثقفة الصامتة في مثل هذه التظاهرة؟ أعتقد أن الموروث الثقافي والفني يعد من العناصر الأساسية التي تبرز الجانب الحضاري للأمم والمجتمعات التي تحترم نفسها وينعكس الاهتمام بهما على مردود المثقف والفنان، وأنه من خلال النهوض بهذا المجال المهم وتشجيعه والرقي به تشحذ الهمم وتعقد العزائم وتفجر المواهب وتمهد الطريق للطاقات الفنية الموجودة في الميدان والصامتة منها لتتفتق قرائحها وتجود بما لديدها من إبداع. ^ ماذا تقترح على السلطات المحلية والعليا من مشاريع ل«الخمسينية» في مجال تخصصك؟ أرى أن ولاية المدية من الولايات القليلة التي تزخر بكفاءات احترافية عالية في المجال الفني، وخاصة الخزف الفني والخط العربي والزخزفة.. وقد ذاع صيتهم عبر الوطن وحتى على المستوى الدولي.. لذا أرى أنّه صار لزاما على السلطات المحلية والعليا الشروع في إنشاء معهد خاص بالفنون التشكيلة بجامعة المدية، أو مدارس متخصصة في تعليم هذه الفنون، حتى تصبح الولاية قطبا فنيا وقبلة للراغبين في تعلم الفنون، وكذا تشجيع الجمعيات التي تخدم هذا الهدف الجميل المهذب للطاقات والأفكار.