توجيهات رئيس الجمهورية لأعضاء الحكومة الجديدة : "خدمة المواطن وبالسرعة القصوى"    استقبل وفدا عن مجلس الشورى الإيراني.. بوغالي: الجزائر وطهران تربطهما علاقات تاريخية    "رواد الأعمال الشباب، رهان الجزائر المنتصرة" محور يوم دراسي بالعاصمة    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    عرقاب يستقبل وفدا عن الشبكة البرلمانية للشباب    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    الخبير محمد الشريف ضروي : لقاء الجزائر بداية عهد جديد ضمن مسار وحراك سكان الريف    غرس 70 شجرة رمزياً في العاصمة    ساعات عصيبة في لبنان    صهاينة باريس يتكالبون على الجزائر    نهب الثروات الطبيعية للصحراء الغربية : "يجب قطع الشريان الاقتصادي للاحتلال المغربي"    الرابطة الثانية: إتحاد الحراش يتعادل بالتلاغمة ومولودية باتنة تفوز على جمعية الخروب    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    شرطة القرارة تحسّس    الدكتور أوجرتني: "فتح الأرشيف وإعادته للجزائر مطلب الكثير من النخب الفرنسية"    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    بوغالي يستقبل وفدا عن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني    افتتاح الطبعة ال20 من الصالون الدولي للأشغال العمومية : إمضاء خمس مذكرات تفاهم بين شركات وهيئات ومخابر عمومية    الجزائر العاصمة : دخول نفقين حيز الخدمة ببئر مراد رايس    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"    مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية        ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 44211 والإصابات إلى 104567 منذ بدء العدوان    الكاياك/الكانوي والباركانوي - البطولة العربية: الجزائر تحصد 23 ميدالية منها 9 ذهبيات    فترة التسجيلات لامتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق يوم الثلاثاء المقبل    العدوان الصهيوني على غزة: فلسطينيو شمال القطاع يكافحون من أجل البقاء    الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائرتتوج بالذهبية على حساب الكاميرون 1-0    مولوجي ترافق الفرق المختصة    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    قرعة استثنائية للحج    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    معرض وطني للكتاب بورقلة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    دخول وحدة إنتاج الأنابيب ببطيوة حيز الخدمة قبل نهاية 2024    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    إنقاذ امرأة سقطت في البحر    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    سيدات الجزائر ضمن مجموعة صعبة رفقة تونس    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    دعوى قضائية ضد كمال داود    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوجمعة هيشور ل”البلاد ” : بلخادم ضحية محيطه.. وهذه حسابات رئاسيات 2014

في هذا الحوار مع «البلاد»، يعود عضو اللجنة المركزية للأفلان، الدكتور بوجمعة هيشور إلى بدايات «الخلاف» في الحزب، منذ رئاسيات 2004، ثم معارضة بوحارة في 2007، ثم ظهور التقويمية بعد المؤتمر التاسع وصولا إلى ماجرى أثناء إعداد قوائم التشريعيات الأخيرة. ويبرز الدكتور هيشور من خلال موقفه الذي لا يحمل بلخادم لوحده مسؤولية الأزمة، بل يقول إن أربعة أعضاء في المكتب السياسي كانت لهم اليد الطولى في ذلك. كما تناول الحوار ملف رئاسيات 2014 وحظوظ الأفلان فيها، ومواصفات فارس الحزب، وتأثيرات التطورات الجيوسياسية في ذلك.
حاوره: رفيق. ش / إلياس. ل
مازلتم متمسكين بمعارضة الأمين العام عبد العزيز بلخادم، على الرغم من أنه حقق انتصارا واضحا في دورة اللجنة المركزية متوسط الشهر الماضي، بالشكل الذي أعطى الانطباع بأن أزمة الحزب قد انتهت؟
لا، بلخادم لم ينتصر، وما حدث يوم 15 جوان يعتبر انقلابا نظاميا ولصوصية وهوليغانيزم سياسيا، فالمتتبع للأحداث يرى أن بلخادم رفض كل محاولات الوساطة والتسوية السياسية انطلاقا من القوانين السارية المفعول لنصوص الحزب، لاسيما القانون الأساسي والنظام الداخلي.
أنا إطار دولة يحكمني واجب التحفظ، وقد رفضت أن يكون في حزبي انحراف وانزلاق يؤدي إلى تقسيم عائلة الأفلان، وإن كان المتسبب فيها الأمين العام وأعضاء المكتب السياسي حراوبية ولوح وعمار تو والسيدة بهلول، هؤلاء انفردوا ببلخادم لإنجاز القوائم، حيث تم الضبط النهائي لقوائم الحزب في أحد مكاتب وزارة التعليم العالي والجميع يعرف ذلك.
فرغم أن الرئيس أوصى بأن الوزراء يستقيلون من مناصبهم إن أرادوا الترشح، إلا أن هؤلاء لم يستجيبوا لأمر الرئيس، وفرضوا على النواب سحب المادة 93 من قانون الانتخابات، رغم أن هؤلاء الوزراء لن ينبسوا ببنت شفة في اجتماع الوزراء الذي أقر هذه المادة!
رئيس الجمهورية كان يرغب في إضفاء الشرعية الكاملة على التشريعيات من خلال عدم تمكين الوزراء من استغلال إمكانيات الدولة وصفة «الرسمية».
إضافة إلى ذلك، تناولت بعض وسائل الإعلام أن هناك جهات ترغب في عدم ترشح الوزراء وأعضاء المكتب السياسي والمحافظين من أجل إتاحة الفرصة للجيل الجديد، إلا أن صراعا كبيرا وقع حول قائمة العاصمة (زياري، لوح، حراوبية). في آخر المطاف، عملية إغلاق القائمة أبعدت بعض أعضاء المكتب وبعض الوزراء وأبقت على آخرين بمعنى أن هناك سياسة «الكيل بمكيالين».
هذا ما خلق انشقاقا آخر داخل المكتب السياسي، مثلما كان عليه الحال مع سي عفيف الذي انقلب على بلخادم بسبب هذا الأمر. بعد هذا، كنتُ قد نشرت مقالين أطلب فيهما عقد دورة استثنائية للجنة المركزية وسحب الثقة من الأمين العام، ثم المؤتمر الاستثنائي، وعلى الحراك القاعدي بعد الكشف عن القوائم شرع في جمع التوقيعات نحو دورة استثنائية، وعندها بدأ بلخادم يغلق القاعات داخل الجهاز ويحرم كل قادة الحزب من الدخول.
لما داهمنا الوقت، اتفقنا على عقد لقاء في الجهاز (9 أفريل) حيث بقي بلخادم خارج المقر ينتظر قبل أن يلتحق بمكتبه ليراقب اجتماعنا الذي توج بيان سحب الثقة منه، في انتظار جمع العدد الكافي من التوقيعات لعقد دورة استثنائية للجنة المركزية، وقد بعثنا رسالة إلى بلخادم لوضع إمكانيات تحت تصرفنا لأننا قياديون في الحزب.
ثم اتفقنا على عقد لقاء آخر (24 أفريل) وطلبنا منه منحنا قاعة لنجتمع فيها، فاضطررنا للبحث عن مكان آخر للاجتماع، ليقع الاختيار على بوروبة. وفعلا عقدنا الاجتماع بحضور عدد كبير من القياديين، رغم أن بعض الأعضاء القادمين من الولايات لم يتمكنوا من الوصول إلينا (..).
في تلك الفترة، كنا قبل يومين عن الحملة الانتخابية، فاتفقنا مع السلطات على التوقف لعدم إحراج مؤسسات البلد مع العودة إلى نشاطنا بعد الانتخابات، وحددنا موعدا لذلك ب19 ماي، في مقر الحزب، لكن بلخادم رفض، فاتفقنا على عقده في «المدنية».
ولعلمكم نحن كنا نلتقي في محافظة حسين داي، والتقويميون كانوا يجتمعون في الدرارية، وقد جاؤونا يوم 9 أفريل وحضروا معنا من دون أن يوقعوا البيان السياسي، ثم غابوا عن اجتماع بوروبة.
وفي اجتماع المدنية، حضر من أسميهم «العقلاء» كما جاء «التقويميون» بالإضافة إلى من سميتهم ب«المركزيين». اتفقنا جميعا على خطة موحدة. حيث إن التقويميين لديهم أكثر من سنتين ضد بلخادم ولم يغيروا شيئا. وبوحارة كتب نداء في ديسمبر 2007 حول الانحرافات النظامية والسياسية في الحزب، لكن لم يستجب له أحد.
ولذلك لم يعد هو وجماعته يحضرون دورات اللجنة المركزية. أما الحركة التقويمية فجاءت غداة تنصيب المكتب السياسي (عبادة، قوجيل، قارة، بوكرزازة، وغيرهم)، وهؤلاء طعنوا في شرعية المؤتمر، واللجنة المركزية التي انبثقت عنه حيث قالوا إن ثلث أعضائها لا تتوفر فيهم الشروط النظامية.
مقاطعة: ولكن بلخادم أقام الحجة مرارا على هؤلاء، حيث طالبهم صراحة بإعلان أسماء من لا تتوفر فيه الشروط، لكنهم لم يفعلوا، لا ڤوجيل ولا عبادة ولا قارة؟
بالنسبة لي «ما لله لله وما لقيصر لقيصر»، بلخادم طالب هؤلاء مرارا بأن يأتوا إلى اللجنة المركزية ويقدموا حججهم ويعملوا على إقناع اللجنة، لكن الجماعة رفضوا لأنهم يرون أن ميزان القوة ليس معتدلا حيث لا يستطيعون تبليغ أفكارهم في مناخ غير مناخهم. بلخادم يملك حجة أنهم لم يأتوا ويطرحوا أفكارهم وهم يملكون حجة أن اللجنة المركزية إطار غير قانوني بتركيبتها الحالية.
جماعة التقويمية لم يبقوا داخل الحزب يصارعون فكريا، إنما اتخذوا مقرا في الدرارية وبدأوا يهاجمون بلخادم إلى غاية اقتراب الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث التقى بلخادم عدة مرات مع صالح ڤوجيل من أجل إعداد قوائم مشتركة، لكن بلخادم تلاعب بهم حتى انتهت آجال ضبط القوائم.
لكن ليس من حقي أن أقول إن بلخادم لم يكن يملك الإرادة في لمّ الشمل، لكنه لم يقدر على مواجهة الأشخاص الذين أدخلوه في أزمات من خلال اختيار القوائم التي لم تنل الرضا في قطاع واسع من المناضلين ولولا رمزية الأفلان وخطاب الرئيس في سطيف لكانت النتائج مغايرة تماما.
أعود إلى مسار الأحداث، لأقول إن بوحارة وبوخالفة (وبطلب من بلخادم) قاما بجهد التوسط مع بعض العقلاء (عفان قزان، أحمد السبع..) والتحق بهم محمد عبادة ومصطفى شرشالي، لكن في الحقيقة هؤلاء طرف في القضية، فهم مع تنحية بلخادم.
يعني ما قيل على أنهم لم يكونوا محايدين كان صحيحا؟
نعم، صحيح هم ليسوا حكما، فهم طرف ضد بلخادم، لكن الغريب أنهم أكدوا لنا أن بلخادم هو من طلبهم لإيجاد حل.
هل كلهم ضد بلخادم؟
نعم، كلهم.
بمن فيهم حجار؟
لا، حجار التحق مؤخرا فقط، لكن جماعته موجودة معنا بين «المركزيين» على غرار الأخ حود مدني وغيره.
هذه الأطياف التي لها ولاء ولو معنويا، مع السيدين مولود حمروش وعلي بن فليس، التقت على فكرة تنحية بلخادم، وهؤلاء موجودون بقوة في اللجنة المركزية، باعتبار أن أن كل طرف أدخل عناصره في اللجنة المركزية كما لو أن الجبهة أصبحت شركة ذات أسهم.
برأيكم من يحرك هؤلاء «العقلاء»؟
أعود بكم إلى ما نشر في جريدة الوطن بتاريخ الجمعة 22 جوان، حيث ذكر كاتب الافتتاحية أن بوحارة ومجموعته عندهم إشارة ولو «خافتة» من طرف رئيس الحزب، وقد تكلم كل من بوحارة وبوخالفة في جريدة الوطن في هذا الاتجاه.
كم كان عدد القياديين الذين تذكرون أنهم وقّعوا على عريضة تنحية بلخادم في بداية مسعاكم؟
أثناء اجتماعنا في المدنية وضعنا نموذج التزام القياديين بتنحية بلخادم. وقد قال السيد بومهدي (بحضور الصحافة) إن لدينا 179 التزاما بسحب الثقة + 23 وكالة + 11 غيابا بتبرير (التحق 2 بعد بداية الاجتماع) ما يعني أن لدينا 210 أكدوا على سحب الثقة.
بالنسبة لي، شددت في هذا الاجتماع على أن بلخادم انتهى، وقلت يجب أن تتحدث عنه بصيغة الماضي، ولم يبق لنا إلا الإطار القانوني للتصديق (50 + 1٪) على سحب الثقة منه.
لكنكم لم تتمكنوا من استكمال التوقيعات اللازمة لعقد الدورة غير العادية؟
كنا نرغب في دورة استثنائية (19 ماي) لكننا لم نتمكن من ذلك، حيث تبقت لنا 10 توقيعات لنستكمل الثلثين، فجاءت الدورة العادية (1516 جوان) وفعلا تلقينا استدعاءات من بلخادم لحضور الدورة العادية ليوم 15 جوان، ما عدا قارة والخالدي و14 عضوا آخرين (لأنهم ترشحوا في أحزاب أخرى).
صبيحة 15 جوان التقى بلخادم بلجنة «العقلاء» لمناقشة الأزمة واستمرت المناقشات، وبقينا ننتظر افتتاح الجلسة حتى خرج عبد القادر حجار وصرح بعدم الوصول إلى مخرج.
منذ اليوم الأول كنت واثقا من أننا أمام طريق مسدود، لماذا؟ لأن الجماعة اشترطوا على بلخادم الذهاب إلى الصندوق، لكن بلخادم رفض.
سبب هذا الانسداد أن الجميع تجاوزوا نص المادة القانونية التي تحل هذا الإشكال حيث تنص «المطة الرابعة من المادة13 من القانون الأساسي» على أن «يتم التصويت على المسائل الإجرائية واللوائح والقرارات برفع الأيدي»، وهنا مربط الفرس.
لقد كان من الواجب أن ننحني لهذا الأمر، فنذهب إلى القاعدة لعرض قضية الإجراءات، بمعنى أنه كان ينبغي أن نختار الطريقة التي يتم بها إجراء سحب الثقة: هل برفع الأيدي أم بالصندوق؟.
للأسف لجنة «الحكماء» لم توظف هذا القانون بما يحل الأزمة، الاتفاق حول الإجراءات القانونية لم يتم فبقي الطريق مسدودا. وبقيت الأمور معلقة إلى غاية الساعة الرابعة عندها طالبت أنا وقلت إذا كان الأمين العام لن يأتي، فليأت «العقلاء» ويثبتوا حالة شغور منصب الأمين العام ورفع الجلسة إلى غاية يوم غد من أجل الاتفاق على هيئة تداولية لتسيير الحزب.
بلخادم كان يربح الوقت بينما كان «التقويميون» و«المركزيون» قد احتلوا المنصة بالقوة مشددين على الصندوق.
في حدود السادسة و45 دقيقة مساء، وبينما كنا ننتظر أن يأتينا «العقلاء» داخل القاعة ليقروا بأن الطريق ما يزال مسدودا، إلا أن «العقلاء» فروا، هذه هي الحقيقة التي ينبغي قولها.
في هذا الوقت سمعنا أن بلخادم اجتمع مع أعضاء المكتب السياسي وبعض المحافظين واتفقوا على اقتحام القاعة مدعومين بعناصر من خارج اللجنة المركزية، هكذا دخل بلخادم القاعة وسط أنصاره وتم إنزال قياديين معارضين بالقوة. بعد انتهاء النشيد الوطني، أخرج بلخادم ورقة من جيبه، قرأ فيها أن عنده 223 توقيعا، وطلب من الطاهر خاوة أن يقرأ الأسماء، فقرأ اسما أو اسمين وطلب منه التوقف، واسترجع بلخادم الورقة وقال إنه سيسلمها للمحضر القضائي.
هذه الجلسة استغرقت 7 دقائق فقط غادر بعدها بلخادم القاعة. وقبل أن يغادر، قال إن «عنده 223 توقيعا، فإذا كان لديكم قائمة أخرى فاتوني بها»، وطلب استئناف الجلسة صباح الغد.
في الغد، سمعنا نحن أن هناك اجتماعا لمعارضي بلخادم في محافظة حسين داي، وأمام حضور حوالي 85 من أعضاء اللجنة المركزية، أخذت الكلمة وقلت صراحة: «لم يبق لنا أي اجتماع تحت سلطة بلخادم».
لكن بلخادم كان قد حسم معركة التوقيعات لصالحه؟
في تلك الليلة، بلخادم لم يكن يملك التوقيعات التي تحدث عنها وقد صرحت بذلك في إحدى القنوات الفضائية وقلت لو يكشف لنا اليوم هذه التوقيعات فمبروك عليه قيادة الجبهة لكنه لم يفعل.
ولا تزالون أمام هذا التحدي؟
لا، اليوم نعلم أنه قد جمع مزيدا من التوقيعات (ما شاء الله) لقد طالبناه بالكشف عن العدد يوم الأزمة، أما الآن فبعض من كانوا ضده اليوم أصبحوا يسلّمون عليه، بلخادم ربح الوقت لشراء الذمم بالوعود والإغراءات.
لكن إذا كان بلخادم اشترى الذمم، هذا يعني أن هناك من يبيع ذمته؟
بالطبع، الرجال معادن، هناك المناضلون الأصلاء الأقحاح وهناك من يمسك العصا من الوسط، وغيرهم.
طرح بعض رفاقكم أن المكتب السياسي لم يحترم المعايير التي يحددها القانون الأساسي في مسألة الترشيحات، مثلا قضية سنوات النضال؟
المادة 13 من القانون الأساسي تشترط توفر أقدمية في النضال دون انقطاع لا تقل عن 7 سنوات بالنسبة للانتخابات البرلمانية. وقد أعاب الكثيرون على بلخادم عدم الالتزام بهذا.
مقاطعة: لكن بلخادم حصل على فتوى من اللجنة المركزية في اجتماع سابق بتجاوز هذا الشرط بالنسبة للنساء والشباب، في بعض الحالات.
لا، الفتوى جعلت للنساء، وبشرط ألا تكون في المحافظات أو في هياكل النضال نساء تتوفرن على مقاييس الترشح.
بالنسبة للشباب لم تكن هناك أي فتوى، لأن لدينا تنظيمات تتوفر على الكوادر التي تستحق الترشح.
بالنسبة لضوابط النضال، هناك تجاوزات أكيدة سواء بالنسبة لأعضاء للجنة المركزية أو للمرشحين للتشريعيات.
هذا لا يعني أننا منغلقون، بل إني من دعاة الانفتاح على جميع التيارات والأفكار في المجتمع، وتذكروا أنني لما كنت في مركز الدراسات والأبحاث فتحت الباب أمام مناضلين وكوادر في الأحزاب الأخرى، حيث حضر معنا إطارات من حمس والأفافاس والأرندي وغيرهم. على عكس قيادة الحزب اليوم التي تغلق الباب في وجه القياديين وترفض الديمقراطية.
أنا لا أزال ضد بلخادم الذي يستمع لأناس هم قلب الأزمة التي يعيشها الحزب، سواء في التسيير أو في إعداد القوائم، هؤلاء أثروا على بلخادم في رفض لم شمل المناضلين، بل وتسببوا في إبعاد المناضلين المخلصين للحزب والأوفياء لبلخادم.
أنا مثلا، في 2007 لم أكن على رأس قائمة ولايتي قسنطينة، ومع هذا قبلت أن أترأس قائمة ولاية ميلة وقمت بواجبي، وفي 2009 لم أكن في المكتب السياسي ومع هذا بقيت منضبطا أؤدي واجبي على أكمل وجه ممكن، لكن في 2012 لما طبق سياسة الكيل بمكيالين حيث رشح وزراء وأقصى آخرين ورشح أعضاء من المكتب السياسي دون آخرين، ومحافظين دون آخرين، لم يعد السكوت ممكنا.
لكني أتميز عن قياديين آخرين ممن نتفق معهم في ضرورة تنحية بلخادم في أنني بقيت داخل الهياكل أناضل بأفكار واضحة، لم أكن مع التقويميين ولا مع جماعة بوحارة، واجتماعاتنا الأخيرة كانت كلها تتم في مقرات رسمية تابعة للحزب.
لكن، في النهاية، القوائم فازت رغم أنكم قلتم إن القوائم هزيلة؟
نعم، لقد تكلمنا قبل 8 ماي وقلنا إن قوائم الحزب هزيلة في كل الولايات، ولم أكن الوحيد الذي قال هذا، ولذلك تكلم الرئيس، وهو رئيس الحزب بموجب القانون الأساسي. أنا أعتقد أن الناس صوتت على الرمزية التي يمثلها الحزب، بغض النظر عن قوائم بلخادم، وشجعهم على الإقبال خطاب رئيس الجمهورية في سطيف الذي قال إن انتماءه الحزب معروف، وقبل هذا ناشد المواطنين التوجه إلى صناديق الاقتراع من خلال تشبيه الموعد الانتخابي بليلة أول نوفمبر. علينا أن نفهم أن مصداقية الرئيس هي التي أنجحت الحزب.
في الأفلان، عادة ما يطرح السؤال: ما موقف الرئيس، وقد استبقكم بلخادم وقال إن الرئيس على اطلاع بكل شيء..
أنا أعتبر أن لجنة العقلاء، وهي تحوي شخصيات مهمة، تحركت في هذا الاتجاه، ما يؤكد هذا الطرح ما ورد على لسان بوحارة في جريدة الوطن، من أن تحركهم يتم «برضا رئيس الجمهورية». هؤلاء قياديون في مجلس الأمة، معينون من قبل رئيس الجمهورية، ولا أظن أنهم يتكلمون من تلقاء أنفسهم.
مقاطعة: لكن هؤلاء يتحركون ضد بلخادم منذ 2007 ولم يحققوا شيئا؟
أنا لا أملك دليلا ماديا على أن الرئيس هو الذي يحرك بوحارة وجماعته إنما أنقل ما قاله بوحارة بلسانه.
أعود إلى سؤالكم الأول بشأن موقف الرئيس.
بلخادم سئل في الندوة الصحفية: هل الرئيس على علم بالأحداث، فأجاب إن رئيس الجمهورية «هو رئيس الحزب فهل تظنون أنه يخفى عليه شيء». لاحظوا أن بلخادم لم يقل إنه التقى الرئيس ولم يقل إنه «تحدث معه في كذا وكذا».
أنا أقول لم يحن الوقت لإبعاد ببلخادم لأسباب عديدة تهم التوازنات العامة في إطار مؤسسات البلد، رغم أن كثيرين يرغبون في ذهابه.
وضح أكثر؟
لولا الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 2014، هل كان بلخادم سيتعنت إلى هذه الدرجة التي يرفض فيها مناقشة رفاقه في النضال وفي الحزب، رغم أن هذه الصورة أضرت به في الداخل والخارج؟
في رأيي لم يحن الوقت لإبعاد بلخادم بالنظر إلى أجندة الاستحقاقات المرتقبة، كما ينبغي طرح السؤال: هل لديهم البديل؟
مقاطعة: هذا يعني أن مؤسسات الحزب ليست هي التي تختار الأمين العام، بل جهات أخرى من تفعل ذلك؟
ينبغي أن نعرف مكانة الجبهة وعمقها، فعلى الرغم من أنها أصبح حزبا من جملة الأحزاب بعد إقرار التعددية في دستور 89، لكن المرجعية في مخيلة الجزائريين كلها تربط بين الدولة والجبهة، ولا تنسى أن كل الرؤساء الذين مروا على البلد هم من أبناء جبهة التحرير حتى بعد إقرار التعددية.
في رأيي، الورقة الرابحة في الرئاسيات لم يحن وقت إخراجها بعد، والتحولات الجارية تجعلنا نعيش ظرفا جيو سياسيا جد حساس يتطلب اليقظة ووحدة صف المؤسسات في كل المجالات.
بالنسبة للأفلان ليس من الضرورة أن يكون الأمين العام هو مرشح الحزب للرئاسيات، يمكن أن يكون شخصا قياديا ويمكن ألا يكون قياديا أيضا، فاللجنة المركزية سيدة في هذا الأمر.
هل سلمتم أن بلخادم قد ربح المعركة النهائية ضدكم؟
لا، لم يربح لأنه يسير في اللاقانون.
قلت إن رئيس الجمهورية رئيس الحزب لم يتدخل، لأننا لا نملك ملموسا يؤكد ذلك. هل دخول بلخادم بالقوة على الساعة مساء في اليوم الأول من اللجنة المركزية الأخيرة كان قد أُشير له بذلك؟ قراءتي الخاصة أعتقد أنهم لم يعترضوا عليه في ذلك وقرأها هو على أنها موافقة.
لهذه المعطيات بلخادم لم ينجح بل إن سلطته الأدبية قد تضررت وعرفه الجميع بأسلوبه اللاديمقراطي.
رغم أنك لست نائبا، إلا أنك وقفت ضد اختيار حراوبية لرئاسة المجلس الشعبي الوطني؟
بالنسبة لاختيار رئيس المجلس الشعبي الوطني، صرحت سابقا أنه من غير الممكن أن تكون الرئاسة لرشيد حراوبية لأنه مسؤول عن الأزمة التي يعيشها الحزب، بل قد كنت أول من طرح اسم محمد العربي ولد خليفة، وذكرت مبرراتي في ذلك، والأيام قد أنصفتني في هذا الطرح.
هل تتصورون أن يكون الرئيس القادم من خارج الأفلان؟
ولم لا، هل الأفلانيون أكثر وطنية من غيرهم؟
ينبغي هنا أن نستعيد موقف الزعيم حسين آيت أحمد بقراره مشاركة الأفافاس في التشريعيات بالنظر للمخاطر التي تحدق بالبلد.
ماذا تعيبون في واقع الحزب اليوم، من الناحية الفكرية؟
الحزب انتقل اليوم من المقاربة السياسية الفكرية إلى مقاربة العصب والأجنحة. أنا شخصيا لا أنتمي إلى أي عصبة، أنا أتحرك وفق قناعاتي الفكرية ولذلك لم ألتحق بالتقويمية في 2009 ولا جماعة بوحارة 2007 ولست ضد هؤلاء في الحزب اليوم لا توجد أجنحة إنما هناك مواقع وتموقعات.
في هذا الصدد، برأيي الأزمة لها جذور تعود إلى أجواء رئاسيات 2004 عندما قال بلخادم إن الذين كانوا ضد بوتفليقة عليهم أن يتراجعوا إلى الصفوف الخلفية، ولم يلتزم بذلك، بل إن الذين كانوا ضد الرئيس هم الذين أصبحوا مسؤولين في هياكل الحزب بعد المؤتمر الثامن الجامع ونحن الذين كنا مع الرئيس بقينا في الصفوف الخلفية.
هل يرى السيد هيشور في نفسه أمينا عاما للأفلان؟
سئلت ذات يوم إن لي طموح أن أكون أمينا عاما، فأجبت بأن في ثقافة الحزب هناك مقولة أن المسؤولية لا تُطلب ولا تُرفض. إذا طلب مني رفاقي هذا الأمر فلا يمكنني أن أرفض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.