منع عبد العزيز بلخادم كافة أعضاء اللجنة المركزية أمس من استقبال أي شخص في مقر الحزب، وعليه أجرينا هذا الحوار في مقهى مع بوجمعة هيشور وهذا ما قاله·· متى غضب بوجمعة هيشور وأقصد بسؤالي التوقيت بمعنى الخلفية؟ لا شك أنني من المناضلين المنضبطين طيلة سنين ومن قبل المؤتمر التاسع، ولكن رغم هذا الانضباط إلا أنني كنت أنادي في داخل الحزب إلى التجديد والتشبيب وما كنت أود قوله ردا على سؤالك، موقفي اليوم ليسا غضبا، بل الرجل السياسي الذي ينتمي إلى حزب له قناعات فكرية وثقافية ونحن نعيش القرن الواحد والعشرين أمام تحولات كثيرة مسّت بلدان ما يسمى الربيع العربي· وقد أعطيت رأيي قبل أحداث تونس أمام ثلة من مركز الدراسات والأبحاث والاستطلاع أو الاستشراف للحزب، ومنهم أساتذة في العلوم السياسية والقانون الدولي قدامى وشباب، ومنهم من هم في الحركة الجمعوية، وقلت إن هناك استباقات بعد خطاب أوباما الرئيس الأمريكي في جامعة القاهرة الذي قال فيه بتحول نظمي في الأفق سيمس كل البلدان العربية دون استثناء وخاصة البلدان العربية القريبة من الطرح الغربي· وعلى ضوء ذلك، طلبت استباق الأحداث والسرعة في الإجراء لنكون على موعد ما يتم انتظاره وما ينتظره الشباب والشعب الجزائري، حتى لا نسقط في فخ تراجيديا التسعينيات· هذا العمل كان داخليا بعيدا عن الأضواء بعد أن كُلفت بالإشراف على ورشة عمل في هذا المركز حول سلوكات الناخب والدراسات السوسيولوجية تحضيرا للانتخابات التشريعية للعاشر ماي· وماذا كانت النتائج؟ أجرينا مقابلات مع عدد من المناضلين والمختصين ووضحنا المفاهيم حول استراتيجية الأفلان· هذه الورشة اشتغلت وقلت للأمين العام آنذاك إنه لا ينبغي أن يسقط في خطأ المؤتمر التاسع وخطأ ,2007 منذ معرفتي ببلخادم ومنذ توليه الأمانة العامة للحزب بعد الحركة التصحيحية في 2004 لم أره إلا مرة واحدة في مكتبه وتكلمت معه مرة في الهاتف، ولست أنا من بادر بالاتصال بل هو، أقول هذا حتى أبيّن أنني لست ممن يلاحقوه· كنت أشتغل نضاليا، وكنت أعرف مسبقا أن الرجل له ألف وجه، بمعنى حرباء إذا أردت· لما لم اتفق يوما مع أخي علي بن فليس الذي احترمه إلى يومنا هذا كنت في صف الرئيس ومن السبّاقين للحركة التصحيحية وبدأتها من ندوة تبسة ثم عنابة وأعطينا خريطة الطريق التي كتبتها شخصيا، ثم تواصلت التصحيحية من خلال اجتماعات حضرتها جميعها وكانت في تيبازة ثم عين الترك ثم الافوارب ليتم تتويج كل تلك اللقاءات باجتماع قاعة ابن خلدون·· هكذا بدأت الأمور، ولما جاءت محطة الجلفة في إطار التصحيحية، ادزوناب بلخادم وأرسلوه على رأس حركة التصحيح· من وضع بلخادم؟ منهم من مات رحمهم الله، في ذلك الوقت لم نكن على علم تحديدا بالجهة التي وضعته على رأس الجبهة، إذ لم أكن يومها في الحكومة، لكن ما أستطيع قوله أن بلخادم لم يكن في الحركة التصحيحية ضد علي بن فليس، لكننا قبلنا الاشتغال معه وكان الهدف هو لمّ شمل عائلة جبهة التحرير الوطني· علي بن فليس يومها أخذ اتجاهاته التي نحترمها كما قلت ولا نملك إلا ذلك لأننا لا نريد فرض آرائنا على الآخرين· ورغم المصير السياسي الذي لقيه علي بن فليس كنت دوما من الداعين للم الشمل، فهؤلاء مناضلون· لو نعود لموضوعنا، كيف تم وضع قوائم الأفلان؟ تطرقت إلى كل ما سبق لأنني أردت أن أعرّفك بتاريخ بلخادم في جبهة التحرير الوطني والذي لم يكن شيئا مذكورا، فهو راكب سرج ومستفيد من ركوب سرج ليس إلا· لكنه يقال إنه رجل يحظى بحماية من الرئيس بوتفليقة؟ إلى حد الآن بلخادم يوحي أنه رجل الرئيس ولكن في الواقع هو ليس كذلك، مثله مثل رشيد حراوبية والطيب لوح وعمار تو، فهم يتكلمون ليس باسم الرئيس بل باسم حاشية الرئيس· من غير المنطقي أن يُفهم من أن مجرد كونك وزيرا في الحكومة معناه أنت صاحب ثقة الرئيس من جماعة الرئيس· حزب جبهة التحرير الوطني حزب قناعات ونضال وهناك قواسم مشتركة بين المناضلين· أول اصطدام لي مع بلخادم كان عندما قام بوضع رشيد حراوبية على رأس لجنة الترشيحات (سماها مجموعة الترشيحات) الخاصة بالتشريعيات، وقلت له بوضوح أنه إذا كان حراوبية من سيرأس اللجنة، سأكون أول من يخرج عن الطاعة· وماذا كان جواب بلخادم؟ قال لي كن مطمئنا، فأنا من يترأس اللجنة الوطنية وأنا من سيختار، لكنني رحلت واتصل بي هاتفيا لكنني رفضت الرد عليه، وفي الغد عاود الاتصال بي ولما رفعت السماعة طلب مقابلتي· عندما رأيت بلخادم سألته·· هل تعرف هذا الذي يسمى حراوبية؟·· هل تعرفه أحسن مني؟·· قلت له إن حراوبية كان سببا في إبعاد الذكاء الوطني والنخبة، وفي مؤتمر الحزب كان أساس اختيار اللجنة المركزية، وأكثر من ذلك لا يزال يتحدث إلى يومنا هذا باسم حاشية الرئيس بوتفليقة، وبصوت عالٍ أيضا، وبلخادم يخاف من حراوبية بسبب ترويج هذا الأخير علاقته بشقيق الرئيس· قال لي حرفيا، بإمكانكم نشرها، حراوبية فرضه علي السعيد بوتفليقة، لن أخفي شيئا لأننا نحن في حزب وليس في الدولة، ولكي أكون واضحا، أقوالي تنطبق على الحزب وليس الدولة·· أما كلامي عن الدولة فسيأتي الوقت الذي سأتحدث فيه عنها· هناك من يظن أن القوائم تم وضعها في فندق الأروية الذهبية بعد غلق الجهاز، لكن الواقع أن القوئم تم إعدادها في وزارة التعليم العالي ··ب لو فينيش تاع القوائم تندار في وزارة التعليم العالي''· هذا ينسحب على ترشيحات 2007 وعلى المؤتمر التاسع، ومن رافقه في التخطيط الطيب لوح وعمار تو· حتى لا نسبق الأحداث إلى موضوع ما الذي يدفع للاعتراض على حراوبية تحديدا علاقته بالسعيد؟ عندما تستطلع آراء النواب والمناضلين، تجد أن سبب إبعاد الذكاء الوطني والجامعيين كان حراوبية، ألا ترون ما يحدث في جامعاتنا ··ب راهي مخليةب، نحن في آخر الترتيب عالميا، أراد أن يكون على رأس قائمة العاصمة بالقوة· إن سوق أهراس التي ينحدر منها ترشحه باسم الأفلان· هل صحيح ما شاع عن تسجيله في القوائم الانتخابية بعد انتهاء الآجال؟ أنا رجل قانون وكنت عضو المجلس الأعلى للقضاء في عهد هواري بومدين وليس حاليا، والأشياء التي لا أمتلك عليها دليلا لا أتحدث فيها، وهذا ما تعلمته طيلة مسيرتي ومن الصفاء الثقافي· وأعود إلى ورشة دراسة سوسيولوجية الناخب الجزائري، لقد أنشأنا 12 ورشة من أعلى المستويات في البحث والدراسات، وتوصلنا لنتائج كبيرة من 97 إلى 2009 في كل الولايات حول الانتخاب في الجزائر· لو نعود لبوجمعة هيشور، هل هو غاضب لأن اسمه لم يرد ضمن المترشحين أو لأنه غير معني ولكنه غير راضٍ على القوائم؟ أنا من الذين يتجندون لغيرهم بهدف المساعدة إذا كان هذا الغير مؤهلا أكثر مني· أنا سبقت القواعد في الثورة على بلخادم لمجرد معرفتي بأن القوائم عبارة عن انتحار· القوائم بمثابة غرز خنجر في ظهر الجبهة ولا يمكن أبدا أن أصمت على مثل هذه الأمور، فما كان أمامي إلا أنني كتبت رأيي في الموضوع وأرسلته إلى الصحافة الوطنية· فأنا لست زعيما ولا أبحث عن الزعامات ولا أحب الزعامات وأتحمل المسؤولية· من بادر بجمع التوقيعات لعقد مؤتمر استثنائي بهدف تنحية بلخادم؟ أنا من الموقعين، وأعلن ذلك عالميا وليس وطنيا فقط، ولا يمكن أن أكون على هامش هذه المبادرة، أوقع عليها بكل أصابعي· ما وقع في اعتقادي أن بلخادم استبق الأحداث ووضع نفسه في أفق الرئاسيات· بلخادم عمل على وضع قوائم لا تنال رضى الناخبين· هل تريد القول أن بلخادم كان مكلفا بتحطيم الأفلان وإدخاله إلى المتحف كما يقول البعض؟ ليس هذا فقط، ولو أنني أفضل الحديث عن هذا الموضوع لاحقا، الأساس في عمل بلخادم وتحضيره للقوائم هو جعل هذه الأخيرة عاملا من العوامل في نتائج الانتخابات لبروز أحزاب أخرى وقوى سياسية غير الأفلان بعد تصغيرها في أعين المواطن من خلال عرضها عليه بالكيفية الحالية، نحن لن نرضى إلا بالمنافسة الشريفة· ولكن أنت تدفعني إلى سؤال يقول أن مادام رشيد حراوبية هو من أعدّ القوائم مع الأخذ بعين الاعتبار ما قاله بلخادم عن الضغوط التي يتعرض لها في هذا الباب، يعني أن القوائم أعدت من طرف (يقاطع السؤال)؟ أرجوك نحن على قدر من المستوى السياسي والعلمي، فمن يصادق على القوائم في النهاية ليس غير الأمين العام للحزب وليس لي دخل في أية جهة كانت، فهو يتحمل مسؤوليته وقال ذلك، ولكن يتحمل مسؤوليته بعد ماذا؟ بعد النزول للحضيض؟ فبعد النزول في معدل عدد النواب في 2007 مقابل عدد نواب ,2002 ننتظر الربع إذن·· إنه يريد وضعنا أمام أمر الواقع· بلخادم وجد نفسه مع جهات أخرى وحلفائه الطبيعيين أصبحوا معروفين·· رئيس الجمهورية لا يزال جالسا على كرسيه وبصحة جيّدة ولست أدري لماذا بلخادم يتسرّع من أجل موعد .2014 كل ما سبق وقلتموه، سبق للحركة التقويمية وأن قالته بعيدا عن حسابات التشريعيات، ألا ترون أنكم تفطنتم متأخرين؟ نعم البعض قد يقول هذا، لكن أنا لم أشأ الخروج يومها مع التقويمية على أساس عدم التواجد في المكتب السياسي، وربما من جيلي ومن جماعتي ربما أنا استبقت كل واحد منهم· رغم موقفي هذا بقيت على علاقة حسنة في التقويمية وكنت دوما أحترمهم وأنا مع عودتهم للجبهة لأنها بيتهم ليناقشوا ويجادلوا في الجانب الفكري والمؤسساتي· لكن ألا تخشون من القراءة التي تقول أن هيشور ثار لمجرد عدم ورود اسمه في قوائم الترشيحات؟ لا أخشى ذلك لأنني لم أثر لهذا السبب، والدليل على ذلك أن بوجمعة هيشور ليس وحده، فلأول مرة على المستوى الوطني تعيش محافظاتنا وقسماتنا هذا الغليان والصحافة تكتب يوميا عن هذا الغليان من تلمسان إلى سوق أهراس ومن الشمال إلى الجنوب، وحققوا في ذلك وستكتشفون أن بوجمعة هيشور ليس وحده· ما أبرزته هو موقف رجل سياسي وتعبير عن رأي، ولست هنا ممثلا لضمير المناضلين· كم وصل عدد التوقيعات؟ لست في خلية الإحصاء، ولكن أؤكد أننا اقتربنا من الثلثين، وأعتقد أننا تجاوزنا 200 توقيع· هل ستلتحق بالتقويمية؟ التقويمية مناضلونا بينهم عشرة من القياديين، وأنا لم أكن يوما ضدهم لقد قالوا أن المكتب السياسي فيه حشو واللجنة المركزية بها أشخاص دخلاء على الحزب وهذا رأي جدير بالاحترام، ولو أعلنوا ذلك في المؤتمر التاسع لكنت مشيت معهم· في ذلك الوقت قدمنا الحزب على الذاتيات· بلخادم يعترض على عقد مؤتمر استثنائي خلال فترة انتخابات ويقول أن القانون والداخلية يمنعان ذلك، ما رأيك؟ المقصود حظر المؤتمر الاستثنائي قبل الحملة الانتخابية وليس فترة الانتخابات، ولكن التوقيعات موجودة ونحن نسرع في جمعها من أجل طلب المؤتمر الاستثنائي قبل الحملة على ضوء المادة 37 في القانون الأساسي، وتقول أن الأمين العام يستدعي الدورة الطارئة بثلثي اللجنة المركزية، وإذا وصلنا النصاب قبل بداية الحملة سنراسل الأمين العام في الموضوع، وإذا اعترض سنجعل محضرا قضائيا يشهد على ذلك، وستصبح لنا شرعية الاجتماع وجوبا سواء في المقر وهنا لن نكون في حاجة إلى رخصة، وإذا كان في الخارج سنطلب من الداخلية ترخيصا· أنا متيقن من رحيل بلخادم كأمين عام وإذا أراد النزول للقواعد ليقوم بالحملة للحزب ''ربي يسهل عليه''، أما إذا نجح في إقناع الموقعين بالعكس ''فربي يسهل أيضا''، ولكن ما نريده أن يستقيل ويخرج من الباب الواسع وليس الضيّق· هل تتوقع هزيمة للجبهة؟ كنت أقول أن الجبهة بخير لأن المناضلين يرفضون خيانة بلخادم في القوائم· لكن ما تسمونها قوائم الخيانة هي من ستخوض المعركة؟ بالنسبة لي رحيل بلخادم هو الأهم ثم مكتب مسيّر ثم رحيل وفتح الترشح، أما عن الانتخابات فقلت للمناضلين وضع الورقة البيضاء أهم من التصويت ضد الأفلان·