رغم موجة التغييرات والعصرنة التي اجتاحت موائد إفطار العائلات التيبازية، إلا أنها لا تزال متمسكة بتحضير مختلف أنواع الأسماك التي لاتغيب عنها طيلة هذا الشهر الفضيل الذي تتفنن خلاله ربات البيوت في تحضير أشهى وألذ الأطباق المحضرة بفواكه البحر. فيما تبقى مطاعم الشواء بميناء بوهارون قبلة للمئات من المواطنين الوافدين إليها من شتى بلديات تيبازة ومن مختلف الولايات المجاورة، خاصة منها البليدة والعاصمة لشراء حساء السمك. ولم تتمكن الكيفيات والأطباق العصرية من زعزعة عرش طبق السمك الذي يبقى سيد موائد الإفطار الرمضانية بتيبازة، حيث لا تزال ربات البيوت تحرصن على المحافظة على عادات وتقاليد السلف الذين كانوا لايستغنون عن السمك نظرا لغناه بالفيتامينات، حيث يعمدن إلى تحضيره باستعمال العديد من الأعشاب البرية التي تستعمل في تحضير العديد من الأطباق الشنوية من أهمها «الكويرات» التي تشتهر بها منطقة شنوة والتي تشبه كثيرا طبق «تكربابين» الذي تشتهر به منطقة القبائل.غلاء سعر السمك لم يمنع العائلات التيبازية من اقتنائه خاصة منه السردين الذي يحظى بطلب كبير من العائلات المتوسطة الدخل وحتى الفقيرة التي تبدع في طهيه، فالبعض منها تفضل أن تقدمه مشوي والأخرى تقدمه في شكل أطباق منها شطيطحة سردين، دولمة، سردين محشي بالدرسة و«الحشاوش» وغيرها من الأطباق الأخرى. فيما تفضل عائلات أخرى حساء السمك على الشوربة والحريرة المحضرة بعدة أنواع من السمك وفواكه البحر لتقدم مصحوبة بقطع خبز محمص وكمية من الهريسة الممزوجة بالمايونيز. فيما تتفنن عائلات أخرى في تحضير أطباق الجمبري بالصلصة وأنواع أخرى من فواكه البحر. عمي السعيد الذي التقيناه في اليوم الأول من هذا الشهر الفضيل بميناء تيبازة منهمكا في شراء السردين، قال ل«البلاد» يا إبني لايمكنني الاستغناء عن أكل السمك في رمضان فهو أكلتي المفضلة. وغير بعيد عن تيبازة وبالضبط مدينة بوهارون التي تحول ميناءها خلال شهر رمضان إلى محج لهو اة أكل حساء السمك الذين يقصدون مطاعم الشواء التي تحولت إلى مطابخ لتحضير هذا النوع من الحساء المحضر حسب شهادات بعض المواطنين الذين تعودوا على اقتنائه بطريقة فنية تجعل كل من احتساه يرغب فيه مرة أخرى. مواطنون من البليدة، الجزائر ومن مختلف بلديات تيبازة تجدهم مصطفين أمام مطاعم الشواء المتواجدة بميناء بوهارون ابتداءا من الظهيرة وإلى غاية السويعات التي تسبق آذان الإفطار حاملين بأيديهم طناجر صغيرة وعبوات يعبئ فيها الحساء الذي تعجز ربات البيوت على تحضيره بنفس الكيفية التي يحضر بها حساء السمك الذي يباع بميناء بوهارون. بعض هؤلاء المواطنين ممن لم يخفوا حبهم الكبير لهذا الطبق قالوا ل«البلاد» أثناء زيارتنا لميناء بوهارون إن طعم ونكهة هذا الطبق لاتضاهيه نكهة طبق آخر مهما كان، مما يجعلنا نقطع المسافات لأجله فيما أكد آخرون أنه مجرد وحم رمضان.ويبقى السمك باختلاف أنواعه ورغم ارتفاع سعره الطبق المفضل لدى أغلب العائلات التيبازية التي لاتزال تعشقه وتعشق كل الأعشاب البرية التي تحضر بها أطباقها كالخبيز، الفليو، السلق وغيرها من الأعشاب الأخرى.