أحرج اتهام وزير الخارجية السوري حركة النهضة القائدة للحكومة في تونس بتلقي تمويل من قطر، زعماء الحركة، لكونه عمّق أسئلة متداولة أصلا بين التونسيين حول سر البحبوحة المادية التي تعرفها في وقت تعبر فيه البلاد بمرحلة أزمة اقتصادية. وتروج تخمينات بين التونسيين عن علاقة وثيقة بين الحركة والدوحة ترقى إلى تدخل الأخيرة في القرار السياسي للبلاد. ووصل الأمر بخصوم للنهضة حد اتهامها بالتدخل في تعيين وزيرين في الحكومة بأمر من قطر، مستندين إلى كون الشخصين المعنيين سبقا وعملا لحساب قناة “الجزيرة” القطرية. وجاء اتهام المعلم للنهضة في وقت شديد الحساسية، حيث شارفت المدة المفترضة للمجلس التأسيسي “بمثابة برلمان” على النهاية، وبدأت الأحزاب التونسية في التفكير بالانتخابات القادمة المتوقعة للربيع المقبل. ويرى تونسيون أن حركة النهضة دخلت عمليا في مرحلة الدعاية الانتخابية عبر تسريع فتح ملفات الفساد المتراكمة منذ عهد بن علي، في استجابة متأخرة لمطالب شعبية ملحة. ومن تلك الملفات ما يشمل رجال إعلام وصحفيين الأمر الذي يتيح للحركة تحقيق هدفين في وقت واحد: الظهور بمظهر الجاد في مقاومة الفساد ومحاسبة الفاسدين، وفي ذات الوقت إسكات بعض الأصوات الإعلامية المعادية. وتم مؤخرا إصدار أمر بالقبض على صاحب تلفزيون خاص متهم بالمشاركة في الفساد في عهد بن علي. لكن حقوقيين وإعلاميين يقولون إن توقيفه جاء على خلفية بث تلفزيونه برنامجا فكاهيا يسخر من الحكومة. ويقول ناقدون للحكومة التي يقودها “إسلاميو” النهضة إنها تهدف بمثل هذه “الخبطات الإعلامية” إلى التغطية على ضحالة إنجازاتها في تحقيق مطالب التونسيين التي ثاروا بسببها على بن علي. ومن شأن إثارة شبهات تلقي حركة النهضة تمويلات أجنبية أن يضع ورقة انتخابية ثمينة في أيدي خصومها السياسيين وخصوصا من الليبراليين الطامحين إلى استعادة الحكم ويحاولون للغرض التجمع في كيانات سياسية أبرزها نداء تونس بقيادة رئيس الحكومة السابق الباجي قائد السبسي. من ناحية أخرى، ستضع هذه الشكوك قيدا على طريقة تتبعها النهضة في الدعاية الانتخابية تتمثل في بذل مساعدات مادية للفقراء في إطار ما يسميه رموز حركة النهضة عملا اجتماعيا ويعتبره خصومهم شراء للذمم. ونفى راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس الاتهامات التي وجهها إليه وزير الخارجية السوري وليد المعلم وأكد فيها أنه تلقى 150 مليون دولار من أمير دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني لتمويل الحملة الانتخابية للحركة “الإسلامية”.