اعتبرت بعض الأطراف اليسارية والعلمانية في تونس زيارة يوسف القرضاوي، رئيس الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين، إلى تونس، بأنها دعاية انتخابية مبكرة لحركة النهضة، فيما تؤكد الحركة أن الزيارة عادية ولا أهداف سياسية وراءها. ------------------------------------------------------------------------ أثارت زيارة يوسف القرضاوي، رئيس الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين، إلى تونس التي تتواصل حتى يوم الأحد القادم بدعوة من فرع تونس لإتحاد العلماء المسلمين، جدلاً واسعًا في أوساط النخب التونسية . هذه الزيارة الأولى بعد الثورة التونسية، وقد لقيت الترحيب والقبول من جمهور غفير من أنصارها يتقدمهم رئيس حزب النهضة، راشد الغنوشي إلى جانب شخصيات سياسية وجمعيات دينية لكن العديد من الحقوقيين، ،من علمانيين و يساريين استقبلوه بشعارات تدعو إلى رفض الفتنة بين التونسيين وعبروا عن رفضهم للإحتفاء ب”رمز من رموز الفكر السلفي لمهاجمته للمكاسب التي تحققت للمرأة التونسية ” . يوسف القرضاوي رئيس الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين وفي أول تصريح له في تونس أكد على أنّ ” تونس متجذرة في هويتها العربية الإسلامية وهي السّبّاقة في ” إسقاط الأنظمة الإستبدادية “، والتي سارت على منوالها بعض الشعوب العربية الأخرى .” . الجيلاني الهمامي، عضو القيادة الوطنية لحزب العمال الشيوعي، يتحدث عن زيارة القرضاوي إلى تونس بدعوة من حركة النهضة قائلاً:” في الفترة الأخيرة وخاصة بعد الثورة أصبحت تونس قبلة للعديد من الأشخاص الذين يمكن أن يقال فيهم الكثير، إنهم شيوخ جدد لهم اجتهادات خاصة متزمتة حول عديد الجوانب في اعتماد الدين الإسلامي وتفسيره، وهم في الواقع يأتون إلى تونس لتسويق بضاعتهم عساها تلقى رواجًا لدى الذين يرغبون فيها في ظروف المزاج الثوري العام في بلادنا .” . ويواصل عضو حزب العمال الشيوعي مؤكدًا على أن القرضاوي هو شخصية سياسية بإمتياز :” القرضاوي يزور تونس كأنه عرّاب الثورة التونسية والحال أنه من خبراء ومستشاري النظام القطري وقناة الجزيرة وهو الذي يروج لمفاهيم وفتاوى تجنح نحو التشدد والتزمت في الدين الإسلامي ، ومن ناحية كان امتدح الرئيس التونسي المخلوع بن علي خلال زيارته إلى تونس قبل ثلاث سنوات وللأسف فهو اليوم يأتي إلى تونس ليمتدح الثورة التونسية في شخصية متقلبة مع الظروف السياسية، وهذا يدل على أنه شخصية سياسية بإمتياز ، و” القشرة ” الدينية ما هي إلا لتسويق سياسات معينة .” . وأضاف الهمامي :” هذه الشخصيات الدينية في الواقع التي تزور تونس لا تقدم شيئًا إلى الشعب التونسي وبالتالي فالثورة التونسية ليست في حاجة إلى مثل هذه الشخصيات المتقلبة وإلى مثل الشخصيات التي تروّج لها الفضائيات ووسائل الإعلام العربية المعروفة بنهجها السياسي العام .” . وعن غايات حركة النهضة من دعوة القرضاوي لزيارة تونس يقول الهمامي عضو حزب العمال الشيوعي :” الواقع أننا لا نعرف غايات حركة النهضة من دعوة مثل هذه الشخصيات ولكن يمكن أن نجد لها عديد القراءات ، فالقرضاوي يمكن أن يمثل صلة الربط بين حركة النهضة والنظام القطري ويمكن أن يكون الأداة القادرة على لعب دور لمساعدة حكومة حركة النهضة للنهل بسهولة من منابع مال البترو دولار القطري. ” . وعن اتهامات البعض لحركة النهضة بأن وراء هذه الزيارة غايات انتخابية يقول الهمامي :” لا محالة يمكن أن تكون لهذه الزيارة دواعٍ انتخابية لمصلحة حركة النهضة بإعتبار أنها لقاءات بأنصارها وسينظمها القرضاوي في عدد من ولايات تونس وبمشاركة راشد الغنوشي، وفي الواقع الحملة الإنتخابية لا تزال بعيدة، ولكن حركة النهضة ما انفكت تقف وراء العديد من الدعوات لشيوخ، وهذه المبادرات تدخل في إطار الحملة الإنتخابية الإستباقية .” . وعن رفض حزب العمال الشيوعي لهذه الزيارة قال الهمامي :” نعتقد أن مثل هذه الزيارات لا تفيد الشعب التونسي في شيء لأن الثورة التونسية في حاجة إلى شخصيات ديمقراطية ومناضلة وحتى شخصيات دينية تدافع عن أفكار وقيم تقدمية تفيد الإنسانية وتدافع عن مصالح الشعب و تنور سبيله من أجل التقدم أكثر في مسار ثورته وليس الشخصيات التي تعود بالثورة إلى مفاهيم متخلفة ولا يمكنها إلا أن تعود بالثورة إلى الوراء ” . وكان القرضاوي زار تونس قبل الثورة وبالتحديد في شهر آذار (مارس) 2009 بمناسبة الإحتفال بالقيروان عاصمة للثقافة الإسلامية ، وعن ردود الفعل عن تلك الزيارة، قال عضو حزب العمال الشيوعي :” حتى خلال تلك الزيارة تحرك حزب العمال الشيوعي ورفض الزيارة على الرغم من أنها تقريبًا تم التعتيم عليها ولم تسبقها أو رافقتها حملة إعلامية كبيرة مثلما يحدث الآن، في تلك الزيارة أصدر حزب العمال الشيوعي بيانًا نشره في صحيفته ” صوت الشعب” التي كانت تصدر سريًا واعتبر أن الإحتفاء بالقيروان كعاصمة للثقافة الإسلامية لا يمكن أن يكون بمثل هذه الشخصيات وتمّ توضيح بعض الجوانب لشخصية القرضاوي والمفاهيم والأفكار العامة التي يروّج لها .” . نجيب الغربي مسؤول الإعلام في حركة النهضة يتحدث عن دعوة يوسف القرضاوي لزيارة تونس قائلاً :” هذه الزيارة للشيخ العلامة يوسف القرضاوي تمت بدعوة من فرع تونس لإتحاد العلماء المسلمين وسيشرف على المؤتمر الذي سيعقد يوم الأحد القادم في تونس ويتواصل حتى يوم الثلاثاء حول الإسلام و الديمقراطية ونحن نعتبر الشيخ القرضاوي شيخًا للوسطية في بداية القرن الواحد والعشرين وقد كان دائمًا نابذًا لكل صنوف الغلوّ و التشدد مؤثرًا و داعيًا للإعتدال و الوسطية والإنفتاح ثم وهو كذلك شخصية مجمّعة ومحاورة، وهذا التيار الكبير في تونس سواء داخل السلطة أو خارجها سياسيًا أو فكريًا وحتى طبيعية المجتمع التونسي والمجتمعات العربية ككل هي ميّالة إلى الإعتدال و الوسطية والإنفتاح على الآخر .” . ويواصل المسؤول عن الإعلام في حركة النهضة :” هي زيارة في الأصل للمؤتمر وليست للثورة التونسية ولكن عندما يزور تونس شيخ وسطي يكون هناك تماهٍ و تمازج بين هوى الثورة وهوى الشيخ القرضاوي .” . وعن رفض العديد من الأطراف العلمانيين واليسار يوضح الغربي:” إن هناك أطرافاً في الواقع ترفض طبيعة المجتمع التونسي ككل ، فهي ترفض إسلامية وعروبية الشعب التونسي، هم يرفضون كذلك أن للمجتمع التونسي حرية المبادرة ويدعون إلى التأميم وهي أفكار بداية القرن التاسع عشر وبالتالي فهؤلاء هم رجعيو الحداثة وفي نهاية المطاف الشعب التونسي الآن يعيش أجواء من الحرية لم يعرفها من قبل، وبالتالي لا بد أن تتسع صدورنا إلى رجعيين الحداثة من أمثال هؤلاء ونقبل الرأي المخالف لنا ولا نرفضه .”. و عن دواعي زيارة القرضاوي إلى تونس وهل هي لغايات انتخابية مثلما يروّج البعض، قال نجيب الغربي :” وأنا أسأل ، متى ستجرى الإنتخابات ، موعدها لم يتحدد بعد ، وحركة النهضة غنية برموزها و ليست في حاجة إلى أن تستنجد بزعامة من الخارج حتى تستقوي بها في الداخل ولو كان الأمر كذلك لدعونا الشيخ القرضاوي قبيل الحملة الإنتخابية للإنتخابات القادمة ، كما أن الشيخ القرضاوي هو زعيم ديني بينما حركة النهضة هي حركة مدنية والقرضاوي هو أحد أبعاد الحركة التي تمثل كل أطياف الشعب التونسي .” . الإعلامي والمحلل السياسي نصر الدين بن حديد في إفادته ل”إيلاف” يتحدث عن الجدل القائم حول زيارة القرضاوي إلى تونس قائلاً:” بعد الثورة أصبحت تونس تنعم بالحرية ، وتتسع للجميع وبالتالي من حيث المبدأ لا يمكن رفض هذه الزيارة فهو مدعو من طرف تونسي ، وفي الوقت نفسه على كل من يزور تونس من الشيوخ و الدعاة و غيرهم الإلتزام و احترام الشعب التونسي بأكمله وهو الآن يبني مساره الإنتقالي وهو ما يدعو الجميع إلى عدم التصريح بما يمكن أن يمسّ من لحمة الشعب التونسي و النمط الذي يعيشه، والشعب التونسي يرفض مثل هذه الإنقسامات والإختلافات وقد سبق لزيارات سابقة لبعض الدعاة والمشايخ أن أثارت جدلاً بين التونسيين وساهمت في عديد المشاكل .” . وعن اتهامات العديد من الأطراف التونسية لحركة النهضة بالعمل من أجل دواعٍ انتخابية، قال نصر الدين بن حديد :” لا يمكن أن أؤكد أو أن أنفي ذلك ولكن ذلك ممكن على الرغم من أن الإنتخابات القادمة لا تزال بعيدة ، فحركة النهضة تعرف جيدًا أنّ الإجتماعات التي سيعقدها الشيخ القرضاوي الذي يعرفه التونسيون جيدًا سيتابعها عدد كبير منهم، فوجود القرضاوي إلى جانب الشيخ راشد الغنوشي جنبًا إلى جنب ، يمكن أن يمثل دعمًا قويًا إضافيًا للحركة التي ليست في الواقع في حاجة إلى ذلك .” .