احتفظت خليدة تومي بمكانها وزيرة للثقافة بعد مضي عشرة أعوام على توليها هذا المنصب، وذلك رغم الجدل الذي أثارته المناضلة السابقة في الحركات النسوية حول الطريقة التي تسير بها قطاعا يعتقد كثيرون أنه ليس من أولويات الدولة لأنه «غير منتج» وفق تعبير وزير مالية أسبق. وصنعت وزيرة الثقافة أول أمس الحدث بامتياز في مواقع التواصل الاجتماعي عبر «الانترنت»، حيث كتب العديد من المثقفين الجزائريين، من الجيلين، تعاليق عن رحيل تومي بعد تسريبات قالت إن سفيرة الجزائر في «فيينا» الطاوس فروخي عينت مكانها، وتباينت تلك التعاليق بين «مهلل» لرحيل تومي، و«آسف» عليها، ليتساءل آخرون «ما علاقة مسؤولة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية بقطاع الثقافة؟». وبعد يوم حافل من التكهنات و«القراءات»، أطل مذيع «نشرة الثامنة» في الأخير ليقول باسما «.. وخليدة تومي وزيرة للثقافة». وظلت وزيرة الثقافة «الجديدة القديمة»، تثير الجدل منذ توليها منصبها، كما كانت لها «حروب» مع العديد من المثقفين من بينهم أمين الزاوي الذي أبعدته من إدارة المكتبة الوطنية لأسباب قيل إنها مرتبطة بمحاضرة ألقاها هناك الشاعر السوري «أدونيس». وبينما اجتهدت تومي في أكثر من مرة وأكدت أنها في خدمة الثقافة والكتاب والفنانين، واستحدثت عشرات المهرجانات والملتقيات، ونظم في عهدها المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني، واحتفاليتي «الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007» و«تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011»، وصولا إلى «خمسينية استرجاع الاستقلال»، إلا أن ذلك لم يشفع لها لدى فئة من المثقفين والفنانين الذين يتهمونها دوما ب«رداءة العمل وغياب رؤية واضحة لتسيير القطاع وعدم قطع الطريق أمام الانتهازيين والدخلاء على الثقافة»، بالإضافة إلى «إعطاء الأفضلية لأطراف دون أخرى» في مختلف المشاريع والتظاهرات، خصوصا تلك التي تتعلق بالكتاب. وفي الطرف المقابل، يعتقد البعض أن خليدة تومي قدمت أشياء كثيرة للقطاع، من بينها إطلاق مشاريع لإنشاء مسارح جهوية ومتاحف ومكتبات مطالعة عمومية في مختلف الولايات، واستحداث مركز وطني للكتاب والمركز الوطني للثقافة والفنون، وأكثر من ذلك أنها تمكنت من خلال «نضالها»، من الحصول على أكبر ميزانية تمنح لقطاع الثقافة منذ استرجاع الاستقلال. ورغم هذا، يقول معارضو الوزيرة إن شيئا لم يتغير، وإن أموال الثقافة صرفت على «التهريج والكرنفالات». من ناحية أخرى، ولدت تومي في ال 13 مارس 1958 بمنطقة «عين بسام»، وهي من المناضلات التاريخيات للحركة النسوية الجزائرية وتخرجت من المدرسة العليا للأساتذة، درّست مادة الرياضيات في ثلات ثانويات بالعاصمة إلى غاية 1993. وفي 1980 وهي لا تزال طالبة بجامعة الجزائر؛ أنشأت التجمع النسوي الأول بجامعة الجزائر، الذي طالب بسحب التعليمة الوزارية التي يمنع بموجبها النساء الجزائريات الخروج أو المغادرة إلى الخارج دون رخصة من قبل رجل من نفس العائلة أو أن تكون مرفوقة. وفي 1981 شاركت في الصفوف الأمامية في التظاهرات المنظمة، بغرض رفض المصادقة على مشروع قانون الأسرة، الذي كان محل مناقشات في جلسات مغلقة بالمجلس الشعبي الوطني. وتولت عدة مناصب من بينها عضو في المجلس الاستشاري الوطني، 1992-1993، ونائبة بالمجلس الشعبي الوطني، 1997-2002، ونائبة رئيس اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية، 2000-2001، وعضو إدارة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية 20 أفريل، 1996- 2001، لتبعد من الحزب في جويلية 2001. وفي التاسع ماي 2003 عينت وزيرة للثقافة والاتصال، لتحتفظ بمنصبها إلى غاية الآن.قالوا عن خليدة تومي..
أيمن السامرائي
كمال بوشامة بقاء تومي لم يكن مفاجأة علق الوزير والسفير الأسبق والكاتب كمال بوشامة في حديث ل«البلاد» على إبقاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على خليدة تومي وزيرة للثقافة ضمن الحكومة الجديدة بقوله، إن «أهل مكة أدرى بشعابها والرئيس بوتفليقة أدرى بشؤون البلاد.. هو من عينها وزيرة للقطاع وهو من أراد بقاءها.. وأنا شخصيا لم أتفاجأ بهذا القرار لأن عاداتنا وتقاليدنا تكرس ما حدث». وأكد المتحدث أن رئيس الجمهورية عمل بمثل فرنسي يقول «لا نغير فريق نجح في مهامه». حسان بن زراري تومي تستحق عهدة جديدة لأنها جدية اعتبر الفنان الكوميدي حسان بن زراري، أن تجديد عهدة تومي قرار صائب كونها أحق من غيرها بإدارة شؤون الثقافة في الجزائر، وذلك بالنظر إلى الجهود المعتبرة التي بذلتها منذ توليها منصب وزيرة للثقافة، خصوصا إصرارها على استرجاع دور السينما التي استولت عليها البلديات. وقال محدثنا «تومي رائعة ولكن المحيط الذي تعمل به لم يساعدها.. وأنا توقعت بقاءها ولم يراودني شك للحظة واحدة في استخلافها بوزير آخر». أحمد ماضي لست ضد بقاء تومي ولكني مع من يخدم الثقافة «هذا قرار الرئيس».. هكذا استهل رئيس نقابة ناشري الكتاب أحمد ماضي حديثه، مضيفا أن تولي أي شخص لمنصب وزير للثقافة لا يكمن في اسم هذا الشخص.. فلا يهم إن كان عمرا أم زيد، بقدر ما تهم المهمة الأساسية التي يجب أن يجتهد المسؤول الأول في القطاع على تنفيذها والتي تتمثل في عدم الحقرة وتبني مبدأ التشاور والحوار بين المثقفين وعدم إقصائهم». وقال ماضي أيضا «لست ضد تومي ولكني مع من يخدم الثقافة الجزائرية وإن كنت لا أذكر أن هناك مجال للتشاور منذ أن انتخبت رئيسا للنقابة.. أعتقد أن العالم بأسره يسير اليوم على مبدأ الديمقراطية، ونحن في مجتمع مدني ومن حقنا أن نتشاور فيما بيننا». فطيمة حليلو تمنيت التغيير وسكوتنا لا يعني أننا راضون قالت الفنانة فطيمة حليلو تعليقا على إبقاء الوزيرة تومي، «كنت أتمنى أن يحدث الرئيس تغييرا حكوميا شاملا على الأقل بالنسبة لقطاع الثقافة، لأني أعتقد بوجود أناس يحملون آمال الفنانين ولهم رغبة في النهوض بالقطاع.. وإن كنت لست ضد تومي أو غيرها ولكني مع التغيير ومع من يضيف لنا ويحمل انشغالاتنا». ورأت المتحدثة أن «الفنانين الجزائريين يعانون في صمت وسكوتهم ليس معناه رضاهم»، موضحة «أخشى أن يكون صمتنا قد فهمه المسؤولون على أنه رضى واقتناع لأني أجزم بأننا لسنا بخير ولازلنا ننادي بكثير من المطالب».