حين تحدث ضحايا سوريون عن براميل تلقيها عليهم طائرات الأسد.. لتسقط عشوائيا على رؤوس سيئي الحظ.. كان الاعتقاد في البداية.. أن قنابل فراغية فتاكة تلقى على الضحايا.. مثل التي جربها بوتين على العاصمة غروزني.. فكتم بها أنفاس المدينة الثائرة.. وأحالها خرابا. ومن باب التضامن في الجريمة.. والأخوة في الديكتاتورية.. كان الاعتقاد أنها نصيحة قاتل روسي لقاتل سوري.. في أن يحذوحذوه.. فيرتاح ديكتاتور سوريا من ثورة الشعب المنتفض.. كما ارتاح ديكتاتور روسيا من ثورة الشيشان. غير أن ما تكشف لاحقا.. أظهر أن هذه الأشياء الطائرة.. التي لا تشبه القنابل.. على الأقل في شكلها.. هي براميل حقيقية.. كالتي يصنعها الحدادون عندنا.. معبأة بالبنزين ومتفجرات تي أن تي».. تلقيها المروحيات على رؤوس السوريين.. فتحدث بينهم إصابات مروعة. وتبين مرة أخرى.. أن ما يحدث في سوريا.. شكل شاذ من الممارسات القمعية.. وجرائم الحرب.. والإبادات البشرية.. التي لا تخضع لأي عقل أو منطق.. ولا يوجد ما يشبهها في دنيا الحروب والثورات… فنحن إزاء حالة غريبة من الجنون السلطوي.. والسادية العصية على التفسير.. فدراكيلا سوريا.. يعمل في وضح النهار.. ولا يتسلل ليلا.. ولا يضع اعتبارا للقيم الإنسانية.. ولا لروح الإنسان.. فكل شيء مباح ومتاح.. في سبيل أن يظل الأسد رئيسا.. وتظل طائفته هي السيدة.. وتزداد راية الاستبداد خمسين سنة أخرى!! ^^^ في سوريا.. لا تهم الكيفية التي تتم بها الأشياء.. لأن الأهم من كل ذلك.. أن تتحقق النتيجة التي يرجوها الأسد وزبانيته.. فإخماد ثورة الحرية كهدف نهائي.. لا تقف في وجهه القوانين أو الأخلاق أو التفكير في العواقب.. فالأسد ماض في همجيته حتى الرمق الأخير.. ولوكانت الحصيلة إبادة شعب برمته. إن تحويل النفط السوري إلى حمم تصب على رؤوس الأطفال والنساء.. ينم عن الضياع الذي يعانيه هذا النظام.. الذي أجزم بأنه لم يوجد له نظير في التاريخ.. فكل السفاحين الذين نقرأ عنهم في كتب التاريخ.. لم يجردوا سيوفهم ضد شعوبهم.. بل فتكوا بالأغيار. إن البراميل التي كانت تباع نفطا.. لتنفق عائداتها على جيش تعلم كيف يقتل شعبه.. لكنه لم يختبر كيف يحرر وطنه.. تحولت في حد ذاتها إلى سلاح معركة.. وتفتقت عبقرية الجيش القاتل عن تكنولوجيا بدائية.. أجبرت الناس على اللجوء إلى الكهوف. إن خراب العقول والقلوب الذي يعاني منه النظام السوري.. أفضى به إلى تخريب العمران في سوريا.. ووضع البشرية أمام مسؤوليتها التاريخية في استنقاذ شعب مهدد بالانقراض.. فنحن إزاء جريمة موصوفة.. حيث القاتل يستعير كل أساليب التدمير والترويع.. ويبتكر طرائق غير مسبوقة لإنفاذ إرادته الشيطانية.. ويمارس موبقاته في الأرض ومن الجو.. ويملك سلاحا كيماويا.. يضعه كخيار أخير لاستنقاذ نفسه من الزوال. ^^^ إن براميل بشار.. خلفية لعقول تحولت إلى براميل متفجرة.. تعج بالحقد والدموية.. ويا ليت هذه البراميل صبت على رأس إسرائيل.. لكانت تلك بطولة.. غير أن ألف برميل يلقى على رأس الشعب السوري.. لا تقابله رصاصة تنزل على رأس بنيامين نتانياهو!! الهمجيون الجدد.. ليسوا أكثر من أكياس رمل.. تتمترس في الطرقات.. لتصطاد الأبرياء.. وتسرق الخبز من أيدي الجوعى.. وقنينة الدواء من أفواه المرضى.. وتغتال الحياة في عيون أطفال لم يسبروا بعد أغوار الوحش الذي كتم أنفاس آبائهم مدة نصف قرن.. ولا يزال يسعى لضمهم إلى قائمة الجيل الثاني من المعذبين في الأرض. إن براميل بشار.. بلية مضحكة فعلا.. حالة من التخلف العقلي والانحطاط النفسي والتخبط الأخلاقي.. تلك التي حولت الوحش العلوي إلى خطر يتهدد حياة ملايين البشر بالإزالة.. فعند هؤلاء لا يوجد شعب سوري.. بل مزرعة لآل الأسد وأشياعهم.. وكل من فيها عبيد وأقنان لا يساوون شيئا.. ولا ثمن لحياتهم سوى براميل تلقى عليهم من الجو.. أو شبيحة تتصيدهم من الأرض.. وفيتو روسي أو صيني يحمي رأس القاتل.. ويمكنه من مزيد من الفرص.. لينجز مهمته التاريخية.. مهمة المقاومة والتصدي!! ^^^ إن مجموع ما ألقي على المدن والقرى السورية من براميل.. يفي بالحاجة ويزيد لتحرير الجولان.. ليس مرة واحدة.. بل ألف مرة.. وما كدس من سلاح مدة أربعين عاما من حكم آل الأسد.. يكفي لتطهير كل الأرض العربية المحتلة ويفيض.. غير أن البراميل المعبأة محليا.. ومنظومة السلاح الروسي المستورد.. والمدد القادم من إيران.. كان كله يعد لهذه اللحظة الفارقة.. اللحظة التي ينتفض فيها الشعب المضطهد.. سائلا حريته وكرامته. إن كل شيء في سوريا مباح.. حتى إزالة سوريا ذاتها من الخارطة.. أما أن تشوى أجساد الأطفال بنار البراميل النفطية.. فهو لا شيء.. فقد شويت أجساد آبائهم في «حماة» من قبل.. ولم يفعل العالم شيئا.. فحارس إسرائيل بعنوان الممانعة.. جدير بالحماية من الغرب ومن الشرق.. ومن إيران.. هذه الجمهورية الإسلامية الثورية العظمى!! إن سقوط النظام الدموي في سوريا.. مسألة يقينية.. ولا جدال في هذا.. فسنن الله لا تنكفئ.. والشعوب الثائرة لا تنهزم.. قد تخذل من قبل هذا الطرف أو ذاك.. لكنها في الختام لا تخسر المواجهة.. يسقط الديكتاتور.. ويتحلل نظامه.. ويكتب التاريخ.. أنه في هذا المكان بالذات.. وفي هذا الزمان بالتحديد.. عاش ومات.. أو قتل.. ديكتاتور فظيع.. ليس أفظع منه كاليغولا أو هولاكو.. خاض حرب البراميل ضد شعبه.. فلما استنفد ما لديه من سلاح.. فجر رأسه.. ونزل إلى الجحيم.. (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ – 42 مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء 43 إبراهيم).