قتل 17 شخصا وجرح العشرات في مواجهات بمدينة بنغازي شرق ليبيا بين كتيبة تابعة لوزارة الدفاع ومتظاهرين مسلحين، بينما طرد متظاهرون مليشيا أنصار الشريعة من آخر قاعدة رئيسية لها في بنغازي فجر أمس، بعد انتفاضة شعبية داعمة للحكومة. وهاجم مئات من المتظاهرين -بينهم عدد كبير من الرجال للمسلحين- المقر العام لكتيبة راف الله الشحاتي، ودارت معارك بالأسلحة الخفيفة والصواريخ بين الطرفين لمدة ساعتين قبل أن تقرر الكتيبة إخلاء المكان. وقال طبيب في مستشفى الهواري -فضل عدم الكشف عن هويته- إن ثلاثة أشخاص قتلوا، وأضاف « تلقينا أيضا عشرين جريحا» . وهاجم المتظاهرون هذا المقر العسكري الواقع في مزرعة بمنطقة الهواري (15 كلم من وسط بنغازي)، واستولوا على أسلحة وذخائر ومعدات معلوماتية. وفي الأثناء، قال شهود من رويترز إن مليشيا أنصار الشريعة الإسلامية الليبية طردت من آخر قاعدة رئيسية لها في بنغازي في الساعات الأولى من صباح أمس، بعد انتفاضة شعبية داعمة للحكومة. وقال المتحدث باسم أنصار الشريعة يوسف الجهاني إن قائد الميليشيا أعطى تعليماته للأعضاء بإخلاء قواعدهم وتسليمها لسكان بنغازي، مضيفا أن الجماعة تحترم وجهة نظر سكان بنغازي ولذلك أخلت القواعد للحفاظ على الأمن. وخرج أشخاص يحملون أسلحة من المجمع الذي تركه المقاتلون، وصفق الرجال وهم يرددون هتافات ضد مليشيا أنصار الشريعة. وقال شاب « دخلنا المعسكر ولم نجد أحدا» . وأوضحت تقارير أن مواطنين ليبيين كانوا يتظاهرون ضد الكتائب المسلحة في بنغازي، اقتحموا ثلاثة مقرات تابعة لكتيبة أنصار الشريعة، مضيفة أن المتظاهرين أضرموا النيران في إحدى السيارات التي كانت تقف في باحة المقر الرئيسي للكتيبة، قبل أن يقوموا بتسليم المقرات الثلاثة للشرطة. ونزع المتظاهرون الذين كانوا يهتفون « ليبيا.. ليبيا» رايات مليشيا أنصار الشريعة، وأضرموا النار في عربة داخل المجمع، وهو القاعدة الرئيسية لهذه الجماعة في بنغازي. ووجه البعض أصابع الاتهام لكتيبة أنصار الشريعة في الهجوم الذي استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي يوم 11 من الشهر الجاري، وأسفر عن مقتل أربعة أمريكيين بينهم السفير في ليبيا كريستوفر ستيفنز. من ناحية أخرى، عاد الهدوء الحذر إلى مدينة بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية، بعد موجة من أعمال العنف شهدتها على أثر اقتحام المئات من المتظاهرين لمقرات عدد من كتائب وسرايا المحسوبين على الثوار. وأكد شهود عيان أن معظم شوارع المدينة شهدت حركة عادية بعد المظاهرة الحاشدة التي شهدتها مساء أول أمس بمشاركة الآلاف من سكانها، والتي طالب فيها المتظاهرون بقوة بنزع كافة الأسلحة وحل الكتائب المسلحة للثوار وبسط سيادة الدولة عن طريق تدعيم وتفعل المؤسستين الأمنية والعسكرية. وقال الشهود، إنه بعد مظاهرة مسائية سلمية وحضارية عبر خلالها المتظاهرون عن مطالبهم المشروعة، قام المئات منهم في ساعة متأخرة من الليلة الماضية باقتحام عدد من الكتائب المسلحة غير المنضوية تحت شرعية المؤسسات الرسمية في المدينة سرعان ما امتدت إلى بعض الكتائب التابعة لرئاسة الأركان ووزارة الداخلية. وأضافوا أن المتظاهرين اقتحموا كتيبة أنصار الشريعة التي أثيرت حولها الشبهات بالهجوم على القنصلية الأمريكية ما أدى الى مقتل السفير و3 من رفاقه الدبلوماسيين، غير أن أفراد هذه الكتيبة التي لم تنضم إلى المؤسسات الرسمية انسحبوا أمام غضب المتظاهرين وتوجهوا مع أسلحتهم من الباب الخلفي إلى مكان غير معلوم. ووجه رئيس المؤتمر الوطني العام يوسف المقريف، ورئيس الحكومة المنتخبة مصطفي أبو شاقور، ورئيس الأركان اللواء يوسف المنقوش، خطابات إلى المتظاهرين دعوهم فيها إلى ضبط النفس والتفريق بين الكتائب التي تتبع الجهات الرسمية في الدولة وبين الكتائب والسرايا الأخرى التي ليس لها علاقة بهذه الجهات، مشيرين إلى أن كتيبتا السحاتي ودرع ليبيا يتبعان للمؤسسات الرسمية للدولة وينفذان تعليماتها. وكان المتظاهرون أمهلوا في بيان لهم المؤتمر الوطني العام والحكومة الانتقالية مدة أسبوع لتحقيق مطالبهم أو عودتهم إلى الشوارع من جديد لتصحيح مسار « ثورة 17 فبراير» التي أسقطت نظام معمر القذافي من جديد.