ونظرا لأهمية وحساسية القطاع بالنسبة للمواطن، فإن الولاية أعطت أهمية بالغة لهذا الأخير، بإدراج هذا القطاع في قائمة الأولويات التي لا يجب الاستهانة بها من خلال الوقوف على كل ما يدور بالمؤسسات الاستشفائية والمؤسسات العمومية للصحة الجوارية، وكذا بعض الوحدات للقطاع الخاص. وللإشارة فإن الخريطة الصحية لولاية تيبازة تتكون من 4 مؤسسات عمومية استشفائية ضمانا لتنظيم العمليات الاستشفائية، بالإضافة إلى 4 مؤسسات عمومية للصحة الجوارية تضمن خدمات دائمة ومستمرة، والتي تعتبر أولوية في حق العلاج القاعدي من خلال تقريبها من المواطن عن طريق مجموعة هياكل صحية.
جملة من المشاكل في التجهيزات والتأطير والخدمات
خلال السنوات الأخيرة تم تدعيم مختلف المؤسسات الاستشفائية بتجهيزات حديثة ومتنوعة تتماشى مع متطلبات الخدمات الصحية، وهذا عن طريق تسجيل برامج لهذا الغرض عبر مختلف المخططات التنموية، حيث شهد تحسنا في تقديم نوعية الخدمات على مستوى مخابر التحليل، غير أنها لا تستطيع استيعاب الطلب المتزايد عليها وكذا مصلحة الأشعة الخاصة بالمؤسسات الاستشفائية بالقليعة التي تقدم خدمات جيدة من حيث السرعة والنوعية بجهاز الاشعة الرقمي، ونأمل أن يتم تعميمه على مستوى المؤسسات الأخرى، غير أنه سجلت عدة نقائص على غرار وجود تجهيزات طبية خاصة بتحاليل الدم على مستوى مصلحة التحاليل الطبية بالمؤسسة الاستشفائية بقوراية غير مستغلة بالاضافة إلى قدم بعض التجهيزات مثل الأسرة على مستوى المؤسسات الاستشفائية بحجوط والقليعة، مما يتطلب العمل على تعويضها بأخرى حديثة، ووجود جهاز كشف بالأشعة معطل على مستوى المؤسسة العمومية الاستشفائية بسيدي غيلاس. ولأن الغاية من إنجاز الهياكل الصحية وتوفيرها هو الوصول إلى تقديم خدمات صحية جيدة، إلا أنه في ظل قلة التأطير بمختلف اختصاصاته تبقى الخدمات الصحية داخل المؤسسات الاستشفائية ناقصة، بالإضافة إلى انعدام مصلحة طب أمراض وجراحة الأعصاب على مستوى الولاية، مما أدى إلى تحويل العديد من المرضى خارج الولاية، وفيما يخص طب النساء والتوليد فلا يزال المشكل مطروحا بالنظر إلى كثرة التحويلات خارج الولاية وخاصة أيام العطل، ضف إلى غياب مصالح طب الأذن، الأنف والحنجرة بالمؤسسات الاستشفائية بالجهة الوسطى والغربية للولاية، مع العلم أن ولاية تيبازة تعرف انتشارا واسعا لهذا النوع من الأمراض بحكم طبيعة المناخ، ناهيك عن انعدام بعض التخصصات مثل طب العيون، أمراض القلب وأمراض الجلد، الأمر الذي يؤدي إلى تباعد مواعيد الفحص ولعل أبرز مشكل يواجهه مرضى الولاية هو انعدام وسائل الاستكشاف على مستوى هذه المؤسسات، حيث يتم تحويل بعض المرضى إلى ولايات مجاورة لاستكمال التشخيص مع نقص المتابعة الطبية لبعض الأمراض المزمنة كداء السكري، أمراض القلب، داء المفاصل والربو كما تشهد المؤسسات نقصا في المناوبة المتخصصة وعدم التنسيق فيما بينها، إضافة إلى نقص الاعلام ما أدى إلى تحويل المرضى خارج الولاية مع عدم التكفل بهم في غالب الأحيان إلى مصلحة الاستعجالات الطبية على مستوى المؤسسة الاستشفائية بقوراية، الأمر الذي أدى إلى وجود ضغط كبير في قسم الاستعجالات بالعيادة المتعددة الخدمات بقوراية ونظرا لمحدودية إمكانيات هذه الأخيرة فإنه يتم تحويلهم غالبا إلى مؤسسات استشفائية أخرى. كما تشهد هذه الأخيرة غياب تام لمركز الشرطة بغرض توفير الأمن داخل المؤسسة الاستشفائية بسيدي غيلاس خاصة وقوراية، وافتقار مستشفى حجوط إلى شبكة المياه المضادة للحرائق. وما يمكن تسجيله أيضا هو نقص المياه الصالحة للشرب من حيث التزويد والتخزين بمستشفى حجوط وسيدي غيلاس، كما لاحظت اللجنة حسب مصدر مسؤول الضغط الكبير المتواجد في مصلحة أمراض النساء والتوليد بمستشفى سيدي غيلاس، الناجم أساسا عن التحويلات الوافدة من دائرتي قوراية والداموس مع العلم أن هذه الأخيرة تتوفر على كل المرافق بما فيها 4 سكنات وظيفية شاغرة وتجهيزات خاصة بهذه المصلحة إضافة إلى وجود أخصائيين اثنين، ومن هنا فقد بات من الضروري العمل على تفعيل هذه المصلحة قصد تخفيف الضغط، من جهة أخرى يوجد اكتظاظ على مستوى مصلحة جراحة العظام والرضوض بمستشفى سيدي غيلاس مع العلم أن هذه الأخيرة لا تتوفر على الامكانيات المادية والبشرية اللازمة لهذا الغرض، وعلى هذا الأساس يستوجب التفكير في ايجاد الحلول المناسبة، كما تبقى المؤسسة العمومية المتواجدة بحجوط بحكم موقعها الجغرافي والضغط المتزايد عليها، تشوبها ملاحظات من كل النواحي غياب النظافة، سوء الخدمات والاستقبال، رغم كبر الخدمات التي تقدمها.
انتعاش محسوس ولكن ....؟ عرف قطاع الصحة بالولاية انتعاشا محسوسا خلال العشرية الماضية، بحكم ارتباطه المباشر بحياة المواطنين ومسايرته للمخطط الوطني لإعادة التأهيل ومطابقة الهياكل للمعايير المعمول بها، حيث استفاد القطاع من أغلفة مالية جد معتبرة مكنته من تحسين وتطوير بعض المؤشرات وذلك من خلال إنجاز وتجهيز عدة هياكل صحية بالإضافة إلى إدراج عمليات إعادة تأهيل مرافق ومصالح مختلفة. ومن البرامج التي انتهت الأشغال بها العيادة المتعددة الخدمات بحجوط، مركز حقن الدم بتيبازة، مركز وسيط لعلاج الدم بسيدي غيلاس ومركزين صحيين بكل من مسلمون وسيدي راشد، وتدخل أغلب هذه المشاريع ضمن المخطط الخماسي 2005-2009 الذي استفادت منه الولاية، حيث تشكل دعما إضافيا للخريطة الصحية. أما المشاريع التي تبقى قيد الانجاز نجد مستشفى الأمراض العقلية بالناظور الذي يتوفر على 120 سرير، حيث يعد من المشاريع الهامة التي استفادت منها الولاية باعتباره سيساهم بقسط كبير في التكفل بالمرضى، وقد قدّرت نسبة تقدم الأشغال به 50 بالمائة، أما مصلحة الاستعجالات الطبية بشرشال فوصلت نسبة تقدم الأشغال بها إلى 25 بالمائة منذ أن سجل سنة 2009، كما يتم إعادة الاعتبار لكل من مصلحة أمراض السرطان بسيدي غيلاس ومصلحة التوليد بالقليعة، إلا أن الأشغال بهما متوقفة بنسبة لا تتجاوز 35 بالمائة ونظرا للضغط الكبير المسجل على مستوى هذه المصالح فانه بات من الضروري بذل الجهد اللازم للوصول إلى استلامهما. وعن البرنامج الجديد 2010-2014 فإنه يضم عمليات جد هامة تهدف إلى تدعيم المنظومة الصحية بالولاية من كل جوانبها، والمساهمة في رفع الضغط المسجل على المستشفيات، كما أنه يعمل على امتصاص العجز في التأطير الخاص بالسلك الشبه طبي عن طريق التكوين، بالإضافة إلى عمليات ترمي إلى تدعيم وتطوير الصحة الجوارية من خلال انجاز وتهيئة الهياكل الصحية. للاشارة فإن الولاية استفادت من عدة عمليات خلال هذه السنة ترمي أساسا إلى تدعيم مختلف الهياكل الصحية بالتجهيزات الضرورية على غرار المخبر الولائي الذي يكتسي أهمية بالغة، من حيث مساهمته في توفير خدمات كثيرة خاصة بالجانب الوقائي ومصلحة المساعدة الطبية الاستعجالية الذي سيساهم في تغطية العجز المسجل فيما يخص تحويل الحالات المرضية الصعبة في أحسن الظروف.
وبخصوص عملية التلقيح فإن النتائج المسجلة تعبر عن المجهودات المبذولة من طرف السلطات العمومية في تجسيد السياسة الوطنية في مجال الوقاية الصحية، من خلال توفير كل الوسائل اللازمة وبتظافر جهود عمال القطاع وقصد المحافظة على هذه الوتيرة وجب تذليل بعض الصعوبات التي تعترض المواطن منها تنقله من المناطق الريفية لمسافة طويلة قصد اجراء هذا التلقيح بالإضافة إلى المعاناة التي يلقاها جراء طول الانتظار، الأمر الذي يتطلب العمل على إيصال هذه الخدمة إلى المناطق النائية عن طريق تفعيل حملات التلقيح. في حين تبقى المجهودات المبذولة لمحاربة أمراض الالتهاب التنفسية الحادة غير كافية، بوجود بعض المظاهر السلبية داخل المحيط العمراني. أما برنامج محاربة أمراض ووفيات الأمومة والطفولة، فيبقى من الضروري توفير المزيد من الامكانيات المادية والبشرية من أطباء مختصين، أطباء الأطفال، القابلات والهياكل الضرورية للمتابعة الجادة والصارمة للحوامل من بداية الحمل إلى غاية الولادة، وتنظيم حملات تحسيسية في الوسط الريفي والحضري.
الصحة المدرسية في تدني مستمر
تعاني الصحة المدرسية من ركود كبير، سيما في التجهيزات التي تبقى قديمة واقتصار هذه الوحدات على الفحص والاحصاء دون تقديم الخدمات اللازم، في ظل غياب وحدات الكشف والمتابعة في المؤسسات التعليمية لدى البلديات التالية بني ميلك، اغبال، حجرة النص وقوراية، مما يتطلب العمل من خلال فتح وحدات بها وذلك في اطار ما تم تسجيله خلال البرنامج الخماسي الحالي لفائدة قطاع التربية. ويشير نفس المصدر عن وجود نقص في توفير بعض المستلزمات الطبية الضرورية في مختلف الوحدات وبُعد وحدات الكشف والمتابعة عن المؤسسات التربوية على مستوى بعض البلديات النائية، مما يتطلب العمل على توفير وسائل نقل المتمدرسين للفحص وكذا التكفل بإطعامهم.
18 بالمائة نسبة التغطية الطبية بالولاية
يُعتبر طب العمل ضرورة حتمية، حيث يضمن للعمال أحسن الشروط في مجال الوقاية الصحية وبهذا يتعين على المؤسسات الاقتصادية الخاصة والعمومية ضمان طب العمل لكل المستخدمين وفقا للنصوص القانونية والتنظيمية المعدة في هذا الشأن، لا سيما القانون رقم 07-88 المؤرخ في 26 جانفي 1988 المادتين 03 و13 منه، وكذا المرسوم التنفيذي رقم 93-120 المؤرخ في 15 ماي 1993 المتعلق بتنظيم طب العمل. ومن خلال الأرقام المقدمة، تبين أنه من أصل 1481 مؤسسة مسجلة سنة 2010، يوجد ما يقارب 168 مؤسسة مسجلة في طب العمل أي بنسبة 11.40 بالمائة وبالنظر إلى عدد العمال فإن المسجلين خلال نفس السنة يقدر ب 20322 عاملا لم تتعدى التغطية الطبية منهم إلا 3709 عاملا أي بنسبة 18,25 بالمائة، كما أن عدد المؤسسات المتعاقدة في هذا الاطار محدود جدا.
ومشكل النظافة لا يزال مطروحا
كشف مصدر مسؤول من مديرية الصحة أن عامل النظافة لا يزال مطروحا، وهذا راجع أساسا لقلة عدد المستخدمين والمناصب المالية المفتوحة لهذا الغرض، مما يؤدي إلى الاعتماد على التوظيف عن طريق التعاقد، بالإضافة إلى قدم بعض البنايات والهياكل التي لا تلبي الشروط الضرورية للمحافظة على نظافة المؤسسة ناهيك عن تراكم بقايا الأجهزة والأدوات الغير صالحة (كراسي، خزانات، طاولات، أسرة)، بمحيط المؤسسات، مما يُساعد على تكاثر القوارض، الأمر الذي قد يؤدي إلى انتشار بعض الأمراض وتشويه منظر المؤسسة.
وضعية التسيير ومعالجة النفايات لا ترقى إلى المستوى المطلوب
تنتج المؤسسات الاستشفائية بولاية تيبازة كميات كبيرة من النفايات الطبية يوميا، ما يعادل 1 كغ في اليوم بالنسبة للمؤسسات الاستشفائية و1كغ للحصة الواحدة في تصفية الدم لمرضى القصور الكلوي أي ما يعادل 6 كغ لكل مريض في الأسبوع و900 غرام لكل عملية ولادة، وانطلاقا من هذه المعطيات فإن حجم الكمية المنتجة يوميا للقطاع العام فقط تفوق حوالي 1 طن يوميا أي ما يقارب 400 طن سنويا، وفي غياب التسيير المحكم لهذه النفايات تبقى الكمية المنتجة للقطاع الخاص غير معروفة واعتمادا على المبدأ الذي يحدد مسؤولية معالجة النفايات على عاتق المنتج، وضعت الدولة مجموعة نصوص تنظيمية متعلقة بتسيير وإزالة النفايات الناتجة عن النشاطات العلاجية، فالنفايات تشكل خطرا في كل مراحل المعالجة من إنتاجها حتى المعالجة النهائية وبالنظر إلى ما سبق ذكره تبقى وضعية الصحة والمعالجة في ولاية تيبازة دون المستوى المطلوب، وهذا راجع إلى عدم احترام المقاييس المعتمدة في فرز هذه النفايات على مستوى أغلب أماكن العلاج وعدم توفر أماكن مخصصة لوضع وتكديس هذا النوع من النفايات مع بقائها لمدة تفوق المدة المحددة، بالإضافة إلى نقل النفايات بوسائل عادية تستعمل لأغراض أخرى. أما فيما يخص عملية إزالة هذه النفايات فإنه على مستوى الولاية يوجد ثلاث محادق *** داخل المؤسسات العمومية الاستشفائية بكل من القليعة، سيدي غيلاس وحجوط في وسط محيط عمراني محدثة أعمدة دخان وغازات تشكل خطرا على المرضى والسكان، كما تجدر الإشارة إلى لجوء بعض المؤسسات العمومية للصحة الجوارية والاستشفائية للتخلص من هذه النفايات في المفرغات العشوائية، بحيث يتم إزالتها بطرق تقليدية. ومن هنا فان المجهودات المبذولة من طرف القائمين على قطاع الصحة بالولاية، لا يمكنها لوحدها تحقيق الأهداف الموجودة ما لم ترفق بالوسائل البشرية المؤهلة والكافية مع تهيئة الظروف المناسبة لأداء الخدمة، من خلال تذليل الصعوبات وتوفير الامكانيات اللازمة للتكفل بالطلب على مستوى مختلف هياكل الصحة الجوارية وذلك قصد امتصاص الضغط المسجل في أغلب الهياكل الاستشفائية بالولاية.