الاتحاد الإفريقي يضع كامل ثقته في الجزائر كقوة " استقرار إقليمية    العلاقات التي تجمعنا "تاريخية خالصة" وهي " أصيلة متأصلة    الجزائر، بهذا المجال، ثمنت "عاليا" العنصر البشري وقيم الابتكار    تأكيد استعداد الجزائر لتكثيف جهودها لدعم الدول الإفريقية    قطاعه "يولي أهمية بالغة للرقمنة، والتسيير الإلكتروني"    الدفع الالكتروني ضمن طرق الدفع المقترحة لشراء الاضاحي    أمن ولاية الجزائر: حجز أكثر من 75 مليون سنتيم مزورة    حجز ما يقارب 3800 كبسولة من المؤثرات العقلية    افتتاح "قمة إفريقيا لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات 2025"    أنقرة تدعّم المقاربة الجزائرية لتسوية الأزمات الإقليمية    ملف الذاكرة قضية أمة.. وليس ريعا استعماريا    نتيجة مخيبة ل"السي يا سي"    التجسيد الفوري لتوجيهات الرئيس يسرّع الاستثمارات    تنظيم وتحيين الإطار القانوني لتجنيد قدرات الدولة    وضعية مقلقة لمنصف بكرار في البطولة الأمريكية    عودة الرحلات التجارية ل"تليفيريك" قسنطينة    54 مشروعا جديدا لتوصيل الألياف البصرية إلى المنازل    الرابطة تنظم إلى "الفاف".. تحذر الأندية وتتوعد بعقوبات شديدة    وزير الخارجية التركي: الجزائر إحدى ضمانات الاستقرار في المنطقة    الجزائر تمنح الإبداع حضورا مميزا    نوتات عابرة للحدود.. من طوكيو إلى القاهرة مرورًا بسيول    صناعة الألواح الشمسية: مجمع "لونجي" الصيني يبدي اهتمامه بالاستثمار في الجزائر    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    وفد برلماني يزور فيتنام لتعزيز التعاون بين البلدين    أجال اقتناء قسيمة السيارات تنتهي نهاية أفريل    تمكين زبائن "بريد الجزائر" من كشف مفصّل للحساب    مواعيد جديدة لفتح أبواب جامع الجزائر    جيش الاحتلال يواصل جرائم الإبادة الجماعية بحق المدنيين.. استشهاد 10 فلسطينيين جراء استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة    المغرب: تنديد حقوقي بالتضييق على مسيرتين بالدار البيضاء و طنجة رفضا لاستقبال سفن محملة بأسلحة إبادة الفلسطينيين    اليمن يُهاجم هدفين إسرائيليين في الأراضي المحتلة..استهداف حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" والقطع التابعة لها    "براغ تلتقي بالجزائر .. رحلة سينمائية وإبداعية" : لقاء سينمائي دولي لتعزيز التبادل الثقافي وتطوير الكفاءات    الصين : بكين تعارض إبرام دول أخرى صفقات مع واشنطن على حسابها    كرة القدم/الرابطة الأولى موبيليس: الكشف عن التشكيلة المثالية للجولة    ورقلة..برنامج هام لتدعيم شبكات توزيع الكهرباء في الصيف المقبل    بوغالي يعزي في وفاة عضو مجلس الأمة البروفيسور وليد العقون    كرة القدم / الرابطة الأولى موبيليس - الجولة ال24 : تأجيل لقاء شبيبة الساورة - اتحاد الجزائر إلى يوم السبت 26 أبريل    وفاة الفنانة بادي لالة عميدة فن التيندي    وزارة التربية تعكف على وضع استراتيجية لتحسين ظروف الدراسة في المؤسسات التعليمية    الشباك الوحيد وهيئتا التصدير والاستيراد: اضفاء شفافية أكبر على الاستثمارات وتعزيز مكانة الجزائر الاقتصادية دوليا    مكافحة المعلومات المضللة : الاتحاد الإفريقي يجدد اشادته بدور الجزائر الريادي في مكافحة الإرهاب    صناعة صيدلانية: رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية و ضبط تسويقها    سِباق مثير بين المولودية وبلوزداد    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51240 شهيدا و116931 جريحا    مؤتمراتحاد عمال الساقية الحمراء ووادي الذهب: التأكيد على مواصلة النضال لتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الصحراوي    العنف يُخيّم على الكرة الجزائرية مجدّداً    قسنطينة : اختتام الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي    موضوع ندوة علميّة : إبراز جهود جمعيّة العلماء المسلمين في النّهوض بالمرأة والأمّة    توثيق جديد للفهد "أماياس" بشمال الحظيرة الثقافية للأهقار    انطلاق تظاهرة شهر التراث    توعية النواب حول مخاطر اختراق الهواتف النقّالة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    صادي يجتمع بالحكام    سايحي: "تطوير مصالح الاستعجالات " أولوية قصوى"    تسهيل وتبسيط الإجراءات أمام الحجّاج الميامين    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين

تكريمًا للرفعة والمنزلة، وتتويجًا للفضل والعطاء، وتقديرًا للدور العظيم في مسيرة الدعوة الإسلامية، جاءت الكنية"أُمَّهات المؤمنين" لتكون وسامًا على صدور زوجات رسول اللهاللائي تزوَّج بهن، وذلك في نحو قوله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ [الأحزاب: 6]، وكان الهدف من إطلاق هذه الكنية عليهن تقرير حرمة الزواج بهن بعد مفارقتهلهن، وهو الحكم الوارد في قوله تعالى: وَمَاكَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُواأَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِعَظِيمًا [الأحزاب: 53].
وقبل الحديث عنأمهات المؤمنين الطاهرات، وحكمة الزواج بهن، نردُّ على شبهةٍ سقيمة طالما أثارها أعداءالإسلام من الصليبيين الحاقدين والغربيين المتعصِّبين بين الحين والآخر،يريدون بذلك النيل من نبي الإسلام، ومفادها أن النبيكان شهوانيًّا محبًّا للنساء، ساعٍ في قضاء شهوته ونيل رغباته منهن، وذلك استنادًا إلى تعدُّد زوجاته!
والحقيقة التي لا مراء فيها أن الرسوللم يكن رجلاً شهوانيًّا، وإنما كان بشرًا نبيًّا، تزوَّج كما يتزوَّج بنو الإنسان، وعدَّد كما عدَّد غيره من الأنبياء، ولم يكنبِدْعًا من الرسل حتى يخالف سُنَّتَهم أو ينقض طريقتهم، قال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرّيَّةً [الرعد: 38]. وليس أوضح في ذلك ممَّا جاء في التوراة من أن سليمانu-على سبيل المثال- تزوَّج مئات من النساء.
فليس غريبًا ولا عجيبًا أن يحبَّ الرسولالمرأة ويقيم معها عَلاقة طبيعيَّة وَفق ضوابط تشريعيَّة عظيمة، يقولالعقاد: "ونحن قبل كل شيء لا نرى ضيرًا على الرجل العظيم أن يحبَّ المرأةويشعر بمتعتها، هذا سواءٌ في الفطرة لا عيب فيه، وهذه النفس السويَّةيمكننا أن نفهمها بجلاء حين نرى أن المرأة لم تشغله عما تشغل المرأة الرجلالمفرط في معرفة النساء عن مهامِّ الأمور والقيام بالأعباء الجسام... فمهماقال هؤلاء فلن يستطيعوا أن ينكروا أن محمدًا قد حقَّق ما لم يحقِّقه بشرقبله ولا بعده، لم يشغله عن هذا شيء، لا امرأة ولا غير امرأة، فإن كانتعظمة الرجل قد أتاحت له أن يعطي الدعوة حقَّها، ويعطي المرأة حقَّها،فالعظمة رجحان وليست بنقص، وهذا الاستيفاء السليم كمال وليس بعيب"
وبدراسة حياته وسيرتهنجد أن زواجه من أُمَّهات المؤمنين كان بعيدًا كل البعد عن الاستسلامللنزوات الجنسيَّة والانغماس باللَّذة، على عكس ما ذهب إليه المستشرقونالمغرضون، يقول العقاد: "قال لنا بعض المستشرقين: إن تسع زوجات لدليل علىفرط الميول الجنسيَّة. قلنا: إنك لا تصف السيِّد المسيح بأنه قاصرالجنسيَّة لأنه لم يتزوَّج قطُّ، فلا ينبغي أن تصف محمدًا بأنه مفرطالجنسيَّة لأنه جمع بين تسع نساء"
ولو أمعنَّا النظر في سيرتهفي مرحلة ما قبل الزواج لوجدنا أنه كان مثالاً في العفَّة والطهارة، وأمَّا بعد الزواج فنجد أنهلم يُعَدِّد زوجاته إلاَّ بعد أن تجاوز خمسين عامًا من عمره، كما نجد أن جميع زوجاته الطاهرات كُنَّ ثيبات (أرامل)، ما عداالسيدة عائشة -رضي الله عنها- فكانت بكرًا، وهي الوحيدة من بين نسائه التي تزوَّجهاوهي في حالة الصبا والبكارة.
ومن ذلك ندرك وبكل سهولة تفاهة هذه الشبهة، وبطلان ذلك الادّعاء الذي ألصقه أعداء الإسلام بالرسول؛ إذ لو كان المراد من الزواج هو الشهوة أو مجرَّد الاستمتاع بالنساء لتزوَّجفي سنِّ الشباب لا في سنِّ الشيخوخة، ولكان تزوَّجَ الأبكار الشابَّات لا الأرامل المسنَّات.
ولا شكَّ أن هذا يدفع كل تقوُّل وافتراء، ويدحض كل شبهة وبهتان، ويردُّ على مَن يريد أن ينال من قدسية الرسولأو يشوِّه سمعته، فما كان زواج الرسول بقصد الهوى أو الشهوة، وإنما كانلحِكَمٍ جليلة، وغايات نبيلة، وأهداف سامية سنعلمها في حينها، تتلخَّص فيالتضحية العظيمة، ومصلحة الدعوة والإسلام.
وقد شهد ببطلان تلك الشبهة المنصفون الغربيون، فها هو لايتنريقول: "لما بلغالسنة الخامسة والعشرين من العمر تزوَّج امرأة عمرها أربعون عامًا، وهذهتشابه امرأة عمرها خمسون عامًا في أوربا، وهي أوَّل من آمن برسالتهالمقدَّسة... وبقيت خديجة -رضي الله عنها- معه عشرين عامًا لم يتزوَّجعليها قَطُّ حتى ماتت. ولما بلغ من العمر خمسًا وخمسين سنة صار يتزوَّجالواحدة بعد الأخرى، لكن ليس من الاستقامة والصدق أن ننسب ما لا يليق لرجلعظيم صرف كل ذاك العمر بالطهارة والعفاف، فلا ريب أن لزواجه بسنِّ الكبرأسبابًا حقيقية غير التي يتشدَّق بها كُتَّاب النصارى بهذا الخصوص، وما هيتلك الأسباب يا تُرى؟ ولا ريب هي شفقته على نساء أصحابه الذين قُتِلُوا..."
وتقول الكاتبة الإيطالية لورافيشيا فاغليري"إن محمدًا طَوَال سنين الشباب التي تَكُون فيها الغريزة الجنسيَّة أقوىما تكون، وعلى الرغم من أنه عاش في مجتمع كمجتمع العرب، حيث كان الزواجكمؤسسة اجتماعية مفقودًا أو يكاد، وحيث كان تعدُّد الزوجات هو القاعدة،وحيث كان الطلاق سهلاً إلى أبعد الحدود، لم يتزوَّج إلاَّ من امرأة واحدةليس غير؛ هي خديجة التي كانت سنُّها أعلى من سنِّه بكثير، وأنه ظلَّ طَوَالخمس وعشرين سنة زوجها المخلصَّ المحبَّ، ولم يتزوَّج مرَّة ثانية وأكثر منمرَّة إلاَّ بعد أن تُوُفِّيت خديجة، وإلاَّ بعد أن بلغ الخمسين من عمره. لقد كان لكل زواج من زواجاته هذه سبب اجتماعي أو سياسي؛ ذلك بأنه قصد منخلال النسوة اللاتي تزوَّجهن إلى تكريم النسوة المتَّصفات بالتقوى، أو إلىإنشاء عَلاقات زوجيَّة مع بعض العشائر والقبائل الأخرى؛ ابتغاء طريق جديدلانتشار الإسلام، وباستثناء عائشة ليس غير، تزوج محمدمن نسوة لم يَكُنَّ لا عذارى، ولا شابَّات، ولا جميلات، فهل كان ذلكشهوانية؟ لقد كان رجلاً لا إلهًا، وقد تكون الرغبة في الولد هي التي دفعتهأيضًا إلى الزواج من جديد؛ لأن الأولاد الذين أنجبتهم خديجة له كانوا قدماتوا. ومن غير أن تكون له موارد كثيرة أخذ على عاتقه النهوض بأعباء أسرةضخمة، ولكنه التزم دائمًا سبيل المساواة الكاملة نحوهن جميعًا، ولم يلجأقَطُّ إلى اصطناع حقِّ التفاوت مع أي منهن. لقد تصرَّف متأسِّيًا بسُنَّةالأنبياء مثل موسى وغيره، الذين لا يبدو أن أحدًا من الناس يعترض علىزواجهم المتعدِّد. فهل يكون مردُّ ذلك إلى أننا نجهل تفاصيل حياتهماليوميَّة، على حين نعرف كل شيء عن حياة محمد العائلية؟!"
وإذا ما انتفت تلك الشبهة فإنَّا نعود إلى أُمَّهات المؤمنين، زوجات النبي، نتعرَّف عليهنَّ، ونتناول سيرتهنَّ، ونبدأ بأوَّل امرأة تزوَّجها رسول الله، وهي شريفة قريش، وأمِّ المؤمنين: خديجة بنت خويلد رضوان الله عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.