يبدو ان مبدأ التسوية بين الجانب الاسرائيلي والفلسطيني قد تم دفنه من قبل الاحتلال الاسرائيلي والذي عمد مراراً وتكراراً الى انهاء حوار المفاوضات وقتل اي محاولة لارساء عملية السلام عبر نظام الابرتهايد والادوات العنصرية التي قتلت حلم الشعب الفلسطيني بتحقيق حلمه. اسرائيل عبر السنوات الماضية لم تُوقع اتفاقية واضحة المعالم تظهر ان للجانب الفلسطيني حق في ترسيخ وجوده عدا اوسلو والذي تميَز ببنوده غير الواضحة، بل ماطلت واستثمرت الوقت عبر بناء المزيد من المستوطنات واستكمال مشوار التهويد والتطهير العرقي في القدسوالضفة الغربية. وآخر قرار يتوجه به وزير الامن الداخلي الاسرائيلي جلعاد اردان لاقرار مشروع قانون يمنع السلطة الفلسطينية من اقامة اي انشطة في مدينة القدس، ويقضي بفرض عقوبات جنائية والسجن لمدة 3 سنوات على من يُشارك او يمول انشطة للسلطة في القدس، هذا الامر يؤكد سعي اسرائيل السيطرة على القدس الشرقية وشرعنة يهودية القدس ومنع اي مؤسسات وطنية ذات الطابع التاريخي والوطني والاسلامي والمسيحي لمدينة القدس بالعمل فيها وتذويبها والذي تهدف به التغيير الانثروبولوجي للقدس، والتغيير الطبوغرافي والديمغرافي للسكان، قتل اي محاولة تسعى لتحريك المفاوضات، شرعنة يهودية الدولة وترسيخ مبدأ التطهير العرقي. كما ان المبعوث الامريكي الى الشرق الاوسط جيسون غرينبلانت أيَد ما صرح به السفير الامريكي لدى اسرائيل ديفيد فريدمان بان اسرائيل لها الحق في ضم اجزاء من الضفة الغربية، ولكن على ارض الواقع فان اجزاء من اراضي الضفة الغربية هي اتوماتيكياً تم ضمها تحت السيادة الاسرائيلية عبر بناء المستوطنات، والسيطرة الفعلية على الاغوار الفلسطينية وتشديد الخناق على المواطنيين القريبين من مناطق سي والمستوطنات والاستمرار في مسلسل الهدم والتشريد. ولكن اذا تم الاعلان علناً وبشكل مباشر لاستكمال الضم الجزء الاخر وجعلها تحت السيادة الاسرائيلية والتي طالبت فيها نائبة وزير الخارجية الاسرائيلي “تسيبي حوتوبيلي” والتي دعت باستخدام مصطلح “السيادة” بدل “الضم”، فان هناك استراتيجيّة جديدة سيتم تفعيل المُقاومة في الضِّفة الغربيّة واتباع أُسلوبًا جديدًا وهو العمليات الفردية ومن المُتوقّع أن تتزايد وَتيرتها في الأسابيع والاشهر المُقبِلة اذا تم الاعلان عن ضم الضفة الغربية. التسوية مفهوم لا تقتنع به اسرائيل:- اسرائيل غير معنية تماماً بالتسوية مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، كما ان اسرائيل غير معنية بارساء تسوية بينها وبين حماس في غزة، وغير معنية بتوقيع اتفاقات مع اي طرف فلسطيني حتى لا تضع نفسها بموقف حرج امام العالم، اسرائيل معنية بابقاء الوضع كما هو، واسرائيل معجبة باسلوب التهدئة مقابل المال سواء في الضفة او القطاع، دون ابرام اتفاق تسوية او سلام او استكمال المفاوضات. اسرائيل بماذا تفكر الان:- تفكر اسرائيل الان بهذا السؤال وماذا بعد التحايل على الفلسطيني وشراء هدوئه مقابل المال؟ اسرائيل تفكر بايجاد مخرج تُقنع العالم به حتى لا تُوقَع مستقبلا باي اتفاق تسوية، عبر ايجاد جسم في الضفة الغربية تتهرب من خلاله من توقيع اتفاق سياسي، حيث ان وجود السلطة امام العالم جسم معتدل يُجبر اسرائيل على التفاوض. اسرائيل حاليا تريد تطوير الامارات الخليجية في الضفة بعد وفاة المصالحة ولم يعاود الحديث عن الملف بشكل جدي، سيتم افتعال مشاكل داخلية داخل حركة فتح وستستغل اسرائيل ذلك للتخلص منهم عبر تمكين المنافسين. سيتعاظم الدور الاسرائيلي في رسم سياسات الشرق الاوسط من خلال الانحياز الاميركي والمنطقة تحت الهيمنة الغربية من اجل حماية امن إسرائيل، وهذا فرَغ منطقة الشرق الاوسط من الهوية العربية والإسلامية لصالح إسرائيل ، وهذا سينعكس سلباً على القضية الفلسطينية. خلاصة:- من واقع تجارب فلسطينية سابقة يتضح ان تدحرج الامور نحو الانفجار في ظل المعطيات القائمة يمكن حدوثه في اي وقت واعتبار كل ما يحدث الان مقدمات لما سيتم لاحقا حين يتوفر الصاعق الذي يدخل المنطقة والقضية االفلسطينية في مواجهة ساخنة ومتغيرات غير مسبوقة. القضية الفلسطينية تعيش في اسوأ حالاتها نتيجة الصراع الاقليمي والدولي واضطرابه والذي أثر على عدم القدرة على حسم الصراع الإقليمي وبالتالي إطالة أمد الفوضى الإقليمية وبالتالي تهميش القضية الفلسطينية . على الصعيد الاسرائيلي يتعاظم اليمين المتطرف ويتمادى في برامج الاستيطان والتهويد وتغيير الواقع على الارض الفلسطينية بالضفة الغربية.