على الرغم من تأكيد وزير الاتصال، حسان رابحي، قبل يومين بأن موقف الجزائر من قضية الصحراء الغربية ثابت ولم يتغير، إلا أن هناك بعض المعطيات تزيد من تغذية حدة الشكوك حول سيرورة العلاقات الجزائرية المغربية، التي تعاني من أزمات مزمنة تعود إلى البدايات الأولى للاستقلال. فبعد الحوار الذي أدلى به الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، والذي خلف جدلا كبيرا في الأوساط الإعلامية والسياسية، كونه صدر عن مسؤول سابق تقلد منصبا غير عادي، وهو رئاسة المجلس الشعبي الوطني، وقاد حزبا عرف عنه بأنه واجهة السلطة، جاء خطابا صادرا عن مسؤول كبير في قطاع العدالة، ألا هو الرئيس الأول للمحكمة العليان عبد الرشيد طبي، ليزيد من وتيرة التساؤلات حول مستقبل العلاقات الجزائرية المغربية. رئيس المحكمة العليا وفي كلمة له باسم الجزائر أمام المئات من المسؤولين القضائيين الدوليين، قال إن ما يجمع الجزائر والمغرب أكثر مما يفرقهما: “إن ما يجمع الجزائر والمغرب من روابط دينية وثقافية ولغوية ومصير مشترك صاغ مشاعرنا الأخوية صياغة تفاعلية”. طبي غازل المغرب بقوله: “أو لم يكن المغرب أيها السادة الحضور الحصن الحصين لثورتنا العظيمة وسندها في جهادها الباسل حتى تحقيق الجزائر لنصرها ونيل حريتها وسيادتها؟..إن روابط الأخوة التي تجمع بين الشعب الجزائري والشعب المغربي الشقيق روابط ضاربة جذورها في أعماق التاريخ، متجذرة إنسانيا وروحيا وحضاريا، متجانسة جغرافيا، أو لسنا بناة حضارة خالدة واحدة؟”. واضح من خلال اللغة والأسلوب المستعمل من قبل رئيس المحكمة العليا، أنه يغازل المملكة المغربية من موقعه كضيف لديها، وهذا أمر طبيعي ومألوف من الناحية البروتوكولية، غير أن تزامن هذا الخطاب، الذي يأتي أياما قليلة بعد خطاب سعداني المثير للجدل، بشأن علاقة الجزائر بالمغرب يدفع على التساؤل حول ما إذا كان الأمر مجرد مصادفة طريفة، أم أن القضية لها علاقة بوجود تطورات غير معلن عنها على صعيد حلحلة الوضع بين الجزائر والرباط. بين الجزائر والمغرب العديد من المسائل العالقة، فالقضية الصحراوية واحدة من الملفات التي تسمم العلاقات الثنائية، لكن هناك من يقول بضرورة أن يتقارب البلدان في المسائل المتفق عليها، ويتركا المسائل التي تفرهما.. فهل نحن أمام تطور جديد بالفعل؟