ذهبت دعوات الإضراب الشامل، أدراج الرياح، كما ذهبت قبلها دعوات العصيان المدني، ولم يبق أمام المزايدين من وراء البحر، إلا وضع “الحناء” على الرأس، وشد الرأس بالمحارم. فلقد كان واضحا، أن مثل هذه الدعوات مجهولة المصدر، والتي تتحرك أطرافها بين لندن وباريس وبروكسل، يريد أصحابها تعلم لحفافة في رؤوس اليتامى، والوصول الى الحكم عبر استغلال مآسي الشعب، غير مبالين بأن المتضرر الأكبر في حال هكذا إضرابات شاملة، ليس النظام، ولا هو قايد صالح ولا بن صالح ولا بدوي أو غيرهم، إنما المتضرر الوحيد هم أبناء الشعب، وقد كان على الذين دعوا لهكذا إضراب أن يثبتوا أولا أنهم معنيون بانقطاع الخبز والحليب على أولادهم، وتوقف المواصلات على زوجاتهم، ثم بعد ذلك يمكن مناقشة الموضوع. هذا يعني: أن أي دعوات فارغة المحتوى من هذا القبيل، لن يلتفت إليها الشعب، والسبب ببساطة أن الشعب وعكس ما يروج له البعض، ليس كله ضد الانتخابات، بل قد يكون في نسبته الغالبة مع هذا التوجه، وحتى الذين يرفضون الانتخابات بدافع التشكيك في نزاهة الانتخابات فقط، وليسوا من دعاة المرحلة الانتقالية، أو أنصار المجلس التأسيسي، لا تعنيهم مثل هذه الدعوات، التي تصب في النهاية في صالح أعداء الوطن لا أكثر. كما يعني أن آخر خرطوش من سلسلة طلقات البارود العراسي قد تم استنفاذه، وما على أصحاب “اللايفات” اليومية، الا أن يبحثوا من الآن على شغل آخر، بعد إتمام عملية وضع الحناء على الرأس، ولو بإعادة فتح مخبزة أو دكان لبيع الملابس الداخلية.