لم تخل الخرجة الأخيرة لعبد المجيد شيخي، المكلف من قبل الرئيس عبد المجيد تبون، بمتابعة ملف الذاكرة مع الجانب الفرنسي من رسائل مشفرة لنظيره الفرنسي، بنجامان ستورا، الذي يستعد لوضع تقريره الشهر المقبل على طاولة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون. عبد المجيد شيخي، ألمح إلى وجود محدودية في التنسيق بينه وبين بنجامان ستورا، وذلك عندما أكد على أنه لم يلتق به إطلاقا، وأن ما كان من تواصل بين الرجلين، لم يتعد اتصالين عبر الهاتف فقط، وهذا يعتبر وفق المراقبين، انتقادا لطريقة العمل ومن ثم مؤشرا على احتمال عدم حصول التهدئة التي يبحث عنها ساكن قصر الإيليزي. ما قدمه بنجامان ستورا من مبررات على هذا الصعيد، يبقى في خانة "الأعذار"، كما جاء على لسان شيخي، بحجة أنه "يعد تقريرا بطلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولا يمكنه الحديث هذا الملف قبل تسليم هذا القرار إلى ماكرون. توظيف شيخي لعبارة "سوء النية" في إدارة هذا الملف من قبل الطرف الفرنسي، من شأنه أن يضع باريس تحت الضغط، ويدفعها إلى مراجعة مواقفها وحتى أساليبها الأحادية في العمل، إذا كانت تريد فعلا الوصول إلى أرضية توافق أو تهدئة كما قال ماكرون، في وقت سابق. شيخي عندما يؤكد على أنه "لا يمكن طي صفحة الماضي لأن ملف الذاكرة جزء لا يتجزأ من تاريخ الجزائر وأن الحوار هو الحل الأنسب لتهدئة الخواطر خاصة إذا تم استعمال القنوات المناسبة لإنجاح المفوضات"، فهي إشارة ضمنية إلى أن المشاكل التي تعاني منها العلاقات الثنائية، لا يمكن أن تحل بتقرير تقني ذو بعد تاريخي، وإنما عن طريق حوار سيادي بين المؤسسات المخولة في البلدين، يرافق ذلك التحرر من هيمنة اللوبيات المعادية للجزائر، والتي تسيطر على صناعة القرار في قصر الإيليزي. الرسالة الأخرى التي بعثها أيضا شيخي للجانب الفرنسي، هي التأكيد على أن اللجنة التي يقودها ليست مخولة للخوض في بعض الملفات العالقة المتعلقة بالذاكرة، مثل قضية الأرشيف المنهوب، وجماجم المقاومين الجزائريين المرمية في المتاحف والأقبية الفرنسية، والتي يسعى الطرف الفرنسي إلى توظيفها في مفاوضاته مع الطرف الجزائري، من أجل تحقيق بعض المكاسب في ملفات أخرى.