مما لا شك فيه أن كل بلدية من بلديات ولاية تيبازة استفادت من المحلات المهنية ،طبقا للقرار الذي اقره رئيس الجمهورية القاضي بإنشاء 100 محل بكل بلدية، و بعد مرور السنوات تم انجاز العديد منها حتى يستفيد شبابها منها خاصة الحاملين لشهادات مهنية و الحرفيين و بغية الخروج من دائرة البطالة التي اتسعت رقعتها في الولاية خلال السنوات الأخيرة ، فمنها ما فتحت و منها ما لا تزال مغلقة في أوجه المستفيدين و منها أيضا من رفضت بالنظر إلى مواقعها التي انشات بها ، الأمر الذي يدفعنا للتساؤل عن وضعيتها الراهنة و طرق بنائها سواء كان مقاولوها قد احترموا شروط البناء أم لا ، أو إن كانت ستساهم في تشغيل الشباب ؟ كثير ة هي التساؤلات التي طرحناها و لكن القليل من وجدنا لها الإجابة ، فعلى مستوى ولاية تيبازة و بمختلف بلدياتها، انشات مثل هذا النوع من المحلات المهنية و لكن اغلبها حسب ما صرح به المواطنون تموقعت في مناطق معزولة أو نائية أو حتى لا تحمل كثافة سكانية معتبرة ، مما أدى إلى عدم فتحها و بالتالي بقيت مجرد ديكور يتلاعب به المتسكعون الذين حولوها إلى مرتجع لتعاطي المخدرات و ممارسة الأفعال المخلة بالحياء بعد أن كانت من المزمع أن تحول إلى مصدر لجلب الأرزاق الوجه الآخر لمحلات الرئيس بلدية خميستي ، واحدة من البلديات التي استفادت من مشروع 100 محل، بعضها أنجزت بوسط المدينة و البعض الأخر في مناطق أخرى ، فعلى سبيل المثال ،إذا أخذنا وضعية المحلات التي تقع في الوسط الحضري نجدها شبه مهجورة ماعدا 3محلات استغلت من قبل شباب المنطقة، الأول خباز و الثاني يبيع المواد الاستهلاكية في حين فضل الآخر تحويله إلى مقهى الانترنيت ، و قد حاولنا التقرب منهم لمعرفة وضعيتها أثناء تسليمهم لها ، أين أكد جميعهم أنها لم تكن تتوفر على الضروريات كالكهرباء ، الغاز و الماء ، حتى أن عملية البناء لم تكن مكتملة و لكن و بالرغم من النقائص الموجودة فضل أصحابها إعادة تهيئتها و إكمال ما تبقى من النقائص حتى يشرعون في الخدمة ، أما عن مساحتها ،فقد صرحوا أنها جد ضيقة و لا تكفي لمزاولة بعض النشاطات التي تتطلب توفير أجهزة و وسائل و كذا تقنيات على غرار الرصاص ، الحلاقة ، الخياطة و المخبزة ، و لربما كان السبب في عزوف بعض مستفيديها عن فتحها ، فضلا عن حالة الإهمال التي تبدو عليها من المظهر الخارجي قبل الدخول إليها و رائحة البول التي تشم على بعد أمتار ، و في هذا الشأن، أكد صاحب مقهى الانترنيت و المدعو "حمزة .ب " ،عن تحولها إلى شبه مفرغة تتجمع فيها أنواع الفضلات التي يخلفها بعض الشباب ، سيما و أن الأبواب الرئيسية كسرت ، فلجأ إلى غلقها بطريقته الخاصة ، حتى تبقى نظيفة على الأقل ، مشيرا إلى عملية التنقية التي يقوم بها كل صباح قبل فتح محله رفقة المستفدين. من جهة ثانية ، بين المتحدثون من المستفيدين من المحلات، أنهم سبق و أن تقدموا بشكوى إلى مصالح البلدية كونها تابعة إليهم بغية إعادة ترميمها و إصلاح ما أفسده الدهر ، غير أن هذه الأخيرة لم تحرك ساكنا مما ساهم في ازدياد تدهورها، على الرغم من حاجة شباب المنطقة إليها ، بالمقابل يبقى العديد من مواطني المنطقة يبيعون وسط المدينة في وضعية فوضوية و بالقرب من مقر البلدية ، الامر الذي جعلهم يستغربون عن هذا التناقض الحاصل بالبلدية و كيف أن مصالحها و مسئوليها لم يفكروا في هذا الشأن بالرغم من أهميتها الاجتماعية في الحفاظ على محيط المنطقة من جهة و المساهمة في تشغيل الشباب من جهة أخرى؟. أما الشطر الآخر من المحلات المتواجدة في القرية، فبقيت لحد الساعة مغلقة بسبب العزلة التي تخيم على المنطقة و قلة سكانها، الأمر الذي يجعلنا نطرح السؤال لماذا بنيت هناك و من المستفيد الأكبر من ذلك ؟ فالكثير من الشباب الذين التقينا بهم ، أكدوا أنهم لا يحتاجون لأنها لا تلبي طلباتهم ، فقد كان من الممكن إنشاؤها بقلب المدينة بالنظر إلى الوعاءات العقارية التي تتوفر عليها . مجرد هياكل لاحياة فيها و نفس الشأن بالنسبة لبلدية القليعة، التي تحمل كثافة سكانية هائلة ، حيث يشتكي اغلب شبابها من المستفيدين و غير المستفيدين من مواقع المحلات التي أنجزت على تراب إقليمها خاصة المتواجدة بحي الملعب الاولمبي الذي لا يزال فتيا من ناحية السكان ، و قد بقيت تلك المحلات لحد الآن و حسب شهادات السكان عرضة للإهمال ، بسبب عدم استغلالها ، و بالنظر إلى انعدام شروط العمل فيها على غرار الكهرباء التي تعد من أساسيات الشغل و موقعها المعزول تماما عن حركة السكان . هذا و كان المواطنون قد أكدوا في تصريح" للجزائر الجديدة " ، أن موقعها لاقت رفضا من قبل شريحة من المواطنين تقيم على مستوى تلك المنطقة لانعدام النشاطات التجارية ، و هو نفس الكلام الذي أكده المستفيدون من المحلات و المقدر عددهم بأربعة أشخاص، حيث أكدوا أن مدخولهم جد ضعيف حتى أن احدهم فضل التنقل إلى السوق المتواجد بطريق وهران على بعد كيلومتر و نصف من موقع المحلات بعد أن وجد نفسه يتحصل على أضعاف ما كان يتحصل عليه في محله ، فيما بقيت باقي المحلات موصدة بالأسلاك في وجه المئات من الشباب البطال الذي يبقون بحاجة ماسة إليها ، بالمقابل تبقى تلك المحلات خالية من أي نشاط يساهم و لو بالقليل في الحصول على رزق بدل التسكع في الشوارع و القيام بأعمال السرقة التي تفشت بشكل كبير في البلدية ، التي احتلت المرتبة الثانية و الثالثة من حيث عمليات الإجرام حسب ما ذكره مصدر مسؤول . أما الواقعة بطريق فوكة ،بقيت مجرد ديكور يشاهده الذاهب و الراجع دون أن تفتح لفائدة شباب المنطقة ، و البالغ عددها 19 محلا ، لا يتوفر على أدنى مقومات العمل البسيط ، و مساحتها لا تكفي للقيام بأعمال عديدة سواء اليدوية أو التي تعتمد على الآلات . و نفس الوضع بالنسبة للمحلات المتواجدة بحي 350 مسكن ، حيث و على الرغم من قربه للمجمع السكني الذي يضم العشرات من السكان ، إلا أنها ظلت مغلقة لحد اليوم ، كما أن شبابها لا يزالون في انتظار تعليق قائمة المستفيدين التي وعدتهم بشأنها السلطات المحلية مبدين تخوفهم الشديد من أن تقدم على طبق لفائدة أصحاب "المعارف" على حد قولهم . مواقعها المعزولة فرضت حضرا للبيع و إذا كانت وضعية المحلات مثلما تحدثنا عليه في السابق ، فانه على مستوى بلدية عين تاقورايت أو "برار" كما يطلق عليها الجميع و بالضبط عند حي الخشني ، حيث أن المار من هناك سيلاحظ منذ الوهلة الأولى أن حريقا أصابها أو دمارا خربها لشدة اهتراءها و إهمالها، كما أن موقعها يوحي بالخوف من الإصابة بداء بسبب وضعيتها المعزولة ، و لربما كانت السبب في هجران مستفيديها على الرغم من توفرها على شروط العمل ، في الوقت الذي وجدنا فيه شاب في مقتبل العمر يعمل هناك بعد أن حول محله إلى مقهى يستقبل المواطنين بما فيهم الوافدين على اعتبار إن المنطقة ساحلية و تطل على البحر ، مشيرا انه فضل إعادة ترميمها بإمكانياته الخاصة على أن يبقى مقعد ، و هو الآن يزاول نشاطه بشكل يومي ، في حين تبقى المحلات المتواجدة بجواره خالية تماما بل و مهمشة لدرجة أن أبوابها كسرت و تحولت إلى فضاء للعب الدومينو و القمار ، فضلا عن غياب النظافة بها بسبب العبث فيها ، و الروائح الكريهة التي تنبعث منها . محلات تتوسط المزارع فمن المستفيد أما على مستوى بلدية بورقيقة الواقعة أقصى شرق الولاية ، فتبقى محلات الرئيس عرضة للتخريب و الإهمال ، خاصة المتواجدة بمزرعة الحاج قضاي ، حيث أكد سكانها أنها تحولت إلى مفرغة عمومية تتجمع فيها أوساخ المواطنين بدل وضعها في القمامات المخصصة لها ، مطالبين باتخاذ التدابير اللازمة لإنقاذها مما هي عليه ، بعد أن تعرضت لشتى عمليات الكسر و خاصة على مستوى الواجهة التي لم تسلم بالرغم من بنائها بالحديد ، و البلاط الذي سرق بعد أن اقتلعه مجهولون من الأرض ، فضلا على الأسوار التي تعرضت لعمليات التكسير ، و نفس الشيء بالنسبة للنوافذ و الأبواب ، إلى جانب عمليات النهب التي طالت الأعمدة الكهربائية ، و الأوساخ المنتشرة هنا و هناك في وضعية كارثية وتحولها إلى ملاذ لبعض الشبان المنحرفين بعد أن اتخذها أصحابها أوكارا لشتى أنواع الرذائل هذا و كان السكان، قد ابدوا غضبهم إزاء تماطل السلطات في إعادة ترميمها مقابل ارتفاع نسبة البطالة بالمنطقة ،على خلفية افتقارها للعديد من المرافق الضرورية التي من الممكن أن تنقذ شبابها من دائرة البطالة و الانحرافات الأخلاقية التي أصبحت تعج بها المحاكم اليوم ، و الغريب من كل أن وضعيتها تزامنت مع وجود المزارع و البساتين و بعيدة كل البعد عن المجمعات السكنية . إيمان.ق