أكد العديد من الأشخاص ممّن فتحت معهم الجزائرالجديدة موضوع الصداقة ، أنه لا يمكن الحكم بشكل مطلق على عدم وجودها، ولكن يمكن الإشارة إلى أن ملامح زوالها بدأت بالظهور مقارنة بالجيل السابق . صديقات تذوقن حلاوة الصداقة في حديثها قالت "أسماء" أنها تؤمن بالصداقة ، فالفرد يستطيع أن يعيش لمفرده مدة زمنية معينة ، لكن ليس من الطبيعي أن يُعزل نفسه نهائيا عمن يحيطون به، فمن الضروري أن يُعبر عن مشاعره مع شخص يثق فيه ، فيبوح له بأسراره لكي يرتاح نفسيا، وأكدت لنا أنها لولا صديقتها المفضلة التي ساعدتها ووقفت بجانبها أيام مرضها المزمن لانهارت، وأضافت ليندة أنها الفتاة الوحيدة في العائلة ، الأمر الذي جعلها تتخذ من جارتها فريال صديقة لها، فهي بمثابة الأخت التي لا طالما افتقدتها ، فهما الآن تعيشان الحياة و تتقاسمانها بحلوها ومرها. أما "مريم" فكانت وجهة نظرها أن الصداقة غير موجودة نهائيا ، وأنها تفضل أن تتخذ من والدتها صديقة لها أحسن من أي شخص آخر. النفاق يدفن أسمى معاني الصداقة
ذكرت لنا عبلة أن الإنسان بطبيعته الغريزية أناني ويحب نفسه ، فلا يضحي من أجل غيره لأن غريزة حب الذات موجودة في كل شخص ، كما أن مشاكل الحياة والصعوبات التي يواجهها الفرد ، تدفع الشخص إلى العمل على تحقيق طموحاته وأهدافه ولو على موضعها القاموسي السليم ، لأن النفاق في عهدنا الحالي يدفن أسمى معانيها ، ويمكن الإطلاق عليها مصطلح صداقة مؤقتة ، لكونها تزول بزوال المصالح المرتبطة بين الطرفين . و أضاف محمد 60 سنة، أنه يوافق عبلة في وجهة نظرها فكيف لأشخاص أزاحوا من ذاكرتهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم : "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه" أن يدرك قيمة هذه الكلمة الثقيلة في نظر من يعرف قيمتها ، فهو يقول أن الأصدقاء الحقيقيين لم تأخذهم مشاغل الحياة ، وإنما سنة الحياة "الموت" هي التي فرقتهم ، لكن نخوة هؤلاء تبقى مرسوخة ومنقوشة في الذاكرة. الصداقة في سجل نسيان المرأة بعد زواجها من وجهة نظر زينب فإن الصداقة غالبا ما تتدهور بعد دخول المرأة القفص الزوجي ، فتدخل صديقاتها في سجل النسيان والماضي، بحيث تصبح منشغلة بحياتها الجديدة فتنسى صديقاتها رغم وقوفهن إلى جانبها أيام تحضيرات الزفاف. هل توجد الصداقة بين الرجل والمرأة في حديثنا إلى الأشخاص الذين ناقشونا في الموضوع أشارت لنا "سلمى" أنها تفضل أن تتخذ من الجنس الآخر صديق وخليلا لها ، بحجة أن المرأة غيورة بطبعها وتغار من أقرب الناس إليها ، على عكس الرجل فهو لا يهتم بهذه التفاهات فصديق الرجل هو أحسن الأصدقاء ، خاصة وإن أصبح صديق العائلة مشيرة إلى أنه لابد من الاحترام والتقدير المتبادل بين الطرفين ، في حين يرى الكثيرون بحكم المجتمع المحافظ الذي نعيش فيه أنه لا يمكن للصداقة أن تجمع بين الرجل و المرأة خشية الوقوع في أمر آخر ، عملا بمقولة ، يمكن للصداقة أن تتحول إلى حب ، ولا يمكن للحب أن يتحول إلى صداقة .
وبين صداقة الأمس واليوم ، لا يمكننا سوى الإقتداء بأسلافنا في فرض هذه العلاقة المفعمة بالمشاعر، و أكثر ما يهم في الأمر الاختيار الصائب للخليل و الصديق الذي نقاسمه مشاعرنا و أحاسيسنا عملا بالحديث القائل : " المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل " .